صحوت صباح أمس على سرادق كبير يُقام بمنتصف الميدان، اعتقدت فى البداية أن أحد كُبراء الحى قد وافته المنيّة، لم أستغرب ذلك فجميعهم قد عمّروا فوق ما تخيّلنا وتجاوزوا أعمار كبراء الأحياء المجاورة حتى شبّ الصبية عن الطوق ثم أصابتهم الكهولة واقتربوا حثيثا من شيخوخة وهرم .
تزيّن السرادق من الخارج بحبال من لمّبات كهربية ملوّنة، اعتلت بعض "الميكروفونات " العملاقة أعمدة الإنارة المطلّة على مداخل الميدان . فوضح أن مناسبة سارة وأن الليلة ستكون فرحا كبيرا، اعتصمت بشرفة منزلى لمشاهدة الحدث الكبير ، ووضعت كرسيا بمسند وثير يطل على المسرح الذى يحتل صدارة السرادق.
وبحلول وقت العصر مُد خوان كبير رُصت عليه مئات الأطباق التى احتوت على أطعمة مختلفة، ثم انطلقت موسيقى راقصة صادحة أصمت الآذان واشتعلت اللمبات الكهربية إنارة ملوّنة أغشت عيوننا .
جلست أرقب الفرح ، انتظرت طويلا أن يدخل السرادق أحد دون جدوى فقد ظل خاويا وبجواره مائدة عامرة بألوان طعام وحلويات شهيّة ، وزاد الأمر غرابة أن سكّان الحى وزائريه من المترددين على المحال التجارية وغيرها قد اختفوا جميعهم ، أصبحوا اثرا بعد عين ، بينما تشبثت بالكرسى الخشبى بشرفة منزلى المطلّة على المسرح .