يختلف الواقع من شخص لآخر، فالبعض يعتقد أن الواقع هو شكل الحياة، الذى فُرِضَ على الإنسان، بحُلْوه ومُره، وقد يكون هذا منطقيًا من وجهة نظرهم، ولكن هناك وجهة نظر أخرى، مناطها أن الواقع هو قدرتنا على اختيار وتغيير شكل حياتنا، بما يتلاءم معنا، فالحياة كما هي، والمُقومات أيضًا كما هي، ولكن الذى يختلف، هو نظرة الإنسان لحياته ومُقوماتها، فهناك من يستسلم ويخنع للظروف، وهناك من يتحدى ويُصِرُّ على أن يصنع حياته بيده، ولا يجعلها تفرض قيودها وأحكامها عليه، فالفطرة التقليدية للواقع والحياة، هى التى تجعل الكثيرين يظنون أن الزمان هو الذى يعيشهم، وليس هم من يعيشونه، أما من يُصِرُّ أن يفرض قوانينه على الحياة، ويُثبت قُدرته على التعايش، بما يُرضيه ويُناسبه، فهو من يعيش هذه الحياة، ويجعل منها أداة لإسعاده.
وإليكم هذه القصة، التى تحكى عن أحد الفلاحين، الذى كان يملك قطعة أرض صخرية، وبصعوبة، استطاع أن يَعول أسرته؛ لعدم إنتاج الأرض للغلة الوافرة، فمات هذا الفلاح، وترك المزرعة لابنه، فأراد الولد أن يحفر الصخر، ويفرش الأرض بالتراب؛ ليجعلها صالحة للزراعة، وبعد الحفر والتنقيب، وجد الابن فيها ثروة عظيمة، فلقد وجد منجمًا من الذهب، لا يُقدر بثروات هائلة، فالوالد كان يملك نفس القطعة من الأرض، لكنه عاش ومات فقيرًا، أما الابن، فقد حصل من نفس الأرض على ثروة طائلة.
فالأرض هنا، ترمز إلى الحياة، والأب والابن يرمزان إلى وجهات النظر المتباينة بين البشر فى الحياة، فكليهما امتلك نفس الأرض، ولكن أحدهما عاش فقيرًا، والآخر عاش ثريًا، والحياة كذلك، يعيشها كل البشر، ولكن بعضهم يحياها وهو ملك مُتوج على عرشها؛ لأنه يُصِرُّ على أن يُذلِّل العقبات، ويقهر الصعوبات، ويستمتع بحياته لأقصى درجة ممكنة، والبعض الآخر يستسلم للقيود، ويرضخ للظروف، ويعيش وفق أسلوب نمطى قاتل.
وأخيرًا، فالأرض ملكنا جميعًا، ولنا أن نختار، إما أن نأخذها على حالها ونعيش فقراء، وإما أن نُنقب فيها؛ حتى نحصل على مناجم الذهب، ونحيا ملوكًا على عرشها، فالفارق بين البائس والسعيد، هو الرغبة فى التنقيب فى أرض الحياة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة