محمد بغدادى يكتب : الولايات المتحدة تتحدى العالم لحماية قرارها

الجمعة، 29 ديسمبر 2017 10:00 ص
محمد بغدادى يكتب : الولايات المتحدة تتحدى العالم لحماية قرارها ترامب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك سوء تقدير حدث من الإدارة الأمريكية حينما أعلنت قرارها باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيونى، فلقد خرج القرار الأمريكى بدون دراسة متأنية لطبيعة الوضع العربى والإسلامى وغير قائمة على معطيات راسخة تحفظ ماء الوجه الأمريكى أمام شعوب العالم التى تعلم تماماً أن القدس عاصمة لدولة فلسطين، وبهذا لم تحاول الولايات المتحدة تغيير وجهة نظر الدول نحوها.
 
 أن هذا التحول فى سياسية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه القدس هو تطور كارثى ووضعت به الولايات المتحدة نفسها فى موقع الانحياز المباشر للاحتلال وخرق القرارات الدولية؛ وبالتالى فإنها عزلت نفسها كوسيط لعملية السلام، وضربت بالقرارات السابقة عرض الحائط وخرجت بمكسب وحيد وهو توطيد علاقتها بإسرائيل ؛ مما سيعطى مساحة كبيرة لأطراف دولية أخرى من التدخل وسحب البساط من يد القطب الأمريكى الذى قاد النظام الدولى منذ بداية التسعينيات وانهيار الاتحاد السوفيتي. فلم تدرك الولايات المتحدة تداعيات قرارها الذى أتى بدون معرفة التداعيات الإقليمية والدولية . 
 
ويبدو أن النظام الرئاسى داخل الولايات المتحدة لم يؤتى ثماره عندما تقلد ترامب منصب رئيس الدولة الأمريكية حيث بدت شخصية الرئيس الأمريكى هى المسيطرة على آداء الإدارة الأمريكية، ويبدو أيضاً أن طبيعة شخصية الرئيس اصدار قرارات بدون بحث البيئة الداخلية والخارجية والظروف السياسية والإقتصادية والاجتماعية التى يشملها القرار .
 
 ومن جهتها عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، جلستها بطلب مسبق آتى من اليمن وتركيا كممثلين عن المجموعتين العربية والإسلامية. وجاءت نتيجة التصويت كارثية بالنسبة للولايات المتحدة حيث وافقت 128 دولة على سحب الولايات المتحدة اعترافها بدولة بالقدس عاصمة لاسرائيل، ورفضت تسع دول، وامتنعت 35 دولة عن التصويت. كما جاء نص قرار الأمم المتحدة على أن "أى قرارات وإجراءات تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس أو وضعها أو تركيبتها الديمغرافية ليس لها أى أثر قانوني، وأنها لاغية وباطلة ويجب إلغاؤها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
 
 ومن جهته لم يبالى الرئيس الأمريكى بقرار الأمم المتحدة وهدد بقطع المساعدات المالية عن جميع الدول التى صوت مندوبوها فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح مشروع قرار يدعو الولايات المتحدة لسحب اعترافها بمدينة القدس عاصمة لدولة إسرائيل. وبذلك تطيح أمريكا بقرار المنظمة الدولية وتقف بالمرصاد لكل من صوت لصالح القرار، فى خطوة هى الأولى من نوعها وتحدى للإرادة الدولية؛ مما جرأ عليها الدول الأخرى التى رفضت قرارها. وبات على الولايات المتحدة فى المستقبل القريب أن تتحرك دبلوماسياً لتقنع الدول الأخرى بطبيعة قرارها، وأرى أن ذلك من الصعوبة بمكان أن يحدث فى ظل هذه الأجواء الملتهبه. كما أن حجم الخسائر التى جنتها ولا زالت تجنيها الولايات المتحدة من قرار ترامب أكبر كثيراً من حجم المكاسب، ففى السابق كانت الولايات المتحدة تتعامل مع القضية الفلسطينية بشكل توازنى إلى حد ما وإن كانت الكفة تميل غالباً لصالح اسرائيل، لكنها الآن تنهى عملية السلام بقرارها. فبات على الإدارة الأمريكية أن تبحث وتدرس كيفية الخروج الآمن من تداعيات هذا القرار، الذى احرجها أمام دول العالم. فكيف لدولة واحدة أن تحارب هذا الجمع من الشعوب المختلفة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة