أكرم القصاص - علا الشافعي

جمال أسعد

ماذا بعد العزلة الأمريكية؟

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017 10:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد أن أخذت الظاهرة الاستعمارية الاستيطانية العنصرية المسلحة والاحتلالية، أشكالاً أخرى متعددة ومتنوعة، مثل الاستعمار السياسى والاقتصادى والثقافى... إلخ، للأسف الشديد مازال الاستعمار الصيهونى الإسرائيلى العنصرى والاستيطانى قائما ومتفردا فى العالم على أرض فلسطين، خاصة بعد انتهاء النظام العنصرى فى جنوب أفريقيا. 
 
القضية الفلسطينية هى قضية عربية وإسلامية ومسيحية، بل هى قضية عالمية، وذلك لأن الحق الفلسطينى بالرغم من كل التبريرات الكاذبة والأساطير الدينية المزورة والمساعدات الاستعمارية البغيضة، هو حق تاريخى ودينى وجغرافى وقانونى مهما زور المزورون. 
 
ولذلك وبالرغم من التغيرات السياسية والعالمية والاستراتيجية التى أنزلت إمبراطوريات وصعدت إمبراطوريات أخرى ذلك بعد اضمحلال الإمبراطورية البريطانية وإحلال الأمريكية مكانها، وبالرغم من تطابق المصالح الاستعمارية بكل أشكالها مع التواجد الصهيونى على أرض فلسطين بالرغم من معاهدات السلام المنقوصة والتى ساهمت وأسست للتشرذم العربى بالرغم من تلك التغيرات الدراماتيكية التى حلت بالواقع العربى من وجود علاقات غير شرعية وغير معلنة مع الكيان الصهيونى، وبالرغم من استغلال ذلك الربيع العربى وتحويله إلى ربيع عبرى من خلال خطط استعمارية تهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية، وبالرغم من تطبيق ما يسمى بصراع الحضارات والثقافات والأديان الذى نظر له هنتتجتون وعن طريق توظيف واستغلال ما سمى بالصحوة الإسلامية، وتدشين تنظيم القاعدة، وإلحاق داعش وأخواته معهما حتى يكون ذلك الصراع الإسلامى الإسلامى لحساب ضمان الأمن والأمان الإسرائيلى، وبالرغم من الصراع المؤسف الفلسطينى الفلسطينى. وبالرغم من خفوت زخم القضية الفلسطينية بعد النتائج السلبية للربيع العربى، وإحلال الفوضى بالعراق وسوريا واليمن وليبيا، وتقسيم السودان، وتأجيج الصراع الطائفى فى لبنان، ومساعدة الإرهاب فى مصر بكل السبل والإمكانيات، بالرغم من تلك المحاولة الخبيثة والتى حاولت ولازالت تحاول الالتفاف لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الكبير الذى يضم بين جنباته الدولة الصهيونية تحت مزاعم السلام فى المنطقة تحت مسمى صفقة القرن والتى كان من أهدافها محاولة تطبيق مبدأ الوطن البديل الذى تكلمت عنه بكل بجاحة الوزيرة الإسرائيلية فى القاهرة، بالرغم من ذلك ومن غيره كثير.
 
 وجدنا وبعد قرار ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، بالرغم من تحذير ورفض الدول العربية وكثير من دول العالم لهذا القرار. وجدنا عودة القضية الفلسطينية لذات الزخم، بل أعلى بكثير مما كان قبل ذلك، وقد تجلى هذا الزخم وتلك العودة فى نتائج التصويت فى مجلس الأمن على مشروع القرار المصرى برفض وعدم شرعية قرار ترامب للشرعية الدولية بنسبة 14-1 وهو الفيتو الأمريكى الذى اعتاد عليه العالم فى التصويت لصالح إسرائيل أبدا ودائما، حتى لو كان هذا يتم فى مواجهة الرأى العام العالمى بأجمعه.. ولم يقتصر الأمر على التصويت فى مجلس الأمن فقط. 
 
ولكن، وهذا مهم جدا، كان ذلك الإجماع الذى حدث تجاه ذات القرار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى مواجهة تسع دول وامتناع خمس وثلاثين دولة عن التصويت وموافقة مائة وثمان وعشرين دولة فى مواجهة وصد قرار ترامب، بل إن هذه النتائج التصويتية، أيا كانت، نتائج تحقيقها على أرض الواقع هى كشف لواقع عالمى جديد، وإسقاط لكثير من الأقنعة الأمريكية الزائفة، وفضح لشعارات ديمقراطية كاذبة، وتأكيد للادعاءات والشعارات التى تزعم التمسك بالشرعية والقانون الدولى. 
 
فأمريكا ومنذ عشرينيات القرن الماضى أدعت ولاتزال بأنها مع الحرية «تمثال الحرية»، وأنها مع حق تقرير المصير ومع الديمقراطية، وتم سحق العراق بزعم نشر هذه الديمقراطية الزائفة، وأنها مع حقوق الإنسان «تستغل هذه الورقة للتدخل فى شؤون الدول بزعم حماية الأقليات الدينية». هنا قد تم كشف المكشوف وتعرية المعرى.
 
 أمريكا دائما منحازة لإسرائيل، نعم هناك أكثر من 185 قرارا لفسلطين وسبعة وعشرين قرارا للقدس أنها محتلة لا تضم لإسرائيل قبل حل المشكلة برمتها، نعم لا نرى تطبيقا على أرض الواقع لكل تلك القرارات، ولكن الجديد هو ذلك الموقف الدولى المتكامل فى مجلس الأمم وهيئة الأمم وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الإسلامى، والأهم الرفض الشعبى والرأى العام العالمى الذى دفع دول العالم التى تحترم الشرعية الدولية إلى أن ترفض هذا القرار، الآن سقطت أى مصداقية لأى دور أمريكى يتحدث عن محادثات للسلام. الآن هناك شبه توافق دولى على حل المشكلة على أساس الدولتين وعاصمة فلسطين القدس الشرقية.
 
لكن هذا الزخم العالمى وذلك الموقف الدولى لا ولن يكون هم الحاسم للحل الحقيقى واستعادة الحق الفلسطينى بغير الدور والنضال الفلسطينى الذى يعتمد على الإصرار على استعادة هذا الحق، وهذا لن يكون بغير توحد فلسطينى حقيقى وتوافق عربى بعيدا عن التحالفات التحتية والمصالح الذاتية على حساب الشعوب العربية.
 
 آن الأوان لإسقاط وتعرية الدور الأمريكى المنحاز وإفساح المجال لدور دولى حقيقى خاصة بعد موقف فرنسا وروسيا والصين خاصة أن العزلة الأمريكية وتلك الضربة الدبلوماسية التى وجهت إلى ترامب تفتح الباب لذلك الدور، بل لا نبالغ إن قلنا إنها يمكن أن تكون الخطوة الأولى فى إعادة تشكيل النظام العالمى الجديد، فهناك قانون تاريخى يسقط ويقيم الإمبراطوريات، والإرهاصات والبدايات تقول إن التعددية العالمية قد عادت سريعا بعد تفرد أمريكا بالعالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، فهل يمكن أن نستغل هذا الواقع وذلك التغير بشكل صحيح يعيد لنا الحق ويسترجع الدور العربى فى المنطقة والعالم؟ 
 
ستظل قضية فلسطين قضية حق شعب ظُلم وسرقت منه أرضه، وفى ذات الوقت ستظل القيم والأخلاقيات والقانون قائمة، لأنه لا يوجد التفرد المطلق للخير أو للشر. ولكن كيف نتقابل ونتوحد ونتوافق ونتصالح من أجل حق الشعوب وحريتها، حتى تضمن النظم السياسية البقاء الصحيح. إن إرادة الشعب هى إرادة الله.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة