أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 ديسمبر 1968.. «أم كلثوم» تقدم حفلها الأول فى السودان لصالح المجهود الحربى.. وجماعة الإخوان تهاجمها

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 ديسمبر 1968.. «أم كلثوم» تقدم حفلها الأول فى السودان لصالح المجهود الحربى.. وجماعة الإخوان تهاجمها أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سهر السودانيون حتى مطلع الفجر مع أم كلثوم فى حفلتيها على مسرحى «أم درمان» و«الخرطوم» يومى 26 ديسمبر «مثل هذا اليوم»، و30 ديسمبر من عام 1968، وابتهجوا بروائعها «فات الميعاد»، و«هذه ليلتى»، و«الأطلال»، غير أن جماعة الإخوان هناك هاجمتها بعنف.
 
كانت الحفلتان ضمن حفلات قدمتها «كوكب الشرق» فى عواصم عربية، وباريس، ومحافظات مصرية، لصالح المجهود الحربى، ولإعادة بناء الجيش المصرى بعد نكسة 5 يونيو 1967، ولأنها «سيدة الغناء العربى» كانت بعثات صحفية ترافقها فى هذه الحفلات، وكان ممن رافقوها فى رحلة السودان الكاتبان يوسف الشريف، أحد أبرز المتخصصين المصريين فى الشأن السودانى، والناقد رجاء النقاش، ويذكر «الشريف» فى كتابه «السودان وأهل السودان» عن «دار الشروق - القاهرة»: «غناؤها فى السودان كان حدثًا ثقافيًا يفوق كل إنجازات أجهزة الإعلام والثقافة والدبلوماسية المصرية منذ استقلال البلدين فى الخمسينيات».
 
أما «النقاش» فانبهر مما رآه، خاصة أنه، وحسب تأكيده فى كتابه «لغز أم كلثوم» عن «دار الهلال - القاهرة»: «قيل فى البداية إن الشعب السودانى لم يتعود على الأغانى الطويلة، وهناك خوف كبير من عدم الإقبال على حفلاتها، فالذوق العام فى السودان يميل إلى الفنون الراقصة السريعة الخفيفة، ولا يطيق الصبر على فن مثل فن أم كلثوم، يحتاج إلى مزاج يتذوق الأغنية الطويلة والسهرة الفنية التى تمتد إلى ساعات وساعات، ولكن الذى حدث أن هذه التحذيرات والتنبؤات لم تكن فى موضعها، فقد سهر السودانيون مع أم كلثوم ورحبوا بها ترحيبًا حارًا رائعًا».
 
يؤكد «النقاش» أنه عندما نظر إلى الآلاف الذين حضروا الحفلتين، ورأى ترحيب الجمهور الكبير وحرارته نحوها، خطر على باله سؤال عن تفسير كل هذا الإعجاب وهذا الحب الذى يعد ظاهرة شاملة فى العالم العربى كله، وطرح هذا السؤال على كتاب وشعراء ومفكرين معروفين فى السودان وخارجه من أنحاء الوطن العربى حضروا الحفلتين، فأجاب الشاعر السودانى الكبير محمد المهدى المجذوب: «أم كلثوم فى نظرى مثل ديوان الشاعر أحمد شوقى، فديوان شوقى يحظى بنوع من الإجماع الفنى والأدبى، وسيظل باقيًا فى أذهان العرب، ونحن نعود إليه إذا أردنا أن نعود إلى جوهر العلاقة الأصيلة بين المواطنين العرب فى كل مكان»، وأضاف «المجذوب»: «نجحت أم كلثوم فى السودان نجاحًا كبيرًا، وهزت جماهيرنا هزة وجدانية عنيفة، وذلك على عكس ما كان البعض يتصوره، وفى ظنى أن السبب الأكبر فى ذلك، بالإضافة إلى فنها العظيم، هو أنها مست الإحساس العربى عند السودانيين مسًا مباشرًا، بنطقها العربى السليم، وباختيارها القصائد العربية الممتازة، وبأدائها المرتبط فى أصوله بتجويد القرآن.. زيارة أم كلثوم رفعت بلا مبالغة من شأن الثقافة العربية فى السودان، فالاحتفال بها كان مهرجانًا للثقافة العربية، وهذا ولاشك سيكون له أكبر الأثر فى السودان حتى على الناطقين بغير اللغة العربية».
 
كان المستشرق الإنجليزى دينيس جونسون ديفيز حاضرًا فى الحفلتين، فأجاب عن سؤال «النقاش»: «أنا أحس بجمال صوت أم كلثوم وروعته، لكننى فى الحقيقة أجد نفسى عندما أحضر حفلاتها أمام سؤال: لماذا الإعجاب بهذه الطريقة العنيفة المنفعلة غير العادية؟ لماذا يصيب الشباب كل هذا الاضطراب العصبى والنفسى عندما يستمعون إليها؟.. هذا ما أحتاج إلى تفسير له، هى طريقة متوترة وتبدو أحيانًا غير فنية وغير سليمة».
 
كان الكاتب اللبنانى المعروف أمين الأعور حاضرًا، واستمع مع «النقاش» إلى إجابة «ديفيز» فعلق: «سر هذا الإعجاب الكبير العنيف هو فى موضعه، وله ما يبرره ويفسره، فصوتها يمثل قمة حلقة التراث الكلاسيكى العربى الغنائى، هى وحدها تمثل التراث الغنائى العربى فى أنقى صوره وأجملها، هى وحدها سيدة الغناء العربى بتقاليده اللامعة»، ثم انتقل «الأعور» إلى زاوية أخرى غير شائعة قائلًا: «فى السودان بالذات أخذت حفلات أم كلثوم طابعًا فنيًا وسياسيًا فى وقت واحد، ولعلنا نلاحظ أن صحيفة الإخوان وهى صحيفة الميثاق، هى وحدها التى شنت هجومًا عنيفًا على أم كلثوم باعتبارها رمزًا للتراث القوى العربى، وهاجمها الإخوان رغم أنها تعتبر «محمدًا» عليه السلام الرجل الأول النموذجى فى رأيها، وتعتبر المرأة النموذجية المثالية هى «خديجة»، وتعتبر الشريف الرضى وهو من آل بيت الرسول، شاعرها النموذجى، فلماذا إذن يهاجمها الإخوان؟، السبب هو سياسى واضح، ففى فن أم كلثوم وفى آرائها ومواقفها المختلفة نجد ارتباطًا بين الإسلام والعروبة، والإخوان لا يؤمنون بالعروبة، هم يريدون إسلامًا ضد العروبة وضد قومية العرب، وضد آمال الشعوب العربية، لأنهم يؤمنون بشىء آخر، هو ما يسمونه بالقومية الإسلامية».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة