حبيبتى لم يمض يوم على فراقك لكنى أفتقدك كثيراً ومازالت ذكرياتك تملاً وجدانى وتهدأ من روعة الفؤاد، فى تمام الساعة الرابعة وبعض الدقائق وصلنا إلى القرية البيضاء جنة سفاجا وهذا اسمها ودخلنا وسط ترحاب من المضيفين مع العلم بأننى وافقت مبدئيا على العمل بوظيفة " إستيوارد" مؤقتاً لحين انتظار فرصة وهذه الوظيفة لم تكن كما ينبغى أن أكون بها فهو عمل شاق للغاية ولكنه سهل،تعرفت على رؤسائى بالعمل، وكنت منبهراً بالقرية فهى مبنية على الطراز الأوربى وتطل على البحر الأحمر بمياهه الزرقاء التى تأخذ الألباب.
وهكذا صدرت لنا أوامر بالذهاب إلى محل إقامتنا وهو عبارة عن فندق متواضع يبعد عن القرية بحوالى 10 كيلو وهو خاص بالعاملين بقرية جنة سفاجا القادمون من خارج المدينة، وبالفعل وصلنا إلى ذلك الفندق المتواضع المكون من دورين أرضى وعلوى فقط وكان الجوع يحكمنا فطلبوا لنا طعام الغذاء وكان طعاماً سيئاً أشبه بطعام السجون ولكن لأننا جوعى فقد تناولنا الطعام وهو عبارة عن كشرى ولكن كل تفاصيله كانت عجيبة، ثم ذهبنا بعد ذلك إلى حجراتنا وكان نصيبى مع اثنين من الزملاء فى حجرة واحدة أحدهما ويتر ( ساقى ) والأخر باص بوى ( مساعد ساقى ) وفعلاً تم التعارف هما من حى الزيتون بالقاهرة، أما الحجرة فهى متواضعة جداً تضم أربعة من الآسرة وكنا ثلاثة فقط،فراشى الخاص بى تحت شباك يطل على البحر ويدخل منه الهواء النقى، أما الآن فلدينا مشكلة بسيطة،فقد صدرت أوامر بالعمل بوردية الليل من 11 م إلى السابعة صباحاً، وأظل طوال النهار بلا عمل.
بالمناسبة سأمكث بالقرية لمدة 45 يوماً قبل الحصول على إجازة أسبوعية للنزول للقاهرة، أتعلمين لو كنت عملت بالقاهرة لكان أجرى أكثر من الحالى وأكون على الأقل بجوارك يا توأم حياتى، أشعر بالندم وأمر بحالة اكتئاب مؤقت وأشعر أننى أريد أن أبكى كالأطفال، فأنا لا أحب الفراق لا للحبيب أو للأهل أو للأصدقاء أو للحى الذى نشأت وترعرعت فيه، أه من قلة حيلتى يا حبيبتى، سأقوم لأتوضأ وأصلى الظهر قضاء وخلفها العصر مباشرة، زملائى بالغرفة يتملكهم الأمل والمرح والتفاؤل وهذا ما يهون على قليلاً،
بعد الصلاة ذهبت فى نوم عميق من إرهاق السفر حتى يتثنى لى العمل بوردية المساء،و لكن هيهات لم أعرف للنوم طريقاً من قوة طنين الذباب، أو ربما من القلق والتوتر فى انتظار المجهول، فقمت أبحث عن سنترال لكى أقوم بالاتصال بأهلى، لكنى فشلت فى الحصول على سنترال.
لم أترك فرضاً من الصلوات الخمس، وبعد ذلك قمت بالذهاب إلى القرية البيضاء مساءاً لأستلم العمل وأنا فى غاية الإرهاق، فلم أنم منذ ليلتين نومى المعتاد ودخلت المطبخ حيث عملى الجديد إستيوارد وتعنى القيام بغسيل الأطباق على حوض المياه وأهم من كل ذلك قائدى فى العمل شاب صعيدى وباقى زملائى بالمطبخ صعايدة وأنا الوحيد بينهم من القاهرة الذى أعمل فى هذه الوظيفة وكانوا مندهشين جداً لوجودى بينهم وكأنهم يتساءلون لما هذا الشاب الفرفور بينهم فأنا متعلم وأجيد الإنجليزية وكانت فرصة لقائدى قد لاحت له ليقوم بالانتقام منى فى العمل فجعلنى أعمل مثل البقرة فى الحقل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة