ما فعله دونالد ترامب الرئيس الأمريكى بالتوقيع على قرار نقل سفارة بلاده إلى مدينة القدس والاعتراف بيهوديتها ما هو إلا حلقة من حلقات مسلسل ضياع القدس الذى دام خلال قرن من الزمان وأمام أعين الجميع، فالقدس ضاعت أكثر من مرة، ومخططات تهويدها والاستيلاء عليها كاملةً لم تغب يوماً عن أذهان اليهود الصهاينة، فهى حلم بالنسبة لهم ومغنم وجدوه سهل المنال والحصول عليه .
فى ذات الوقت لا خلاف على عروبة القدس .. ولا جدال على كون القدس مدينة محتلة مغتصبة .. ولا بديل سوى القدس ( الشرقية ) عاصمة للفلسطينيين كمدخل أساسى لحل القضية وإحلال السلام والاستقرار فى كلا الدولتين بل وفى كامل المنطقة العربية، فكل ذلك لا خلاف ولا جدال ولا بديل عنه ومسلم به على الأقل من جانبنا كعرب أصحاب هذه القضية، كما أنه أيضاً حقٌ بيّن يعضده التاريخ وتدعمه القرارات والمواقف الدولية التى تصب فى هذا الإطار ( القدس مدينة محتلة ) منذ نشأة هذه القضية، لكن وألف لكن أين نحن كعرب ؟ وما الذى قدمناه لصون عروبة القدس وردع مغتصبيها ؟ ألا نعلم أن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة هو منطق هذا الزمان ؟ وألا نعلم كذلك أن الحق لابد من قوة تحميه ونحن أصحاب حق أصيل فى هذه القضية ؟ .... إلخ الكثير من هذه الأسئلة المؤلمة التى تاهت إجاباتها وسط الأيام والليالى المظلمة لأمتنا العربية التى اكتفى حكامها طول الوقت بالمطالبة بتفعيل قرارات الشرعية الدولية بأن القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين والتحذير من خطورة تغيير الوضعية التاريخية والقانونية لها دون خطوات عملية على الأرض تدفع الأمور لتحقيق ذلك !!! إلى أن أتى ترامب بقراره الفاقد للشرعية والذى قلب طاولة المفاوضات على رؤوس الجميع .
لذلك من الواضح أنه مهما صدر من القرارات عادلة كانت أم ظالمة ومهما أتخذ من المواقف مؤيدة كانت أم رافضة ما يحلو للولايات المتحدة الأمريكية لاسيما سياسة فرض الأمر الواقع (من وجهة نظرها هي) لازالت تنتهجها اعتماداً على قوتها وإنفرادها - حتى حينه- بكل وسائل القوة والنفوذ فى العالم .