أتانا يلهث، يتصبب عرقا وعيناه زائغتان ويتلفّت يمينا ويسارا، كانت هيئته تثير الشفقة، فهدّئنا من روعه وأسرعت بإحضار كوب ماء ورجوناه أن يشربه حتى يذهب روعه .
وعندما تمالك نفسه سألته ما وراءه ؟
قال : أنكرنى كل من يعرفنى كأننى غير موجود، صحوت اليوم ومارست طقوسى المعتادة ثم ذهبت لعملى وأثناء سيرى فى الشارع وجدت الناس تنظر إلى كغريب بينهم أو ككائن وفد إليهم من الفضاء الخارجى .
تجاهلت نظراتهم واستأنفت طريقى حتى قدمت للباب الرئيسى، سألنى أحدهم وأعرفه جيدا وكم تسامرنا وتضاحكنا كثيرا : من أنت ؟ قالها بغلظة وقد علت وجهه نظرة رخامية باردة .
اعتقدت أنه يمعن فى المرح كعادته، فسايرته فقابل حديثى بغلظة أكثر وصلت لحد الوقاحة فلما علا صوتى منكرا طريقته، إذا بالمكان يعج بوجوه من زملاء أعرفهم جميعا وعايشتهم كثيرا، وجدت تجّهما فى الوجوه وقسوة فى العيون ثم علت أصواتهم بقبيح لفظ وارتفعت أيديهم محاولة النيل منى.
قلت : غريب ما تقول، ثم ؟
لا أدرى أو لم أعد أدرى ما يحدث أو ما يجب أن أفعل ! لقد عدت من فورى للمنزل بعد أن أحاطت بى إساءتهم واعتصمت بغرفتى حتى أقبل الليل فرأيت أن أحضر إليك عسى أن أجد تفسيرا لديك .!
قلت : لعلها مزحة سخيفة وأسأت أنت فهمها . بدليل أنى أعرفك جيدا ,أذكرك ولم أنكرك عندما أتيتنى الآن .!
قال : إذن فمن أنا ؟
قلت : أنت من كان غائبا وعاد فى غير آوانه، أنت من نُحّبه فى الأعماق ونكرهه علانية .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة