فايزة ربيع تكتب : صوت فى الجوار

الخميس، 14 ديسمبر 2017 06:00 م
فايزة ربيع تكتب : صوت فى الجوار زوجان - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كلما مرت الأيام كلما تركت فينا من آثارها وعثراتها ما يملأ القلب والعقل ، فنجد أنفسنا وبدون مقدمات قد فقدنا القدرة على تحمل ما كنا تستوعبه من قبل، وأحياناً لا يكون هناك بديل سوى الاحتفاظ بتلك التراكمات بين ثنايا أضلعنا، فليس لدى الجميع مهارة الإفصاح عما بداخلهم، فالأفضلية عادةً فى الكتمان إلى أن تتزاحم المشاعر وتكبت، وحتى إذا أردنا البوح بالقليل منها أبت ألسنتنا وتلعثمت وربما تخوننا عفويتنا فلا نجيد التعبير عما نشعر به عاجزين عن تقييم مواقفنا ومشاعرنا أصواب هى أم خطأ ؟! فتتملكنا الحيرة إلى من نَفر وإلى من سنركن إليه بمتاعنا فيجيد الاعتناء بها وبِنَا دون أن يوقعنا فى فخ الاستجواب ، فلا يوجد إحساس أجمل من أن تجد من يجيبك دون تصريح منك ملبياً نداء خاطرتك وهو يرفع عنك عناء التبرير والشعور بالحيرة ويقدم لك من الكلمات والمعانى ما يرضى عنك نفسك ، عادلاً فى الحكم عليك ، ناصحاً لك ومنصفاً أيضاً فى نفس الوقت ، مشبعاً لقناعاتك ، حاملاً عنك أعباء الشرح والتفسير.

فلا تدرى من أجابك ! أهى نفسك ولكنها سكنت إلى كيان آخر لشخص آخر يشبهك كثيراً، فإذا كانت الظروف والمسافات قد حالت بينكما ، إلا أن ذلك لم يمنعه أن يكون هو أسرعهم فى تلبية ندائك من خلال كلمات يسردها كل منا فى سطوره بدون توجيه متعمد أو إتفاق مُسبق .. ولكنها تصل للآخر فتجد إجابة يرتاح بها بالك ويطمئن بها قلبك .. وقد يجيبك من خلال روحه التى تسكنك .. فربما لم تكن أنت مسموعاً إلا لدونه فقط، فهو الملهم والسند ، وأحياناً أخرى يكون هو صوت العقل الذى يردك إلى نفسك كلما طافت بك أحلامك وحالت بينك وبين واقعك ، فقد تكون أنت من تراها أحلام يمكن تحقيقها ، ويراها هو أوهام ودوامة ربما لو استمرت كنت انت أول الغارقين فيها فيكون هو أول المنقذين لك منها.. وربما يكون ذلك القريب لا يزال بعيداً ولم تلتق به بعد إلا بداخلك فقط.. فأجمل ما يميز هذا التواصل أنه لا يحكمه زمان أو مكان، فهو لقاء بين الواقع والخيال ولكنه يحمل أصدق الكلمات وأنقاها..

قد يكون فى حياة كل منا ذلك الصوت الذى يلهمه ويتقاسم معه خواطره وأحلامه حتى المستحيلة منها ، فلا يهم إن كان صاحب هَذَا الصوت حاضراً أم غائباً فهو بداخلنا والإتصال هنا روحانياً وهذا ما يجعل اللقاء الحقيقى حتمياً وإن طال الانتظار ، فكم التقينا بأشخاص للمرة الأولى فشعرنا وكأنهم خُلقوا معنا فحين تلتقى العيون فالأرواح هنا كفيلة أن تكمل اللقاء وتتممه فقد التقت من قبل أن تلتقى وتعارفت ببعضها جيداً..

فحقاً من حالفه حظه فقط هو مَن وجد فى ذاك الذى يسكنه ، نصفه الذى سَيُكْمِلُهُ ويستكمل به وبعقلانيته وإتزانه عندما تميل العاطفة بأحدنا إلى الهاوية ، فكثيراً ما تغلب علينا المشاعر إلى حد قد يجعلنا نتمادى فى الفهم الخطأ للأمور ونحن فى غفلةٍ من ذلك إلى أن نجد من يقومنا ويأخذ بنا إلى حيث الواقع، فالإفراط فى تحكيم العواطف غالباً ما يؤدى إلى تغييب العقول ، مما يجعل الكثير من إختياراتنا حصيلة للندم فيما بعد، فعندما يغلب صوت القلب على صوت العقل حتماً سيختل التوازن.. فلا يُطفئ مصباح العقل سوا العواطف العاصفة، و هى حالة من حالات الضعف التى نمر بها فنصبح فى أشد الحاجة لمن يعيننا على قلوبنا الساكنة بداخلنا، ويذكرنا بأن (أحاديث القلوب بدون حسابات فهى دائماً مُطْلَقة فى الوقت الذى يجب علينا فيه تأجيلها لحين يتفكر فيها العقل والمنطق) لذا.. إن كنت تبحث عن الآمان حقاً..

ستجده فى كلمات وصوت ذلك الذى يحمل نصف نفسك، هو حتماً موجود، وربما يكون فى الجوار أو أقرب مما تتصور ولكنك لم تلتفت له، فقط ابحث عنه واصبر نفسك معه، ولا تكمل مشوارك فى الحياة وحيداً فكلنا بحاجة لأن نكتمل بنصفنا الآخر، فستجده حينما تُمعن النظر فيمن يهتم لأمرك حقاً، ويحنو عليك بكلمات تنير لك الطريق حتى وإن كانت تبدو فى ظاهرها قاسية فهى يقيناً لصالحك..

هو مَن ينصت إلى ما تعجز أنت عن قوله، ويبصر ما تخفيه عنك نفسك، هو مرآتك وصورة ذاتك التى أرادتك دوماً كياناً لائقاً بها،

فهو حقاً طبيبك إذا ما آلمتك جروحك.. هو فقط توأم روحك










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

Mahmoud

صوت في الجوار

رائعة جدا سحر الكلمات وروعة المعاني

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة