فى ذاكرة كل منا لحظة جميلة، حب أجمل، لقاء أروع.. وهناك أيضاً مواقف صادقة وباقية ببقاء آثارها ومدى إخلاصنا فيها..
فأحسنوا ودائعكم التى ستخبئونها فى طيات ذكرياتكم و ثنايا أرواحكم، فتلك هى طاقات النور التى تطغى على أوجهننا وكلماتنا، فبقدر نقاء ما تودعه داخل نفسك، بقدر ما ستجده سلام نَفْسِى بداخلك خالى من أى صراع، فلا شئ يستطيع أن ينتزعه أو يشوبه بشائبه وإن قامت الدنيا..
وليس هناك ما يستحق أن تهديه لنفسك سوى لحظات وذكريات وإنجازات حقيقية تستمد منها طاقتك النورانية التى ستنير لك مسيرتك وأنت تؤدى رسالة صادقة وحقيقية فى الأصل خُلقنا من أجلها، وما أيسر من تأديتها أن إلتزم كل منّا بدوره داخل نطاقه هو فقط، غير متطلع خارجه "فكل ميسر لما خلق له" ولكننا تناسيناها أو نُسِيَت لنا بكثرة اللغط والخائضين فيه،
فضلاً.. دعونا ننتبه لحصيلة أوقاتنا وما وصلت إليه قناعتنا، واهمس لنفسك مستفسرًا عن مدى رضاها عما تحققه من وراء كل لحظة مضت وقد بُذل فيها من الجهد والجدل! مما جعلنا نصنع من أتفه الأمور "قضايا" حتى أصبحت تلك القضايا مع الوقت محور إهتمامنا، والتى إذا أمعنا النظر جيدا بداخلنا سنجد أن كثير من تلك الأمور التى باتت تشغل أوقاتنا هى فى الحقيقة غير مجدية بالنسبة لنا ولا تشغلنا بصدق، إلا أن الكثير منا قد استهوته "المسميات" وقرر أن يخوض مع الخائضين لمجرد إثبات غرض فى نفسه، أو ربما تحقيق رغبة مكبوتة فى إثبات الذات لنفسها بأنها من ذوات المواقف وأصحاب القضايا التى بمقدورها أن ترفع "شعارات" اللا تراجع واللا إستسلام! بغض النظر عن مدى إيمانه بتلك القضية أو حتى القضايا التى تتعارض معها!،
فإن لم نستفيق من تلك الأدوار الوهمية التى تقمصناها وظلننا نبحث عن انتصارات لأنفسنا هى بعيدة كل البعد عن أدوار حقيقية تتمثل فى "الإعمار" نعم إعمار كل منا لنفسه أولاً كإنسان سَوى قادر على بناء بنيانة الذى سيسعد ويفخر به فى دنياه ويذهب به لربه وهو راضٍ عن نفسه وقد أتاه بكل ما أُمِر به عندما أصبح خليفة الله فى الأرض، ولكن نحن مكلفين بذلك الإعمار والبناء وَكُلٌ من مكانه وفى مجاله "فقط" وهو داخل مساحته "فقط" فإن لم تستطع التركيز فسيكون قدرك هو التشتيت والتيه! وحينها ستفقد الكثير! أو بمعنى أصح ستفقد فرصة تحقيق النجاح فى ظل إمكانياتك ومؤهلاتك التى خُلقت بها لتحقيق رسالتك التى هُيئت لها، والتى لا يستطيع أيضاً أن يقوم بها بديلاً عنك، فالكل سَيسُأل عما يخصه "هو" بداية من نفسه ثم مَن يندرجوا تحت ولايته ورعايتهم، وإن أراد البعض أن يخوض "جدالاً"!، بشأن مسؤليتنا جميعاً هى تغيير الكون بكل السُبل التى نجيدها أو حتى التى لا نجيدها إنقاذاً للبشرية! ستجد قولاً فاصلاً فى كتاب الله وهو: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".
لذا.. علينا الإهتمام بإصلاح أنفسنا أولاً حتى نصبح صالحين ومؤهلين لأداء دور حقيقى وهذا أن أردنا إصلاحاً حقيقياً، فلنبدأ بمسؤليتنا تجاه مَن كُلفنا برعايتهم كُلٌ من موقعه، وهذه هى قمة الرأفة بقدراتنا وقد حدد رسول الله صَل الله عليه وسلم تلك المسؤلية حينما قال: ((كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِى أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِى بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِى مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِى مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ))
فإذا أردنا حقاً أن نهنأ بحياة صادقة هادفة فلنبحث عما نتمناه بصدق من تلك الحياة.. ولا أرى أن هناك أجمل من أن نحيا حياة نشعر فيها بالسعادة المطلقة التى نبحث عنها طيلة الوقت، ولن تتحقق إلا إذا كان هناك هدف حقيقى نسعى لتحقيقه فى الدنيا ذاهبين به للآخرة كرسالة خلقنا من أجلها ووفقنا الله لإتمامها بصدق نوايانا دون الإلتفات لشهرة أو رغبةً
فإذا أردت ذلك! فذاك السبيل......
ابتعد قليلاً عن الضجيج.. واصمت كى تسمع ذاتك وامنح لها بعض اللحظات الخاصة بها، حتى تسكن نفسك وتطمئن، فحتماً ستستعيد صحوتها وتستفيق من غفلتها بعدما ضلت الطريق من كثرة اختلاط الحق بالباطل، وتتذكر لما خلقت له، ودعونا نسرق من هذا الزمان لحظات وذكريات وإنجازات تحقق لنا الرضا الكامل عن رحلتنا فى هذة الحياة حتى إذا أتممناها نكون قد حققنا ما نفخر به أمام أنفسنا، بدلاً من أن تسرقنا الحياة وتأتى النهاية ونحن بأيدى خاوية وقد سقطت منها كل الأعمال الواهمة والتى أضعنا الكثير من لحظات عمرنا فيها! فتستدير باحثين عمن ينقذنا ونسترجوه لنقول له "لحظة من فضلك" لنصلح فيها ما أفسده غرورنا وإنشغلنا بما يحقق لنا حب التطلع والظهور فقط!، ولكن "للأسف" فلا نملك حينها إلا قولاً واحداً "كنّا فى غفلةٍ من هذا"!
فقط.. للباحثين عن الحريّة وهدف وذكرى حقيقية: "حريتنا جميعاً ستبدأ من التحرر من قيود التناقض والإدعاء بما ليس فينا" ستحقق عندما نشعر بالرضا التام عن "لحظات" لم نلقى عليها اللوم بأنها "سرقتنا" وكنا نحن من ضحاياها!،
ولكننا إذا كنّا صادقين فسنقف أمام رب العالمين ونقول يارب تلك "لحظات" فيها إجتهادنا ولك أودعناها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة