عندما تكون مصر هى قبلة شباب العالم وعندما تنطلق منها مؤتمرات تتبنى مبادرات شبابية لصياغة رؤية تنموية هنا أثق أننا نسير فى الاتجاه الصحيح لمخاطبة العقول وتنمية الفكر والتواصل مع الاخر بغض النظر عن الاتفاق والاختلاف السياسى والعقائدى وهو أمر محمود فى حد ذاته وضرورة عصرية لكل دولة تسعى لبناء تطور ونهضة حضارية فبناء العقول وتطور الفكر يعد الركيزة الاولى التى يجب الانطلاق منها والتى يجب ان تكون حاضرة فى كل الرؤى التنموية .
فوجود فجوة فكرية بين الأجيال على مدى العقود الماضية وعجز السياسات والقيادات عن استيعاب الشباب والإيمان بقدراتهم والاكتفاء بتوجيه النصح والإرشاد بدعوى المسئولية والخبرة زاد من اتساع الفجوة بين جيلى الآباء والأبناء وأصبحنا مع العديد من دول العالم نعانى من اصطدام الفكر بين الأجيال ولم نعى المتغيرات العصرية التى سادت العالم مؤخرا . والتى خلقت عالما جديدا لجيل الشباب هذا العالم ملىء بالمتناقضات والإغراءات والتحديات . ومع اخفاق سياسات المنع والتسلط اصبح البديل الملائم متمثلا فى إيجاد مساحة تلتقى فيها أفكار الأجيال لتناقش قضاياها العصرية برؤية الشباب تعززها خبرة الأجيال السابقة .
والمبهر فى الأمر أن النقاش لن يكون محدودا بحدود الإقليم المحلى أو العربى وإنما تعداه ليتخذ طابعا عالميا . بحيث يتم استعراض الرؤى والأفكار والممارسات والسلوكيات الشبابية فى اكثر من منطقة وأكثر من ثقافة ولغة . وهو انفتاح مطلوب على الاخر للاستفادة من التجارب المميزة على الصعيد العالمى وبحث مدى إمكانية إسقاط التجربة على واقع الشباب المصرى والعربى وكذلك آليات دمجهم فى مؤسسات الانتاج ومراكز القيادة بعد التأكد من تأهيلهم لهذه المراكز .
وهنا نضمن ان مخرجات التعليم أتت ثمارها وأصبح بالامكان تحويل مخرجات التعليم الى عوائد اقتصادية وفكرية وهى الغاية المطلوبة من التعليم لاسيما اصحاب التخصصات النادرة والمهارات المميزة . وحين تدور عجلة البحث فلن تتوقف ولن تقتصر على قطر او ثقافة معينة خاصة انها عملية مدعومة بإرادة سياسية تضمن لها البقاء والاستمرارية ومع تطور الفكرة يجب ان تكون هناك لجان أو جهات معنية بمتابعة وتطبيق ما يتمخض عن هذه المؤتمرات من رؤى وتوصيات وألا تقتصر على ممارسات بحثية تظل حبيسة الأدراج وتتغنى بها وسائل الاعلام ثم تموت الفكرة ويصبح التلاقى مجرد ذكرى ورقم يضاف لمجموعة المؤتمرات السابقة التى لم تنتج اثرا ولم تتبنى ولو فكرة واحدة .
بقى ان نشير الى ملحوظة هامة والتى تتمثل فى تنقيح الرؤى والأفكار والتجارب العالمية بحيث تتلائم مع المجتمع العربى بتعدديته الاجتماعية والعقائدية وحتى لا تكون التجربة التنموية والتطور الفكرى على حساب قيم المجتمع وأخلاقياته خاصة ان هناك الكثير من الممارسات المستوردة التى تتعارض مع قيم المجتمع الشرقى وممارساته الاجتماعية ومعتقداته الدينية . أثق أن لدينا المقدرة على ذلك إذا ما أعملنا العقل والموضوعية وغلبنا مصلحة المجتمع على المصالح الحزبية الضيقة لضمان تبنى مبادرات ابداعية خلاقة تقودنا خطانا الى الأفضل .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة