محمد الدسوقى رشدى

منتدى شباب العالم يضرب العصافير بحجر واحد

الأحد، 12 نوفمبر 2017 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تبقى الفكرة النبيلة هى أصل الأشياء ومستقبلها، ويبقى من خلف الفكرة مصدر قوتها، إن أخلصوا تحولت على أيديهم من حلم إلى واقع، وإن صلحت النوايا فكل شتات وتشكيك وتشويش وشوشرة من حولها مهزوم ومدحور، تلك هى روح مؤتمر الشباب.
عام واحد هو عمر فكرة مؤتمرات الشباب، التى بدأت مستهدفة الواقع المحلى والإقليمى فى أكتوبر 2016 بشرم الشيخ، واحتفلت بعيدها الأول مستهدفة الواقع الدولى فى نوفمبر 2017 ومابينهما كانت الفكرة تتجسد واقعا وترسخ نفسها فى الساحة السياسية والأقتصادية والاجتماعية المصرية كواحدة من أفضل الأفكار وأكثرها تأثيرا فى روح المصريين وواقعهم السياسى منذ أحداث ثورة 25 يناير 2011 وربما قبل ذلك بسنوات.
 
ينسب الفضل لأهله، والفكرة وتنفيذها وتطورها والإصرار على نجاحها وتحولها إلى حدث فاعل فى الحياة السياسية المصرية منسوبة إلى رجال مكتب السيد الرئيس، وبرعاية السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه، وربما هنا يكمن سر النجاح، لأن أصحاب الفكرة هم فى أصل العمل المؤسسى للدولة المصرية يلقبون برجال ظل، يجتهدون ويبذلون كل ماهو مستطاع لإنجاح أفكارهم وهم يعلمون تمامًا أن القطعة الخاصة بالحصول على الشو الإعلامى أو الشعبى غير موجودة، يعلمون تمامًا أن نجاح عملهم سينسب للدولة المصرية ولمؤسسة الرئاسة لا لفرد أو لشخص كما هو الحال فى القطاع الحكومى أو فى بعض الوزارات، لذا كانت أعمالهم فى هذا المؤتمر خالصة لوجه الله والوطن، تحملوا النقد ومحاولات التشكيك منذ بداية فكرة مؤتمرات الشباب قبل عام من الآن، كما يتحملون الآن بصدر رحب محاولات البعض القفز على نجاحهم ومشاركتهم فيهم.
 
الإنصاف هنا سيكون واجبا ونحن نقدم الشكر لكل فرد داخل مؤسسة الرئاسة ومن عاونهم من أجهزة الدولة لتحويل حلم مؤتمر الشباب إلى واقع محلى مؤثر وواقع دولى يعيد اسم مصر على خريطة الحوار والسياحة والفاعلية السياسية على مستوى العالم أجمع، ليس شكرا مدفوع الأجر ولا نفاقا مشفوع بمصلحة حينما تخبر الناس بأن المجموعة الشابة داخل مكتب الرئيس والمجموعة الشابة فى المكتب الإعلامى ومن قبلهم مدير مكتب رئيس الجمهورية تحملوا شهورا من النقد غير البرىء، ومن التشكيك نجاح مؤتمر الشباب وجديته، ومن التشويش على نجاحات المؤتمر وتحوله إلى متنفس حقيقى للمصريين وقناة تواصل مختلفة ومتحضرة بين الشعب والمسؤولين، بالإضافة إلى إعادة بناء جدار الثقة بين الدولة الجديدة وبين الشباب بعد حالة احتقان وصلت فى كثير من الأحيان إلى عنف وإحباط وفوضى، ليس عيبا ولا نفاقا ولا مجاملة أن يعلم الناس بأن هذه المجموعة الرائعة، التى تصل الليل بالنهار نجحت فى تحقيق مافشل فيه كثيرون خلال سنوات حكم مبارك، ومن بعدها سنوات الثورة والإخوان، نجحوا فى خلق أول عمل جماعى منظم يسمح بديمقراطية الممارسة وحرية الآراء ويلتف حوله الشباب من مختلف الاتجاهات.
 
قبل عام من الآن ومع أول إعلان عن مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ كانت سخرية النشطاء والمعارضين حاضرة والتشكيك فى نجاح المؤتمر موجود، ولكن الانطلاقة صدمت الجميع، صدمت النشطاء والمعارضين والمشككين حينما اكتشفوا أن سقف الحوار والانتقاد موجود، وأن مايقولونه على مواقع التواصل الاجتماعى ويعتبرون التفوه به نضالا وبطولة يقال فى جلسات مؤتمرات الشباب ماهو أكثر منه نقدا ويتقبله الرئيس والمسؤولون بصدر رحب وتخرج منه إجراءات فعلية، كما حدث فى ملف الشباب المحبوسين.
 
قبل انطلاق فكرة مؤتمر الشباب، كانت مصر تحت رحمة حالة من الاحتكار الثورى، مجموعة ضيقة من النشطاء والناشطين فى بعض الحركات وعلى مواقع التواصل الاجتماعى تحتكر كل شىء، الحديث باسم الثورة، الحق فى توجيه النقد، الحق فى تعريف الشباب، الحق فى توزيع صكوك الوطنية والشرف، ثم ظهرت مؤتمرات الشباب الواحدة تلو الأخرى فى شرم الشيخ والماسة وأسوان والإسماعيلية والإسكندرية لتفضح هذه العملية الاحتكارية وتخبر المصريين أن شبابا آخرين فى مصر يمتلك رؤى وأفكارا ومبادرات ووجهات نظر سياسية وأحلاما للمستقبل يعيش على أرضها ويمارس حقه فى التعبير عن رأيه ومشروعاته وأحلامه ولكنه لا يملك صوت نشطاء السوشيال ميديا العالى ولا يشارك فى حفلاتهم لنشر الإحباط أو اغتيال المختلفين معهم معنويًا فى حفلات السوشيال ميديا.
 
خلقت مؤتمرات الشباب أملا لدى المصريين، بأن صورة أخرى للشباب غير تلك الصورة الخاصة بحفلات الشتائم والسخرية والتخوين المنتشرة على السوشيال ميديا، وكشفت لنا جلسات المؤتمرات المختلفة عن نجوم شابة فى الاقتصاد والسياسة والفن، ومع كل مؤتمر تلو الآخر كانت مساحات تمكين الشباب تتسع، وكان البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب يقدم نماذجا مشرفا قادرة على التنظيم والابتكار، بينما كانت مساحات التشكيك والشتائم على السوشيال ميديا تضييق، ومساحة الهواء الفارغ فى ساحات النشطاء تنفضح حينما يقارن المواطنون بين حوارات جلسات مؤتمرات الشباب وبين حفلات الشتائم والتخوين بين النشطاء وبعضهم بسبب حضور فرد منهم للمؤتمر أو بسبب خلافهم حول طرح سياسى، مثلما حدث وقت مؤتمر الإسكندرية كانت الحوار جادا وراقيا داخل قاعات مؤتمر الشباب، بينما كانت الشتائم متبادلة بين نشطاء الفيسبوك بسبب خلافات دبت بين بعضهم البعض بسبب طرح سياسى.
 
الوصول إلى نقطة منتدى شباب العالم كان أمرا طبيعيا لفكرة تطورت ونضجت خلال عام كامل، ولكن مع ظهورها للنور لم تنج من محاولات تشكيك وتحطيم من قبل بعض البائسين على السوشيال ميديا، ولكن ماحدث على أرض شرم الشيخ كان كفيلا بإخراس الكل وهزيمة موجات التشكيك والشائعات، حينما كشفت فعاليات منتدى شباب العالم عن مشاركة حقيقة وفعالة لشباب من مختلف الدول ومن مختلف التيارات السياسية، حتى أن بعض الشباب المصرى المحسوب على المعارضة والمشهور بنقده اللاذع للسلطة كان حاضرا ومشاركا، حتى بعض الفضائيات الدولية التى لم ترحم مصر خلال الفترة الماضية كانت الساحة أمامها فى المنتدى للتواجد والمشاركة ونقل الواقع الحقيقى للعالم كله.
 
منتدى شباب العالم كان حجرا كريما ضربت به مصر عدة عصافير فى مرة واحدة:
- تنظيمه الاحترافى وشكله المبهر ضرب لعبة التشكيك، التى مارسها النشطاء والإخوان فى جدية البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب، حينما أثبتوا بجدارة مسؤوليتهم عن خروج هذا الحدث الدولى بهذا الشكل الرائع.
 
- مشاركة عدد كبير من الكتاب والصحفيين والنشطاء المعروفين بانتقادهم للدولة ضرب عصفورة الإخوان الخاصة بالحديث عن أن مؤتمرات الشباب حضورها للمقربين والمداحين فقط، فقد كان حضور وسائل إعلام وبعض النشطاء ومشاركتهم فى المنتدى دلالة جديدة على أكاذيب الإخوان وأهل السوشيال ميديا أمثال حازم عبدالعظيم وإسراء عبدالفتاح، ومن معهم من مروجى فكرة أن المؤتمر هو مؤتمر الصوت الواحد.
 
- مشاركة وفود وشباب من مختلف دول العالم، وتحدث شباب من حوالى 46 دولة فى جلسات مختلفة دليل جديد على ماتحظى به دولة 30 يونيو من احترام العالم وليس كما يروج الإخوان ومن معهم أن الدولة المصرية منبوذة.
 
- وجود هذا العدد الهائل من البشر على أرض سيناء وشرم الشيخ، وهذا التنظيم الاحترافى، والشهادات الموثقة على مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام للشباب الأجنبى المشارك فى المنتدى عن جمال وأمان شرم الشيخ مكسب كبير للسياحة المصرية.
 
- أعاد منتدى شباب العالم ضبط إيقاع مسارات قضايا حقوق اللاجئين من مسارات التسييس والتوظيف لابتزاز مجتمعات بعينها إلى المسار الإنسانى الصحيح.
 
ويبقى أهم ماحققه منتدى شباب العالم لمصر، تلك الصورة الرائعة والمشرفة لوطن سعى كثيرون لإحباطه وإفقاده ثقته فى قدراته وقدرات أبنائه، ويبقى الأمل حاضرًا فى تلك النفوس الشابة، التى ترى بأعينها وطنا صامدا متماسكًا يعمل للمستقبل فى ظل منطقة تتهاوى من شدة الصراعات، بينما نحن هنا فى القاهرة قادرون على أن ترسل للعالم رسالة حوار وتسامح وسلام.
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة