المتابع للمواقع والحسابات التى تروج وتنشر الفكر المتطرف القائم على التشدد وازدراء الآخر يجد أنها وصلت لمرحلة متقدمة فى جذب الشباب، فهناك موقع دينى شهير وصل عدد متابعيه على الفيس بوك إلى 8 ملايين متابع، وهناك موقع آخر وصلت عدد الفيديوهات المحمّلة منه 600 مليون فيديو، وآخر وصل عدد المنشورات فيه إلى 2 مليار مقال ! فحتى وقت قريب ومن سنوات كانت منابع التطرف وطرق غسل أدمغة الشباب متمثلة بصورة كبيرة فى كتيبات وأشرطة كاسيت وخطب ودروس لأئمة متشددين متضمنة على أفكار لغسل الأدمغة، وهذه طرق تقليدية الآن، فقد استفاد هؤلاء المتطرفون من مصادر أخرى حديثة فى الفضاء الإلكترونى، والغريب حقاً الآن أن نحصر تجفيف منابع التطرف فى تعديل المناهج الدراسية أو الاهتمام بخطبة الجمعة، وبرغم أنه لا يمكن إهمال أهمية مراجعة المناهج الدراسية، وكذلك لا يمكن التغافل عن تأهيل الإمام فى المساجد، ولكن يجب الاهتمام بقدر أكبر بالمنابع الحديثة والموجودة فى الفضاء الإلكترونى، فيجب إيجاد طرق قانونية وحاسمة للتعامل مع المصادر الخفية للفكر المتطرف وهى فيديوهات "اليوتيوب" خصوصًا، وكذلك لابد من وقفة حاسمة لمواقع التواصل الاجتماعى ومواقع الشيوخ المتشددين ففيها الازدراء من كل نوع وشكل، ففيها تكفير المخالف المسلم، وازدراء غير المسلم واعتباره كافرًا يباح أخذ ماله، والقول بأنه لا يجوز التعامل معه من إلقاء السلام عليه أو تهنئته فى أعياده، وكذلك الاعتقاد فى مشروعية هدم الكنائس، وتكفير من يعاون الحاكم فى وظائف معينة وهى الشرطة والجيش والضرائب وغيرها.
فهذه الوسائل الحديثة فيها سم قاتل وأضرار خفية والتصدى للفكر المتطرف فى وسائل الفضاء الإلكترونى يعد جهادا مشروعا ولا يقل عن الجهاد بالسلاح، فعلى الدولة إيجاد أى طرق لمنع ظهور الفيديوهات وصفحات التواصل الاجتماعى والمواقع والقنوات الفضائية الحاثة على نشر التطرف حتى ولو بالحجب داخل مصر، ويجب ألا نحصر المسألة كلها فى تعديل المناهج الدراسية وخطبة الجمعة فتأثيرهما ضعيف جدًا بالنسبة للمنابع الأخرى، فخطبة الجمعة حصتها الوقتية لا تتعدى ساعة فى الأسبوع، أما المنابع الأخرى الحديثة متاحة بدون موعد ولا استئذان . حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها .