ثمانى دقائق هى الأهم فى تاريخ مصر الكروى، رصدتها عشرات الكاميرات فى شوارع مصر وستاد برج العرب، وعاشها ملايين المصريين فى الداخل والخارج، إلا أن كاميرا واحدة استطاعت أن تلخص وترصد أكثر مشاهد الرياضة فى العالم إنسانية، وهى الكاميرا التى كانت مخصصة لمتابعة النجم المصرى محمد صلاح خلال مباراة الأمس.
كات بداية تلك الدقائق مع ملامسة كرة المنتخب الكونغولى عصام الحضرى لتعلن تعادله مع المنتخب المصرى بعد أن كانت الملايين تأهبت للاحتفال بالتأهل الرسمى لكأس العالم، فى تلك اللحظة وبالتحديد فى الدقيقة 86 كان صلاح يشاهد الهجمة من خط المنتصف والكاميرا الخاصة به تتابع تحركاته، وفجأة تسكن الكرة شباك مصر فيدخل صلاح فى معركة من المشاعر والانفعالات بدأت بالصدمة الذى تحول إلى سقوط كامل على الأرض ثم ندم وحسرة شديدين، وفجأة يعاود صلاح التماسك من جديد ينفس مشاعر الحزن التى اختلط بها التحدى والرجاء والتماسك الذى سعى لنقله بإشارات يده التى تحولت إلى جناحين يرفرفان لتحفيز زملائه والـ80 ألف مشجع فى المدرجات.
رحلة صلاح من السقوط إلى هدف الفوز
دقيقة ونصف حملت كافة المشاعر الإنسانية وتداخلت فيها الانفعالات، ليبدأ صلاح رحلة جديدة من المحاولة والسعى وبذل الجهد، تكلل بحصول المنتخب المصرى على ضربة جزاء، ليعود الأمل متجسدا ومربوطا بأقدام محمد صلاح الذى وجد نفسه مسئولا عن أحلام وفرحة وانتصار ملايين المصريين، ليدخل صلاح معركة عصبية جديدة يعبرها بثبات وقوة محققا هدف الفوز والانتصار والوصول لنهائيات كأس العالم.
ثمانى دقائق بدأت بالسقوط على الأرض وانتهت بتحقيق هدف الفوز رصدتها الكاميرا الخاصة بصلاح ليسطر من خلالها ملحمة إنسانية أصبحت فى ساعات قليلة حكاية المصريين والمهتمين بالرياضة ومحبى صلاح فى العالم، ورصدتها بالتحليل مواقع وصحف عالمية.
لحظة سقوط محمد صلاح على الأرض
المهدى: دقائق انفعالات صلاح عبقرية ورائعة
الدكتور محمد المهدى، أستاذ الطب النفسى، يقول إن رصد تلك الدقائق كان عبقريا ورائعا وجسد كافة الانفعالات التى من الممكن أن تحدث لشخص وكثفها فى دقائق معدودة، وشرح المهدى الحالة النفسية لصلاح فى تلك الدقائق قائلا: "إحساس صلاح بدأ بالألم والإنكسار الشديد وظهر ذلك على ملامحه، وكان على وشك البكاء المصحوب بالغضب" موضحا أن انبطاح صلاح على الأرض جاء استجابة جسدية للشعور النفسى للانكسار والإحباط، ثم ظهر على وجه انفعالا نفسيا جمع بين التحدى والحزن، وبدأ فى تحريك يده بشكل بطىء لضعف استجابة جسده لشعور التحفيز الذى يحاول أن يفرضه على نفسه، ثم تزايد ذلك التحفيز تدريجيا نتيجة دوافع الإصرار الداخلية لدى صلاح، وإحساسه بالمسئولية وحديثه الداخلى لنفسه بضرورة التماسك.
صلاح يتألم من الحزن
أستاذ الطب النفسى يشرح لماذا لوّح صلاح بذراعه ولماذا صفق
ويتابع المهدى: "فى تلك اللحظة بدأت نظرات التحدى تتجسد فى أعين صلاح وتزايدت معها قوة حركة يده فى رسائل تحفيزية لزملائه والجمهور، وهنا بدأ يصفق لإرسال مزيد من التماسك والثقة فى النفس لزملائه".
وأوضح أستاذ الطب النفسى، أن كل تلك المراحل الانفعالية التى مر بها صلاح تؤكد صحته النفسية العالية واتساقه مع ذاته واحترامه لمشاعره الصادقة، وأنه لم يسع للتظاهر بالتماسك، وأن استسلامه للسقوط جاء نتيجة الحزن والإنكسار العميق الذى يقوى على أى مقاومة، وأن ذلك يؤكد قوة شخصية ونفسية صلاح الذى سرعان ما تدخلت دوافعه الإيجابية لانتزاعه من حالة اليأس والإحباط.
محمد صلاح يصرخ من الغضب
المهدى: هذا هو الفرق بين نفسية صلاح والآخرين
وأشار إلى أن صلاح مر بمرحلتين فى الفيديو وهما الإنكسار ثم الصمود، وأن المؤشر الإيجابى هو مروره بتلك المراحل فى وقت قصير جدا، وتغلبه عليه وتماسكه، موضحا أن صعوبة التعويض كان عاملا محبطا واجهه صلاح ولم يفكر فيه، وأن أميز ما فى شخصية صلاح أنه قائد ومسئول يرى الأمل مهما كانت الشدة والصعوبة، وهذا فرق نفسى لايوجد فى كثير من البشر، وأن تلك الميزة تتجسد فى نظرة عينيه التى عادة ماتكون جادة ومحدقة ومستقيمة.
وعن انعكاس ذلك على حياة محمد صلاح، قال المهدى إن سمات صلاح فى الملعب هى نفس سماته فى الحياة، فهو شخص جاد وشديد التركيز وملتزم بمهامه وواجباته، قليل الخطأ، يتحمل المسئولية، يسير فى حياته باستقامة كالتى يسير بها فى الملعب.
صلاح يحاول التماسك
أستاذ الطب النفسى: صلاح نجح فى هذه الاختبارات النفسية
وقال المهدى، إن تلك الدقائق ليست مجرد دقائق فى كرة القدم لكنها درس عظيم وعبقرى فى الحياة والأمل، وأن الاختبار الأصعب الذى تعرض له صلاح وقت تسديد ضربة الجزاء بعد دقائق من الصدمة التى تلقاها تؤكد تماسك الجهاز العصبى لصلاح ما مكنه من تسديد الكرة بهذا الثبات، مضيفا: "وقت تسديد ضربة الجزاء كنت انظر إلى عين وحركات جسد محمد صلاح لأطمئن أن جهازه العصبى متماسك وشعرت من نظرة عينه بالقوة والثقة التى من الصعب أن تتوفر فى شخص مر جهازه العصبى بكل هذه الانفعالات فى هذه الدقائق المعدودة".
واختتم المهدى حديثه، قائلا إن محمد صلاح نجح فى كل الاختبارات النفسية التى تعرض لها، وأنه صاحب ثبات انفعالى وجهاز عصبى قوى ومتوازن، وأنه تدرب جيدا على العمل تحت ضغط ومواجهة المواقف الصعبة، وأنه صاحب طبيعة نفسية سوية وإيجابية وصادقة ومتفائلة ومقاتلة.
لحظة تسديد ضربة الجزاء
بعد إحراز ضربة الجزاء
عدد الردود 0
بواسطة:
Khaled
ربنا يحميك يا صلاح
يا رب يحميك يا رب