أستاذى "المخاوى".. طاقة الأمل التى غيرت حياتى

الجمعة، 06 أكتوبر 2017 03:00 ص
أستاذى "المخاوى".. طاقة الأمل التى غيرت حياتى سلمى الدمرداش
كتبت سلمى الدمرداش

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نهاية يوليو 2007 كنت قد تلقيت أولى صدمات حياتى مع ظهور نتيجة الثانوية العامة "بالنظام القديم" وحصلت على 81.3% بالصف الثانى الثانوى، أتذكر جيدًا لحظات صمتى التى تحولت إلى صراخ وبكاء كلما كان يلفظنى أحدهم بكلمة "مبروك" فكيف لتلك الفتاة المتفوقة التى تعرف من أين تؤكل الكتف فى المذاكرة أن تأتى بمثل هذا المجموع الذى جعلها تخجل من النظر فى أعين مدرسيها الذين دائمًا ما وجدوا فيها مثالا للتفوق المصحوب "بالشقاوة".

ربما يشفع لى إصابتى بفيروس A "الصفراء" التى جعلتنى أدخل إلى الاختبارات بمنهج الفصل الدراسى الأول فقط رغم صراعى مع نفسى فى "لم" المنهج بأكمله، لم يكن المجموع وحده أول من خذلنى، لكن تجرعى لمرارة الظلم وقلة الحيلة حينما ذهبت إلى مدرسة "الخديوية" حيث مكان إعادة تصحيح الورق فور التقدم بالتظلم، ورؤيتى لدرجاتى المستحقة التى لم يرها قلم المصحح الأحمر فظلت حبيسة ورقة لم تطلها أى علامة، حتى رد عليا رجل أشبه بالعاملين بالمشارح "مش هتاخدى حاجة دى وجهة نظر مصحح" الجملة التى دقت رنينها فى قلبى ليعلن حداد لا منتهى فكيف لقلب بكر أن يرى الظلم والظلمة فى آن واحد فى بلد لا تعترف إلا بالشهادات، فهنا ضاع حلم "كلية الإعلام" والمرور داخل "قبة " جامعة القاهرة وهنا باتت شماتة الأقارب، وضحكات الأصحاب وغصات الأهل أن تعتلى كل شىء فى الحياة، حتى حان موعد حجز دروس الصف الثالث الثانوى.

ميولى الأدبية "الصِرف" كانت وراء اختيارى لدراسة علم النفس والفلسفة، وكنت حينها أسمع اسم "عمر حامد" أستاذ المواد الفلسفية وعلم النفس الذى يلقبه البعض بالـ"مخاوى" نظرًا لتوقعاته الصائبة فى أسئلة الامتحان، وتتردد أحاديث حول اسمه بعضها يشير إلى "رقصه" فى المراجعات النهائية، و التعليم بطريقة "الأغانى" رغم شدته فى التعامل مع الطلاب، كل ذلك لم يفرق مع طالبة فاقدة للأمل فى كل ما يخص الدراسة فحجزت مع زميلاتى بمبدأ "كلهم هياخدوا عنده"، وبالفعل ذهبت إلى الحصة الأولى وطلب من كل طالب أن يكتب مجموعه فى السنة السابقة، لم أنس تلك اللحظة التى سبقت فيها دموعى القلم وانا أكتب الأرقام التى وصمتنى بالعار أمام نفسى طيلة عام كامل، دخل الرجل الثلاثينى ذو البشرة السمراء والقامة الطويلة.

بدأ أن يدندن أولى المعلومات بمنهج علم النفس وقال "يساعدنا مين..علم النفس" وأمرنا بالترديد خلفه بنفس طريقة غناء السيدات فى الحنة الفلاحى، فما كان من المراهقة التى لم تخلع "دريل"ا لمدرسة بعد إلا أن أخفت خجلها واحتفظت بضحكة داخلية، لاحظها مستر "عمر" وقالها لها "بكرة هتتعودى"، لم تكن جملته حينها قادرة على أن تحرك فى شعورها بالخذلان ساكنًا، مرت الشهور سريعًا وحان موعد الحج وكان "مستر عمر" ضمن الواقفون على جبل عرفات، بعدها عاد وكأن الله قد أرسل معه آيات لى وطاقة من الأمل لم يعرف أستاذى أنه من أعطاها لى بحديثه الذى يقتطع دقائق معدودات من الحصة.

الآن وبعد 9 سنوات أريد أن أخبره ببضعة أشياء، من أهمها حديثه عن "الظلم" وكيف لا يترك الله شخص مظلوم وكيف يبهره بعطائه وما هو "عوض الله"، كذلك تفسيره المبسط لـ"سورة الكهف" وشرحه لآية "فإنك لن تستطيع معى صبرا"، وكيف تلح على الله فى الدعاء وما هو "حسن الظن بالله" والحديث القدسى الذى سمعته للمرة الأولى فى حياتى "انا عند حسن ظن عبدى بى، إن خيرًا فخير..."، كذلك الأدعية السبع التى سبقتها جملة "لا حول ولا قوة إلا بالله" التى مازلت أرددها حتى الآن كل يوم، كل هذا أنار فى قلبى طريق لم أعرف عنه شيئًا من قبل، ولم أتحدث إلى أستاذى وأحد أصحاب الفضل عليا بفعل "خجلى"، مرت الأيام وتعلقى بهذا الرجل روحانى قبل أن يكون تعليمى.

بدأت أن أتجه إلى الله عز وجل بالصلاة التى لم أقطعها من حينها، وبالدعاء الذى أستيقظ وأنام وأنا أردده، دخلت إلى امتحانات 3 ثانوى وأنا لا أملك شيئا سوى حسن ظنى بالله ويقينى بأنه لن يخذلنى وأن عوضى قادم كما كان يحدثنا"مستر عمر"، إلى أن جاء موعد ظهور النتيجة التى اعتلت صفحات المواقع الإخبارية وأبرزهم "موقع اليوم السابع" محل عملى الآن، وحصلت على 98.5 فى الصف الثالث الثانوى فقط، ذلك دون أن أحسب درجات المستوى الرفيع، حتى أصبح مجموعى الكلى 92% حينها فقط عرفت ماهى "دموع الفرح"، واستطعت أن ألتحق بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة حلوان، التى انتهيت من دراستى بشعبة الصحافة داخلها، واليوم وهناك المئات من الطلاب يجلسون مكانى أمام "مستر عمر"، لا أود إلا أن أقول له "أستاذى العزيز شكرًا" فأنت من بعد الله أحد الأسباب التى جعلتنى أكتب إليك كلامى هذا وأنا ضمن صفوف محررى جريدة "اليوم السابع"، وأخيرًا "مستر عمر" دمت المعلم والأب والأخ ورسول الأمل للكثيرين "دون أن تعلم".







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة