كل إنسان يحب أن يكون كلامه مسموعا، يعبر عن نفسه وذاته بحرية وبانطلاق فى الحياة، مما دفع الكثيرين إلى تطوير أساليبهم فى بناء التعابير الصوتية المختلفة، وتعلم مهارات الجسد، والكثير من المهارات؛ ليستطيعوا التعبير عن أنفسهم، واقناع الناس بذلك ليظهروا وليرتفع اسمهم فى المجتمع وفى أنفسهم.
ومع التطور الحاصل فى العصر الحديث من التكنولوجيا الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعى، وانتشار استخدامها، والمدونات أصبحت الكتابة لونا لا يستغنى عنه أحد فى التعبير عن ما يدور فى عقله وكيانه من أفكار ومعتقدات وآراء؛ ساعيا ليجلب إعجاب الآخرين به أحيانا، وأحيانا أخرى ليوصل أفكاره التى يظن أنها صحيحة للآخرين، لكن فى مجتمعنا العربى يندر أن تتوجه المقالات بطريقة علمية مهذبة واضحة إلى الجمهور العربي؛ فغالبها يحتوى على الأساطير والعناوين الجذابة؛ من أجل الحصول على عدد كبير من المشاهدات للحصول على الإعلانات فقط، فنجد أن دولنا العربية من أفقر الدول فى العالم فى محتواها العلمى على شبكة الإنترنت، وأغلب محتواها يتركز على الشات، والفضائح، والمسلسلات، دون احتوائها على أى محتوى علمى دقيق موجه بأمانة إلى الجمهور.
وقد يختلف الجميع فى تعريف المقال العلمى المتخصص فى كثير من الأمور، فقد يتوجه الكثيرون إلى القول بأن المقال العلمى: هو ما احتوى أى جديد من المعلومات والمعارف والأخبار، وقد يذهب البعض إلى أنه مخصص على الأمور العلمية والطبية والتقنية فقط، وما عدا ذلك فهى مقالات تصنف تحت الاجتماعية أو السياسية أو الإعلامية، وأغلب الذين يميلون للرأى الأول هم من الفئة التى تكتب فى تلك المواضيع وتحاول توجيه الرأى العام إلى كتاباتهم التى تكون فى غالب الحال ضعيفة وركيكةولكن فى هذه المقالة سنعرف المقال العلمى بطريقة جديدة، فلن نستثنى أصحاب الرأى الأول، ولا أصحاب الرأى الثانى، وقبل هذا لنفهم ماذا يعنى المقال العلمى فى اللغة الإنجليزية: فهو المقال المتخصص فى العلوم القائمة على التجربة والرياضيات فقط، لكن لاحتواء كلمة علمى فى لغتنا العربية لأكثر من معنى العلوم التجريبية والرياضية، سنوسع المفهوم وسنضع ضابطا دقيقا لنستطيع وصف هذا المقال بأنه مقال علمى أو لا، فالعلم فى لغتنا العربية: هو كل ما كان حقا مما ورد ماضيا، أو اجتهاد حاضر قائم على لغة المنطق والعقل وعدم تجاوز ذلك، فالمنطق هو من يحكم الدلائل والمعانى والتوضيحات، فكان هذا هو الشرط الأول فى المقال العلمي، وهى أن تكون أفكاره دلالاته منطقية عقلية بعيدة عن الأساطير والخرافات، ولكن حتى هذا الشرط قد يسقط أحيانا إن لم يوضع له ضابط آخر يضبطه ويحدد الحدود له وهو أن يكون البناء منذ البداية قائم على المنطق فلا يجوز استخدام أدلة التاريخ فيه إن لم تكن مثبتة بدقة، ولا يجوز استخدام أى قول لعالم سابق دون ذكر الأصل الذى استند عليه ذلك العالم فى افتراضه، ولا يسمح بالاستدلال به دون ذلك.