أحمد إسماعيل المحروقى يكتب: لماذا انتشرت جرائم الرشوة؟

الجمعة، 20 أكتوبر 2017 10:00 ص
أحمد إسماعيل المحروقى يكتب: لماذا انتشرت جرائم الرشوة؟ رشوة - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الرقابة الإدارية يومياً تلقى القبض على موظفين عموميين بتهمة الرشوة وتوثق الجرائم بالصوت والصورة.. والغريب أن الموظف العام من المفترض أنه يعلم علم اليقين حجم عقوبة جريمة ( الرشوة للموظف العام ) وذلك بحكم وظيفته .. وهى كما نصت عليها المادة ( 103 عقوبات ) يكون الحكم فيها بالسجن ( المؤبد ) مع مصادرة المال المقدم من ( الراشى أو الوسيط ) مع دفع غرامة قد تصل إلى نفس مبلغ الرشوة الذى يتقاضاه الموظف، وذلك بجانب عقوبة تكميلية وجوبية وهى العزل من الوظيفة العامة ... وهناك بعض الحالات التى تشدد فيها العقوبة والتى تصل إلى غرامة مالية ضعف مبلغ الرشوة بجانب العقوبة الأصلية وهى السجن المؤبد وربما تصل العقوبة إلى عقوبة الإعدام وذلك فى حالات معينة .
 
وبعد كل ذلك وشدة العقوبة للموظف المرتشى تجد الكثير من الموظفين العموميين فى مصر منهمكين فى التخطيط والتدبير لاستغلال الوظيفة العامة التى أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم بها والسعى بكل همه ونشاط لارتكاب جريمة الرشوة ليزدادوا ثراء فى أقل وقت ممكن .
 
ويجب أن نتوقف هنا عند أمر هام وهو لماذا يقوم الموظف العام بارتكاب تلك الجريمة على الرغم من شدة عقوبتها ومع يقظة جهاز الرقابة الادارية فى الفترة الأخيرة ومع الكشف والإعلان عن الكثير من جرائم الرشوة التى قام بها موظفون عموميون كبار وصغار فى الدولة .
 
للأسف ذلك يدل على تدهور كبير جدا فى الأخلاق الإنسانية التى تسكن بداخلنا بعد ثورة 25 يناير وفترة الانفلات الأمنى التى عشناها.. فأصبح الكثير منا يبحث عن ما يمتعه دون النظر الى نوعية الفعل الذى سيصل به إلى تلك المتعة والإثارة عليه وعلى من حوله بل على الدولة نفسها أيضاً. وذلك نلمسه حتى فى المواطن العادى فتجده يسير فى الشارع بسيارته بشكل مخالف دون الاهتمام بالضرر الذى يتسبب فيه للغير وإذا عاتبته فربما يقتلك.
 
 ومنا من يرمى الفضلات فى اى مكان دون ان يفكر فى عواقب فعله وانه يشارك فى تشويه الشارع وربما يكون الشارع الذى يسكن به .
 
وأصبح الناس يسيرون فى الشارع وهم على أتم الاستعداد للقيام بالعراك مع اى أحد فى أى وقت ولأتفه الأسباب.. وأصبح شيئا عاديا أن تنتهى أى مشاجرة بقتل أو جرح أحد الطرفين .
 
الانهيار الأخلاقى أصبح سمه أساسية فى الكثير منا والغريب اننا جميعاً نشتكى منه ولا نحاربه ..
فالاسرة ممثلة فى الاب والام عليهم دور كبير جداً فى توعية ابناءهم .. ولكن الكارثة عندما يكون الاب والام انفسهم منهارين اخلاقياً ..فلا على الابناء حرج اذن.
 
والدولة عليها ان تلعب الدور الرئيسى فى محاربة ذلك التدهور الاخلاقى والحد منه وذلك عن طريق التوعية المستمرة لكل افراد المجتمع سواء كانوا طلبة مدارس او جامعات وذلك بعقد الندوات التثقيفية فى مدارسهم وجامعاتهم وليس المقصود بالندوات التثقيفية هى تثقيف فى العلوم والتكنولوجيا بل تعليمهم ثقافة الحياة .. ثقافة التعامل مع الغير ومع انفسهم .. فذلك هو سر نجاح الغرب .
 
ونفس الامر ينطبق على الموظفين العموميين ويكون بعقد ندوات تثقيفية لهم فى اماكن عملهم وتوضيح خطورة فساد العمل واضراره على الموظف نفسه وعلى المجتمع الذى يعيش فيه وعلى الجهة الادارية التى يعمل بها .
 
وايضاً عمل حملة توعية اعلامية كبيرة للمواطن العادى وبشكل يقبله المواطن نفسه ويدفعه للاهتمام والتعلم وليس عن طريق اعلامى تثار علية الشكوك او برامج تلفزيونية شغلها الشاغل اظهار الجانب السلبى فى المجتمع مثل هروب بنت من اهلها وعدم انفاق اب على بناته واحضار افراد الاسرة فى الاستديو للشجار مع بعضهم وذلك لجذب المشاهد من اجل تحقيق نسب مشاهدة عالية فقط .
 
نحن مقبلون على كارثة اخلاقية اكبر بكثير جداً من الكارثة التى نعيشها الان وذلك بسبب التدهور الرهيب والكبير فى اخلاق جميع الشباب فى كل المراحل العمرية .. فاذا لم تنتبة الدولة لتلك الكارثة ستنهار تلك الدولة مهما قامت ببناء وتطوير الصناعة والزراعة والطرق لانه وبكل بساطة الاجيال القادمة والتى تربت وكبرت على الانحطاط الاخلاقى هى الى سترث ما يتم بناءة الان وبالتالى ستخربة لانها لا تجيد التعامل معه .
 
وهناك فعل هام ايضاً لا يقل اهمية من حملات التوعية يجب ان تقوم به الدولة حتى تستطيع ان تنجح فى تقويم المواطن وهو .
 
المواطن المنهار اخلاقياً واقتصادياً وتعليمياً وطبياً لا يمكن ان تطالبة الدولة باصلاح نفسة والتعامل مع المستقبل ... لانه وبكل بساطة لا يعرف المستقبل . ولذلك يجب على الدولة اولاً ان تقدم له ما يعينة على المستقبل ( بقدر المستطاع ) من تعليم وصحة ومعيشة طيبة والا فلا حاجة لبناء طرق ولا صناعة ولا زراعة وانفاق المليارات عليها لانها بعد الانتهاء منها لن تجد من يتعامل معها .. لان نوعية المواطن التى ستكون متوفرة حينها .. انسان ميت اخلاقياً وتعليمياً وصحياً ومعيشياً .
 
وحينها سيأتى اليوم الذى نقول فيه ... كنا زمان ... دولة وشعب .
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة