احترم الكبار يا فتى، هكذا تربينا وهكذا علمونا عندما كنا نتعلم السير، ومن هذا المنطلق نشأنا على أن الأخلاق جزء لا يتجزأ من شخصية الانسان .
الأمانة فى الحضارة
يقول أمير الشعراء أحمد شوقى : « وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت …. فـإن هُمُوُ ذهبــت أخـلاقهم ذهــبوا » وكأنه فى هذا البيت يشير بكلماته الرنانة أن الأخلاق هى لبنة الحضارات وأنه ما من أمة تخلت عن الأخلاق إلا وخسف الله بها الأرض أو سلط عليها جباراً يمحق أهلها .
تعد الأمانة أحد أهم أعمدة قصر الأخلاق، فالأمانة فى اللغة هى الوفاء أما فى الاصطلاح هى أداء الحقوق، وفى كلتا الحالتين شئ جميل وصفة من صفات النبلاء .
الأمانة فى الإسلام
وقد ضرب لنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم أصدق الأمثلة وأعظمها فى أداء الأمانات والحقوق أبسطها يوم فتح النبى مكة، ودخل المسجد الحرام فطاف حول الكعبة، وبعد أن انتهى من طوافه دعا عثمان بن طلحة -حامل مفتاح الكعبة- فأخذ منه المفتاح، وتم فتح الكعبة، فدخلها النبى، ثم قام على باب الكعبة فقال: (لا إله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده…). ثم جلس فى المسجد فقام على بن أبى طالب وقال: يا رسول الله، اجعل لنا الحجابة مع السقاية. فقال النبى : (أين عثمان بن طلحة؟) فجاءوا به، فقال له النبى : (هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم برٍّ ووفاء)، ونزل فى هذا قول الله تعالى في: سورة النساء " إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ " وهكذا رفض النبى إعطاء المفتاح لعلى ليقوم بخدمة الحجيج وسقايتهم، وأعطاه عثمان بن طلحة امتثالا لأمر الله بردِّ الأمانات إلى أهلها.
قصة ممتعة عن الأمانة
ومما قرأت عن الأمانة قصة ( الرمانة ) فأحببت أن أنقلها لكم كما هى بكل أمانة، فى أحد الايام كان هناك حارس بستان، دخل عليه صاحب البستان، وطلب منه أن يحضر له رمانة حلوة الطعم، فذهب الحارس واحضر حبة رمان وقدمها لسيد البستان وحين تذوقها الرجل وجدها حامضة.
فقال صاحب البستان: قلت لك اريد حبة حلوة الطعم، أحضر لى رمانة اخرى فذهب الحارس مرتين متتاليتين وفى كل مرة يكون طعم الرمان الذى يحضره حامضا.
فقال صاحب البستان للحارس مستعجبا: إن لك سنة كاملة تحرس هذا البستان، ألا تعلم مكان الرمان الحلو؟
فقال حارس البستان: انك يا سيدى طلبت منى أن احرس البستان، لا أن اتذوق الرمان، كيف لى أن اعرف مكان الرمان الحلو.
فتعجب صاحب البستان من امانة هذا الرجل، واخلاقه، فعرض عليه أن يزوجه ابنته وتزوج هذا الرجل من تلك الزوجة الصالحة.
اختصاراً لكل ما سبق، الأمانة صفة الصفوة، احرصوا على الاتصاف بها، فهى اللبنة الأولى من جدار السعادة الدنيوية والراحة الأبدية، بل اتصفوا بكل الأخلاق الحسنةِ تُفلحوا .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة