دكتور وليد نادى يكتب: المجطعين !

الإثنين، 30 يناير 2017 12:00 ص
دكتور وليد نادى يكتب: المجطعين ! أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان متوجهاً لزراعة أرضه بصحراء مطروح وجلس لإعداد كوب شاى، فجمع بعض أعواد النباتات الجافة وأشعل النيران فيها، وفجأة حدث انفجار شديد بسبب وجود لغم أرضى بالمنطقة، ففقد عينه وكف يده اليمنى.
 
هذه واحدة من مئات القصص المأساوية لضحايا الألغام فى مصر وفى مقدمتها منطقة الساحل الشمالى الغربى مطروح والعلمين وغيرها، وأصحاب هذه القصص يطلق عليهم الأهالى لقب "المجطعين"، أى "المقطعين"، بما يحمله هذا المسمى من قسوة إنسانية، حيث يطلق على من فقد جزءا من جسده لقب "أجتع، أو مجطع" أى مبتور أو مقطوع اليد أو الذراع أو الساق وغيرها.
 
ويعد هذا اللقب جزءاً بسيطاً من معاناة هؤلاء الأفراد من خلال معايشتى لبعضهم فى إطار الدراسة التى انتهيت منها مؤخراً بعنوان " الألغام والإعاقة فى مصر رصد الواقع وتطلعات المستقبل " والتى توصلت أيضاً إلى أن عدد الأشخاص الذين أصيبوا بالإعاقة من جراء الألغام المسجلين بمديرية التضامن الاجتماعى بمطروح (471).
 
وتعد مصر من أكثر الدول تضرراً بالألغام حيث يوجد بها حوالى 22، 7 مليون لغم، أو أجسام أخرى قابلة للإنفجار تم زراعتها على الأراضى المصرية إبان الحرب العالمية الثانية مما يمثل حولى 20 % من إجمالى الألغام المزروعة فى العالم، كما يوجد حوالى 12، 7 % مليون لغم بمنطقة العلمين بالصحراء الغربية فيما يعرف بحدائق الشيطان.
 
ويشكل وجود هذا العدد الهائل من الألغام الأرضية والذخائر التى لم تنفجر تهديداً خطيراً لحياة وسلامة البشر ممن يرتادون هذه المناطق الموبوءة، بالإضافة إلى حرمان مصر من الاستفادة طوال العقود الماضية بعائد تنمية الموارد الطبيعية الهائلة بتلك المناطق التى هى حالياً رهينة للألغام التى خلفتها حرب لم يكن لمصر فيها ناقة ولا جمل ! كما أن هناك بعدا إنسانياً مهماً لمشكلة الألغام فى مصر، حيث تتسبب فى إحداث وفيات وإصابات بالإعاقة لأهالى المناطق المتضررة. 
 
ورغم الجهود التى تبذلها الدولة ممثلة فى وزارة الدفاع والخارجية والتعاون الدولى وكذا محافظة مطروح وبعض الجمعيات ومنظمات المجتمع المدنى فى هذا الشأن، إلا أنه يجب الإسراع بخطط تطهير المناطق المزروعة بالألغام وتفعيل المشاركة الدولية فى إزالة الألغام خاصة من الدول التى زرعتها وإلزام الدول الأجنبية بإزالة الألغام وتعويض المتضررين، وضرورة إقامة المزيد من المشروعات لصالح ضحايا الألغام وأسرهم بحيث تكون قادرة على أن تمكن أسر ضحايا الألغام والمصابين من العيش بكرامة فى مجتمعهم، وتحسين معيشتهم لضمان دمجهم فى مجتمعاتهم المحلية، وزيادة حملات التوعية التى تم تدشينها حول خطورة الألغام وكيفية التعامل معها، وتقديم الدعم النفسى لهؤلاء الأفراد.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة