حكومة نيودلهى تسحب 85% من فلوس الهنود.. رئيس الوزراء يحتفظ بشعبيته رغم معاناة الفقراء.. طوابير أمام المصارف بعد إلغاء عملتى 500 و1000 روبية.. ومحللون: صفعة للإرهاب والمخدرات ودعم للبنوك والناتج المحلى

الثلاثاء، 03 يناير 2017 03:25 م
حكومة نيودلهى تسحب 85% من فلوس الهنود.. رئيس الوزراء يحتفظ بشعبيته رغم معاناة الفقراء.. طوابير أمام المصارف بعد إلغاء عملتى 500 و1000 روبية.. ومحللون: صفعة للإرهاب والمخدرات ودعم للبنوك والناتج المحلى ناريندرا مودى وعملة الروبية
كتبت حنان فايد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما زال رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، يتمتع بشعبية واسعة، رغم معاناة المواطنين بسبب خطوته الجريئة والمفاجئة بإلغاء فئتين من الأوراق النقدية، هما الأعلى والأكثر تداولا، من فئتى 500 و1000 روبية اللتين تمثلين 85% من إجمالى النقد الهندى، وهى أول عملية سحب تلجأ لها الهند منذ 1978، عندما لجأت للإجراء نفسه لمواجهة الفساد، وتأتى هذه الخطوة لتثير كثيرًا من الجدل والتعليقات، فى بلد يعتمد شبه كليًّا على التعاملات المالية الورقية لا الإلكترونية، والمفارقة أن الطبقات الفقيرة هى الأكثر دعما لـ"مودى" رغم أن الأزمة مستهم أكثر من غيرهم.

ناريندرا مودى

ناريندرا مودى

ورغم معاناة الهنود منذ إعلان الإلغاء فى نوفمبر الماضى، ووقوفهم فى طوابير طويلة أمام البنوك لإيداع ما يملكون من الأوراق المالية من فئة الألف والـ500 روبية، إلا أن كثيرين من أبناء الطبقات الفقيرة يؤكدون دعمهم لرئيس الوزراء، لاعتبارهم أن سحب الأوراق المالية يصب فى صالحهم فى نهاية المطاف، بحسب تقرير لصحيفة "جارديان" البريطانية.

عملة الروبية
عملة الروبية

 

الحديث عن شعبية رئيس الوزراء البريطانى ربما يكون حديثًا عن مؤشرات عامة، وحالة استقرار تشهدها البلاد، رغم أنه لم يتم عمل استطلاع لشعبية "مودى" بعد قرار إلغاء الورقتين الماليتين الأعلى فى البنكنوت الهندى، كما تم احتواء الاضطرابات العامة نسبيًّا، ولم يجد الإعلام الهندى صعوبة فى العثور على مؤيدين للمشروع، حتى من بين الواقفين فى طوابير البنوك، بحسب ما أوردته الصحيفة البريطانية، التى أشارت إلى أن شعبية "مودى" بلغت 81% فى سبتمبر الماضى، بحسب استطلاع لمركز "بيو" الأمريكى لبحوث الرأى العام، كما فاز الحزب الحاكم "بهاراتيا جاناتا" بعدة انتخابات محلية شمالى وغربى البلاد، خلال شهر ديسمبر الماضى، رغم استمرار الأزمة.


 

كاتب هندى: مودى قدم فكرة إلغاء الأوراق النقدية على أنها عمل أخلاقى للغاية
 

وفى هذا الإطار، قال الكاتب نيلانجان موكوبادياى، وهو يجمع كتابا عن مسيرة رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى فى عالم السياسة، إن "مودى قدم فكرة إلغاء الأوراق النقدية على أنها عمل أخلاقى للغاية"، مشيرًا فى تصريحات لـ"جارديان"، إلى أن "مودى" قال بتأثر فى خطابه الأول بعد سحب الأوراق "تركت خلفى بيتى وأسرتى وكل شىء من أجل الأمة، والقوى التى تخالفنى قد لا تسمح لى بالحياة".

وقال "موكوبادياى": "لقد ارتدى رداء الأخلاق، مقدّما نفسه على أنه سما فوق الطموح الشخصى من أجل مصلحة الأمة، ودعا الهنود ليضحوا قليلا من أجل الأمة كذلك، وطلب منهم أن يشاركوا فى عملية بناء الوطن عن طريق الوقوف فى طوابير".

 

محللون: المواطنون وهم يمرون بأزمة يرون القرار ضربة للنخبة والفاسدين

وقالت الصحيفة البريطانية فى تقريرها، إلى أن العملية وُصِفت على أنها ضربة للنخبة التى تستفيد من الفساد المستفحل فى الهند، ما جعل أبناء الطبقات الفقيرة والطموحة يتحمسون للعملية، وهم من يُجبرون على دفع الرشاوى بشكل روتينى مقابل خدمات حكومية أساسية.

ويأتى الدعم الشعبى لرئيس الوزراء الهندى، رغم عودة 60% من العمال فى العاصمة "دلهى" وحدها لقراهم، بسبب عدم توفر أوراق مالية لدفع أجورهم، كما عادت بعض المناطق النائية لأسلوب المقايضة، بحسب ما قالته "جارديان".

وقال أنيل بهاردواج، الأمين العام لاتحاد المشروعات الصغيرة، فى تصريح للصحيفة: "حتى وهم يمرون بكل هذا الألم، فيرونها على أنها مظهر من مظاهر المساواة، وأن أخيرًا يوجد سياسى قوى واحد يتخذ قرارًا يهز الكبار والنخب".

وأكدت "جارديان" أن الحكم على العملية سيظهر فى انتخابات أكبر ولاية هندية، وهى "أوتار براديش"، التى يعادل سكانها سكان البرازيل، إذ إن هذه الولاية وحدها ستنتخب ما يكفى من المرشحين للبرلمان لتعطيل أو استمرار أجندة "مودى"، فى انتخابات الولاية المنتظر إجراؤها فى يناير الجارى.

 

الحكومة تستقبل 13 تريليون روبية.. بنسبة أكبر كثيرا من المتوقع

كان رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى، قد أعلن مشروعه الاقتصادى يوم 8 نوفمبر الماضى، دون سابق إنذار، حتى لا يأخذ المتهربون من الضرائب وغيرهم من المستفيدين احتياطاتهم باستبدال ما يملكون من الفئتين بفئات أخرى، أو بشراء ممتلكات مثل الذهب أو العقارات، واعدًا بتوفير ما يقابل 15.4 تريليون روبية متداولة بالفئتين المذكورتين بفئة من الـ500 روبية بتصميم جديد، وفئة تطرح لأول مرة بقيمة ألفى روبية.

يذكر أن الهند تعانى من انتشار نسخ مزيفة من الفئتين اللتين تمثلان 85% من النقود المتداولة فى البلاد، رغم أنهما الأعلى قيمة، كما أن سحبهما سيجبر 40% من الهنود، وهى نسبة من لا يمتلكون حسابات بنكية من الشعب، على فتح حسابات لتبديل أموالهم بالفئات الجديدة، فى مهلة انقضت يوم 30 ديسمبر الماضى، إلا أن أولئك الذين يتكسبون المال بطرق غير شرعية سيواجهون سؤال "من أين لك هذا"، أو سيضطرون لخسارة جزء من أموالهم وعدم تبديلها.

كما أن هذه الكمية الكبيرة من الإيداع ستزيد من حجم الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، وقدرة البنوك على إقراض أصحاب المشروعات والمستثمرين، وفى المقابل فإن سحب الفئتين سيحد من تمويل الإرهاب وعمليات تهريب البشر وتجارة المخدرات وغيرها من الأعمال غير المشروعة، وقد تم بالفعل ملاحظة انخفاض عمليات تهريب البشر بالتحديد، حسبما ذكرت "جارديان".

إلى جانب مهلة المواطنين لتبديل العملات، كان 30 ديسمبر هو المهلة التى حددتها الحكومة لنفسها أيضًا لتوفير ما يقابل 15.4 تريليون روبية بديلاً للفئتين اللاتين ألغاهما رئيس الوزراء، ولكن لم يطبع البنك المركزى الأموال الكافية بعد، ومن المتوقع ألا يفعل حتى منتصف فبراير المقبل على الأقل، وحتى إن فعل قبلها فلن يتمكن المواطنون من سحبها، لأنه لم يتم إعادة تصميم 220 ألف ماكينة صراف آلى ATM لتتمكن من صرف الأوراق التى صُممت بحجم جديد.

وربما لم توفر الهند الأوراق الجديدة بالسرعة الكافية، لعدم توقعها عودة كل هذا الكم من المال، فقد عاد 13 تريليون روبية من الفئتين، أى 90% من حجم المتداول منهما، وهو أكثر مما توقعته الحكومة بكثير.

عملة الروبية

عملة الروبية

 

رئيس الوزراء يدعو الهنود للتحول لمجتمع خالٍ من الأوراق النقدية

وفى خضم الأزمة، دعا رئيس الوزراء ناريندرا مودى، الشعب الهندى إلى التحول لمجتمع شبه خالٍ من الأوراق النقدية، إذ تعتمد 90% من تعاملات الهنود المالية على الأوراق النقدية، وفى المجتمعات المعتمدة على التعاملات المالية الإلكترونية مثل ألمانيا، يشعر الناس بالقلق ممن يحملون أوراقًا نقدية من الفئات المرتفعة على غير العادة، وترفض المحلات التعامل معهم، لأنها تتطلب أن يتنازل المحل عن كثير من الأوراق النقدية القليلة التى لديه من أجل "الباقى".

وفيما يخص التعاملات النقدية والتجارية فى الهند، فقد ارتفع بالفعل عدد عمليات دفع الأجور إلكترونيًّا خلال فى الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن كانت 80% من الأجور تُدفع بالأوراق النقدية قبل نوفمبر الماضى، كما بدأت المحلات الصغيرة توفير ماكينات للدفع الآلى، ومن المتوقع أن تنخفض نسبة الـ45% التى تمثلها الأوراق النقدية من إجمالى الناتج المحلى، بينما تشير التوقعات إلى انخفاض نسبة النمو للربع المالى الحالى من 7.8%، وهى النسبة الأعلى من بين الاقتصادات الكبيرة فى العالم، إلى 6.5%، وفقا لما أوردته "جارديان"، ورغم هذا امتدح صندوق النقد الدولى الخطوة.

يُذكر أن آخر مرة سحبت فيها الهند أوراقًا نقدية من الأسواق كانت فى العام 1978، وجاء القرار وقتها لمحاربة الفساد أيضًا، بينما يعترض البعض على عمليات سحب الأوراق النقدية، لأن "المال الأسود" يأتى من عائد أعمال شرعية، لكنها لا تمر على الضرائب، وأخرى غير شرعية، وبعض هذه الأموال يتم استثمارها فى العقارات والسلع والأسهم والإقراض باسم شخص غير المالك الحقيقى، أو يتم دفعها على هيئة رشاوى لتأمين جانب هؤلاء من قبل السياسيين والإداريين، وفى كل الأحوال يصعب السيطرة عليها، ولا تمثل سياسات سحل العملات حلا لها.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة