تتعدد أنواع قصص الطفل لتشمل أنواعا عديدة... و"المنزل الأزرق" لسماح أبو بكر من القصص الاجتماعية الموجهة للطفل وتتضمن ركنا هاما فى حياته العامة وإن كانت تلقى الضور على حياتنا نحن الكبار لأن المشكلة المطروحة بها تشمل مجتمعا بأكمله لذا فهذه القصة تحمل إشارات مشتركة مابين الصغار والكبار على حدٍ سواء. واتسمت أيضا بالعديد من سمات السرد القصصى الموجه للطفل حيث الحوار الشيق الذى يتناسب مع الفئة العمرية للمرحلة التى تخاطبها سماح فى القصة ما دون اثنتا عشر عاما، بما قى القصة من مفردات وبعض الإشارات لعالم عادى يحيا به أطفالٌ كثيرون كحسام بطل القصة.
وتجربته مع هاتفه الذكى الذى جعله ينعزل عن العالم المحيط ويكتفى بعالمه الافتراضى الفيس بوك هذا العالم الذى تصفه سماح بالمنزل الأزرق فهوعلى حد قولها بلا أبوابٍ ويسع آلاف السكان ندخله سريعا ونخرج منه فى أى وقت، وحسام هذا الطفل الصغير منذ دخله اكتفى به لم يعد يلتفت لصوت صديقه العصفور عندما يغرد له كل صباح على النافذة أو يهتم بزهور شجرة الورد فى حديقة المنزل أو يفكر فى اللعب بالكرة المهملة فى حديقته..ذات يوم عند عودته متعجلا إلى المنزل ليدخل عالمه - الفيس بوك - انزلق على الأرض واصطدهم الهاتف أيضا وتعطل تماما ولم يعد قادرا على دخوله ،رقد حسام فى فراش المرض وانعزل عن عالمه الافتراضى ووقتها استيقظ على صوت العصفور وزاره أصدقاؤه بزهور جميلة وكرة جديدة فاستعاد ذكرياته القديمة الجميلة وأدرك أن هاتفه الذكى كان حائلا بينه وبين متع أكبر وأصدقاء أكثر تأثيرا فى حياته ورفض الهاتف الجديد هدية والده. وعاد حسام لطبيعته وحياته الأجمل.
القصة تناولت تعامل الطفل مع التكنولوجيا فكل الأطفال غارقين فى سحر هذا العالم ولأن تعاملنا مع التكنولوجيا تعاملا خاطئا وليس بناءا بما يكفى لأننا لانهتم بتعليم أبنائنا كيف يستثمرونها استثمارا بناءا تم القضاء على الكثيرمن المعانى النبيلة والمشاعر التى لابد من تواجدها كى تستمر الحياة بروحها ويستمر وجدان الطفل ينفعل بكل الأشياء حوله لينشط خياله ويتسع ادراكه للأشياء فشغله هذا العالم عن ممارسة هواياته وعطلها إلى حد كبير إلا القليل من أبنائنا استطاع الكبار حولهم تمهيد الطريق أمامهم للاتزان وتشيط حواسهم وقدراته م العقلية والجسدية. قصة رائعة صاغتها سماح بسلاسة للطفل تؤكد أهداف أدب الطفل الذى يسعى دائما لغرس القيم الجميلة لدى أطفالنا وتساعد فى تعليمهم واكسابهم العديد من المهارات والتعامل مع الآخر واكتشاف بعض جوانب الحياة.
جاء الحوار فى القصة حوارا جميلا يثير خيال الطفل ووجدانه كحوار الكرة لنفسها عن ذكرياتها مع حسام وأصدقائه أثناء اللعب وفرحتهم بها وذكريات العصفور فى غنائه وذكريات شجرة الورد ورعاية حسام لها ودهشتهم لما صار عليه حسام من لا مبالاة بما يحدث حوله وعدم اهتمام بهم بعدما كانوا كل شيء فى حياته..
كما جاء العنوان مثيرا لخيال الطفل ومدخلا رائعا لعالمه وهذا هوالهدف الأكبر من إبداع الطفل فى رأيى بأن يثير خيال الطفل ويجعله يتساءل عما حوله حتى يكتسب خبرته بصورة أكثر تأثيرا بعيد عن تقديم الأهداف الجاهزة التى يرفضها عقله ووجدانه.
صدرت القصة عن دار البنان من رسوم تانيا الكيَّال فهنيئا لدار البنان وصول القصة للقائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد لأدب الطفل هذا العام وهنيئا للكاتبة المتألقة دائما سماح أبو بكر.