أكرم القصاص - علا الشافعي

كتّاب القصة القصيرة: معرض الكتاب المقبل يؤكد أننا لسنا فى "زمن الرواية"

الأحد، 22 يناير 2017 09:00 ص
كتّاب القصة القصيرة: معرض الكتاب المقبل يؤكد أننا لسنا فى "زمن الرواية" غلاف المجموعة القصصية زهرة الشيخ عشق
كتب ياسر أبو جامع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تشهد الدورة المقبلة من معرض القاهرة الدولى للكتاب 2017، المقرر افتتاحها فى 26 يناير الحالى، مشاركة كبيرة للمجموعات القصصية حديثة الإصدار، على عكس ما شهدته الدورات الماضية من المعرض، مخالفاً لما أكده الكثير من النقاد الكبار من سطوة كتابة الرواية على صنوف الأدب الإبداع، وجعلهم يطلقون على المشهد الأدبى الراهن مصطلح "زمن الرواية"، وفيما يلى نستطلع رأى إحدى دور النشر التى راهنت على إصدار مجموعات قصصية، وكذلك آراء بعض كتاب القصة القصيرة حول سر العودة القوية والانتشار البارز لذلك الفن الأدبى الجميل هذا العام.

 

وفى هذا السياق، قالت هالة البشبيشى، مدير دار "تويا" للنشر والتوزيع: "حينما تكون هناك جائزة مثل البوكر للرواية فقط وترفض مشاركة المجموعات القصصية، فلا بد أن الأمر يستدعى وقفة لتحديد مسار فن لا يستهان به فى الأدب المعاصر، فبرغم اضطهاد المسابقات لفن القصة القصيرة - اللهم إلا جائزة الملتقى التى برزت فى الفترة الأخيرة - ومحاولات التأكيد أن الرواية هى الأهم إلا أن القصة القصيرة ما زالت تحتفظ برونقها بين طيات السطور، فإن كان إبداع الكاتب يتبلور فى صياغة الملاحم والأعمال الروائية الطويلة فإن القصة التى تعتمد على المشهد الواحد لجانب من جوانب الحياة أو شخصية ليست محورية وربما تكون مهمشة بالمجتمع تحتاج لبراعة من كاتبها حتى يعطينا نسيج متسق من حيث البداية والمحتوى والنهاية فى صفحات أو ربما فى سطور فقط وفى زمن يتسم كل ما فيه بالسرعة".

 

وأكدت هالة البشبيشى أن القارئ يتوق لعمل يوجز له المراد منه فى بضع وريقات ومن هنا قررت "تويا" نشر المجموعات القصصية لمن يستحق أن يحمل على عاتقة تلك الراية من الكتاب والمبدعين، بل والعمل على إتاحة الفرصة لتدريس هذا الفن لمحبيه آملين أن يأتى اليوم الذى تستبدل عبارة "هذه الجائزة خاصة بجنس الرواية الأدبي, ولذا لا تتأهل لها المجموعات القصصية ....: كشرط أول لقبول العمل فى جائزة ما كبيرة.. بعبارة "تمنح الجائزة للقصة القصيرة".

 

التكثيف قيمة من قيم الإبداع الجيد

من جانبه، قال الكاتب الشاب إيهاب مصطفى - مؤلف المجموعة القصصية "اسمها زينب" التى تشارك فى معرض الكتاب 2017 – إنه من خلال كتابته للنوعين الأدبيين " القصة والرواية " فإنه يعى تماما أن لكل منهما متطلبات خاصة تختلف كثيرا فى كليهما عن الآخر، مشيراً إلى أن الكثير من الروائيين المخضرمين بدأوا بكتابة القصة وأفادهم هذا كثيرا فى الرواية من ناحية الجملة المكتوبة.

 

وأوضح مؤلف المجموعة القصصية "اسمها زينب"، أن الروائى الذى يبدأ قاصا سنجد أن "الجملة" لديه محكومة تماما ومكثفة وتحمل جزءً من الحدث، وبالتالى يكون أكثر قدرة على الكتابة بشكل ينفى وجود الإسهاب كثيرا.

 

وعن الاختيار بين كتابة القصة وكتابة الرواية، قال مصطفى: إن الإشكالية هى أن الكثير من كتاب القصة لا يصلحون لكتابة الرواية، كما أن الكثير من كتاب الرواية لا يصلحون لكتابة القصة، كلاهما فن مغاير يحتاج إلى وعى شديد بكلا العالمين، مشيراً إلى أنه يكتب القصة لأنها تحمل مجالا أرحب للتعبير برمزيات ورؤى قلما توجد فى الرواية، مؤكداً أن هناك أفكارًا لا تصلح إلا للقصص القصيرة، فالقصة فن عظيم جدا وستظل تسير جنبا إلى جنب مع الرواية يطغى كلاهما على الآخر فى بعض الأحيان ويتناوبان فى الظهور على السطح لكن لن يقدر أحدهما على نفى الآخر.

 

اسمها زينب
اسمها زينب

 

أما مؤلف المجموعة القصصية "زهرة الشيخ عشق" الكاتب أحمد عويضة، فيعتقد " أن القاص دائما ما يتجه بعد عمله الأول إلى كتابة الرواية لأنها الفن الأوسع انتشارًا، مشيراً إلى أن الأدباء الحقيقيون يعرفون جيدًا أن القصة فن منفصل تمامًا عن فن الرواية، فلكل منهما أدواته وألاعيبه.

 

ويهاجم عويضة الكُتّاب الذين يظنون أن القصة القصيرة هى فن "تمهيد كتابة الرواية" كنوع من التمارين البسيطة التى يجب على الكاتب أن يؤديها ليتمكن من كتابة الرواية، مضيفاً، فى الغالب تجد أن كتّاب الرواية قد يكتبون حكايات صغيرة على أساس أنها قصة قصيرة، لأن الحكاية بسيطة ولا تحتمل الاتساع لتملأ حيز الرواية، أو كنوع من " تمشية الإيد " لا أكثر، ولنا فى هذا أمثلة كثيرة لا داعى لذكرها.

 

ويؤكد "عويضة" أنه يوجد كتاب قصة مميزين حاولوا نشر أعمالهم القصصية وقوبلوا بلا مبالاة الجمهور والوسط الثقافى فى العموم فاتجهوا بعدها لكتابة الرواية وهى ما حققت لهم ولمجموعاتهم الانتشار، ولنا فى هذا مثل وهو الدكتور حسن كمال، وأستاذنا الدكتور محمد المنسى قنديل.

 

زهرة الشيخ
زهرة الشيخ

 

كما يشير صاحب مجموعة "زهرة الشيخ عشق"، إلى أن الطاقة الإبداعية التى تحتاجها القصة تختلف عن الطاقة الإبداعية للرواية، أن لكل منهما شكلًا ورائحة مختلفة، وأن من يمتلك الطاقتين – وهم بالمناسبة قليلون جدًا - كمن يرقد على الجمر، متابعا (قال لى أحد أصدقائى يومًا " كنت أعشق كتابة القصة، حتى كتبت الرواية فلم أعد أستطيع كتابة القصة، أريد حالة أطول أعيش معها، وأبطالًا أخلقهم واصاحبهم ")، موضحاً أن من يتمكن من الرواية يصعب عليه كثيرًا اختزال وتكثيف الحدث فى القصة، ومن يتمكن من كتابة القصة يصعب عليه خلق حياة كاملة فى الرواية.. ومن يملك الاثنين له الله.

 

القصة القصيرة "كريز" الفنون السردية

أما الكاتب مراد ماهر- صاحب المجموعة القصصية "أولياء كاذبون"، التى تشارك فى معرض الكتاب المقبل-  فقد قال:"على الرغم من كون القصة القصيرة فى ظاهر الأمر أفقر من الرواية فى احتمالها للأفراد والتعمق،  إلا أنها- من وجهة نظرى- قطعة "الكريز" بين الفنون السردية مجتمعة، حيث الحرفية فى التكثيف وانتقاء اللغة بمفرداتها وصياغتها وجمالية الطرح والوصف وجرأة الاختزال، والتى تحتاج إلى موهبة شاعرية فى منبتها.

 

وأكد ماهر على أن من أجاد كتابة القصة القصيرة يستطيع أن يقدم إضافة فى كتابة الفن الروائى، ولا أظن أن العكس صحيح. أضاف، أن قالب القصة القصيرة سيعاود اعتلاء سلم الألوان السردية قريبًا، وأن الفترة المقبلة ستشهد تجديد الفن القصصى على مستوى الشكل والمحتوى، متمنياً أن يكون جيله من الكُتّاب مساهمًا بجدية فى التدشين لهذا التجديد.

 

وقال الكاتب بيتر ماهر- صاحب المجموعة القصصية "وقت جيد للتحليق"- إن القصة القصيرة تستطيع أن تستوعب أى طاقة إبداعية لأنها تعبر عن مشهد ما من الحياة وضع الكاتب رؤيته المكثفة عنه من خلال الفكرة المطروحة، بينما الرواية حياة كاملة من التفاصيل والأحداث والمواقف لا يستطيع مجرد مشهد أو حدث واحد ضمها. الرواية تسطيع امتصاص كل القوالب الأدبية الأخرى من قصة وحتى الشعر والمسرح وأحياناً حتى المقال.

 

ويشير مؤلف "وقت جيد للتحليق" إلى أن القصة القصيرة عبارة عن دفقة شعورية سريعة يحاول الكاتب التخلص من عبء وجودها فى مخيلته فيكتبها من خلال محاولة اختزال الفكرة وتكثيف اللغة و اختيار الكلمات و الجمل المتناسبة مع الحالة القصصية.

 

وقت جيد للتحليق
وقت جيد للتحليق









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

ali

انتهي عصر القصة وإنتهت القراءة

لم يعد من شبابنا أو حتى كبار السن من يستطيع أن يقرأ رواية كاملة الآن. لسبب بسيط هو الإنشغال بمهام الحياة من عمل ودراسة. ولتعود الناس الآن على (التيك أواي) في كل شئ حتى في الأخبار. وكثير من تطبيقات الموبايلات الآن تسهم في ذلك. فيكفينا الآن قراءة سطر واحد عن أخبار العالم ويكفينا معرفة أخبار بعضنا البعض عن طريق الفيسبوك والواتس. ولم يعد هناك المجال لقراءة رواية حتى من 50 صفحة. كما أن عدم دراية الكثير من شباب بلغته اللغة العربية الفصحى فتح الباب لكتابة قصص ركيكة لاترقى للذوق العام. والحل هو أن نعود أطفالنا على ذلك مرة أخرى في المدارس ونزيد من حصص (التعبير والإنشاء والمطالعة والبلاغة والمحسنات البديعية) التي تثري من لغة وأسلوب الطفل من صغره.

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة