يعانى المرضى فى مصر من نقص حاد فى توافر الأدوية الأساسية والضرورية منذ بداية عام 2016 حتى تلك اللحظة، وكانت الحكومة أعلنت عن زيادة فى أسعار الأدوية التى تقل قيمتها عن 30 جنيها بنسبة 20 % فى شهر مايو الماضى بهدف إنعاش الصناعة وتحفيز شركات الأدوية على زيادة الإنتاج والقضاء على ظاهرة اختفاء الأدوية المعالجة للأمراض المختلفة، مما ترتب على ذلك زيادة ما يقرب من 7 آلاف صنف من الأدوية فى السعر .
وعلى الرغم من ذلك لم تشهد صناعة الأدوية فى مصر أى انفراجة، وبسبب تحرير سعر الصرف فى شهر نوفمبر الماضى، والذى أدى إلى ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه وتخطى سعره 18 جنيها بعدما كانت قيمته 8.88 جنية فى البنوك، بدافع القضاء على السوق الموازى وهو ما يعرف بالسوق السوداء، وصاحب قرار تخفيض الجنيه التخلص من قواعد كانت تقضى بمنح الأولوية فى الحصول على العملة الأجنبية التى لدى البنوك لمستوردى الدواء والمستحضرات الطبية لتوفير احتياجات المرضى.
اليوم السابع عقد لقاءات مع عدد من الصيادلة لاستطلاع آرائهم حول الزيادة الجديدة فى أسعار الآدوية، ومدى تأثيرها على إقبال المواطنين على الشراء، ولمعرفة كيفية التغلب على تلك المشكلة من وجهة نظرهم.
قال الصيدلى حاتم إبراهيم مالك إحدى الصيدليات بمنطقة الهرم إن هناك نقصا حادا فى أدوية الحمل المستوردة سواء كانت الأدوية والفيتامينات المطلوبة للمرآة الحامل أو أدوية منع الحمل"، متسائلا "كيف تريد الدولة تقليل معدل الإنجاب فى ظل عدم توافر الأدوية التى تساعد على ذلك للحد من الزيادة السكنية التى مسألة أمن قومى" .
كما أشار حاتم إبراهيم فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إلى اختفاء حقن سيربيوليسين للأطفال لعلاج حالات نقص نمو المخ أو الدماغ، بالإضافة إلى اختفاء العديد من الأدوية الشهيرة التى تعالج حالات البرد الإسهال والتهابات اللثة والمطهرات المعوية وبعض المضادات الحيوية، وأكد أن الإعلان عن التسعيرة الجديدة التى سوف تطبق بداية من الشهر المقبل وإعلان وزارة الصحة بارتفاع اسعار أكثر من 3000 دواء هو السبب الرئيس وراء اختفاء الأدوية مؤكدا أن هناك عددا كبيرا من الصيدليات الكبرى تقوم بتخزين الأدوية فى المخازن لبيعها بالتسعيرة الجديدة.
بينما قال الصيدلى هانى محمود مالك إحدى الصيدليات بشارع الملك فيصل، إن ارتفاع أسعار بعض الأدوية دفع المواطنين إلى شرائها بالقرص الواحد أو الثلاثة أقراص بعد أن كانوا يشترون علبة أو على الأقل شريط، مؤكدا أنه حال تطبيق الأسعار الجديدة سيتوقف أغلب المواطنين عن الشراء، نظرا لضعف قدرتهم الشرائية، وبالتالى سوف يؤدى إلى تدهور صحة المرضى، ما يتسبب فى وفاة العديد منهم.
وأوضح هانى أن ارتفاع أسعار الدواء يرجع إلى ارتفاع مصاريف الدعاية والإعلان ورواتب العاملين بشركات الأدوية، وهامش الربح الذى تحققه الشركات هو ما يزيد من تكاليفها وأن تكاليف الدواء الحقيقة أقل من 20% من سعره المعرض بالصيدليات، قائلا: "الدواء مش محتاج زيادة بدليل حصول وزارة الصحة على الدواء من الشركات بسعر منخفض جدا".
وأكد هانى أن تلك الزيادة التى من المقرر تطبيقها الشهر المقبل سوف تكون مرهقة جدا للجمهور، لأنها ستؤدى إلى ارتفاع كبير فى أسعار المضادات الحيوية، وأدوية علاج الأمراض المزمنة مثل الأمراض التى تتعلق بمرضى السكر والضغط والقلب والسرطان بأنواعه بالإضافة إلى أمراض الجهاز التنفسى، مشيرا إلى ان بعض شركات الأدوية الشهيرة لا تضع أسعار على كراتين الأدوية التى تقوم بتوريدها إلى الصيدليات مما يفتح الباب للتلاعب، وأن بعض الشركات الأخرى توقفت عن إنتاج بعض الأدوية منذ ما يقرب من شهر انتظارا لتطبيق التسعيرة الجديدة.
وأوضح أن قرار زيادة أسعار 15 % من الأدوية المحلية بحد أدنى 5 إلى 7 منتجات لكل شركة، سيتم تطبيقها على الأدوية الأساسية والضرورية التى يحتاجها المواطنون وسيتم إعفاء باقى الأدوية التى تنتجها الشركات من الزيادة، وهى الأدوية التى لا يحتاجها المواطنون بصفة مستمرة، مشيرا إلى وجود 500 صنف من أدوية الضغط والسكر ستتعرض للزيادة بالإضافة إلى الأدوية التى تستخدم لعلاج الأمراض المزمنة والمختفية بالفعل من الصيدليات منذ عدة شهور، بالإضافة إلى أدوية أمراض الكلى.
من جانبه أبدى الصيدلى خالد محمد بمنطقة العمرانية بمحافظة الجيزة رفضه لمسألة وجود سعرين مختلفين للأدوية لأنها تشكل عائقا كبيرا بالنسبة لأصحاب الصيدليات الصغيرة، نظرا لأن المريض سيتجه للصيدليات الأكبر التى قامت بتخزين كمية كبيرة من الأدوية بالأسعار القديمة، وبالتالى سيظلم الصيادلة الذين لم يقوموا بتخزين كميات كبيرة .
وأضاف أنه يريد تشكيل إدارة للغذاء والدواء على غرار تلك التى توجد فى الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة باسم fda والمسئولة عن حماية وتعزيز الصحة العامة من خلال التنظيم والإشراف على المنتجات الغذائية والأدوية والعقاقير والمستحضرات الطبية، موضحا أنه من مهامها الإشراف على كمية المنتجات الطبية والأدوية المختلفة التى تنتجها المصانع، وعن الكمية الموجودة لدى شركات التوزيع والأسواق لضمان توافرها لمدة لا تقل عن 6 أشهر كى لا تحدث أزمات مستقبلية.
وشدد على أهمية تعزيز ثقافة شراء الأدوية عند المصريين، حيث إن لكل دواء بديلا له يحتوى على نفس المادة الفعالة ولكن الاختلاف يكون فى السعر والشركة المنتجة للدواء والاسم التجارى له، موضحا أن أغلب المصريين يرفضون شراء بديل للأدوية المكتوبة لهم بمعرفة الأطباء، مشيرا إلى أنه فى حال تعزيزها سيخف الضغط على بعض الأدوية التى تختفى من الأسواق .
جدير بالذكر أن وزارة الصحة مؤخرا عن الأسعار الجديدة للأدوية، والخاضعة لقرار تحريك الأسعار المنتظر تطبيقه بدءا من فبراير المقبل، حيث من المتوقع أن يصل عدد الأدوية الخاضعة للقرار لحوالى 3 آلاف صنف، ومن المنتظر زيادة أسعار 15% من الأدوية المحلية، بنسبة 50% للأدوية التى تقل عن 50 جنيهًا، وبنسبة 40% للأدوية التى يتراوح سعرها من 50 إلى 100 جنيه، أما الأدوية التى يزداد سعرها عن 100 جنيه فسترتفع أسعارها بنسبة 30%، بينما سيتم زيادة أسعار 20% من الأدوية المستوردة بحيث تزداد أسعار الأدوية من جنيه إلى 50 جنيهًا، بنسبة 50% وما فوق الـ50 جنيها بنسبة 40%.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة