د. سيد بكرى يكتب: أبدًا لن تنجح محاولات الوقيعة فى مصر

الأربعاء، 18 يناير 2017 10:00 م
د. سيد بكرى يكتب: أبدًا لن تنجح محاولات الوقيعة فى مصر مسلم ومسيحى فى إيد بعض

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل عام وإخوتى المسيحيين بكل خير وسلام وأمان فى بلدنا العامر مصر، فحب مصر واجب علينا جميعاً. أن مصر العظيمة هى النبراس الذى شع الحضارة والمدنية للعالم أجمع .. وما تزال، وعلى الرغم من أنها واجهت و تواجه كثيراً من التحديات التى تستهدف شعبها الأبى، فإن المصريين يعيشون على ترابها الطاهر يداً واحدة وجسداً واحداً وثقافة واحدة. 
 
ولا يعجبنى ما يطلق من مصطلحات ومرادفات على لقاءات المسلمين بالمسيحيين مثل لقاءات الوحدة الوطنية مثلاً فهذا التعبير - الوحدة الوطنية – إنما يطلق على شيئين انفصلا ثم أتحدا، فنحن المصريون مسلمون ومسيحيون لم نفصل لكى نتحد . فمنذ الفتح الإسلامى لمصر إلى يومنا الحاضر يعيش الأقباط - مسيحيون ومسلمون- على أرض مصر يداً واحدة وجسداً واحداً يقهرُ الغزاة ويكسرُ شوكةً الطامعين لا فرق بينهم لأنهم عنصر واحد لأمة واحدة. ومن يعايش المصريين ويتأمل عاداتهم وأعرافهم يجد نفسه أمام شعب واحد، ونسيج واحد، يمضون قدماً فى بناء بلدهم ويذودون عنها بأرواحهم وبالغالى والنفيس من أموالهم، ويواجهون تحديات حاضرهم ومستقبلهم.
 
وإذا كانت الأزمات الوطنية تعد اختباراً قاسياً لوحدة أبناء الوطن فقد مرت مصر بأزمات متعددة وحروب طاحنة أثبت المسيحيون فيها أنهم إذا كانوا لا يزيدون عن معظم المسلمين‏ ‏مصرية‏ بالأصل العرقى فإنهم لا يقلون عنهم‏'‏ مصرية‏'‏ بالحس الوطني‏. أن الوطنية مطلب شرعى وحب الوطن غريزة متأصلة فى النفوس السوية تستلزم الحفاظ على أمن الوطن واستقراره وتجنب الأسباب المفضية إلى الفوضى والاضطراب والفساد، ولعل اختلاط دم المصريين فى حرب أكتوبر المجيدة لخير دليل للعالم كله على تماسك وتكامل وترابط نسيج الأمة المصرية. 
 
أن الناظر المدقق إلى التاريخ البعيد ليلحظ معاناة المصريين الشديدة والقاسية فى فترة حكم الرومان, ويمر الزمان ويأتى الفتح الإسلامى لمصر فيتحرر المصريون من القهر الذى فرضه عليهم الرومان. وينثر المسلمون الحرية فى ربوع مصر فتتحرر الأرض وتتحرر الكنائس والأديرة وتعود طيبة إلى أهلها، ويعيد عمرو بن العاص البَطريرَك إلى وطنه.. وإلى كنيسته .. وإلى رعيته. و من المواقف التى تبرهن للدنيا بأسرها على وطنية المصريين مسيحيين ومسلمين ووقوفهم جنباً إلى جنب فى صد العدوان ومواجهة الفتن وتقاسم الافراح والاتراح, خطبة القس سر جيوس ملطى من على منبر الأزهر أبان ثورة1919 معلناً رفض حماية الإحتلال الإنجليزى للأقباط قائلاً: إذا كان الإنجليز هم الذين سيحمون الأقباط فليمت كل الأقباط ولتحيا مصر حرة مستقلة – فكانت الحياة لجميع المصريين. وها هو الدكتور نبيل لوقا بباوى - المسيحى المصرى - والذى رفض إلصاق تهمة الإرهاب بالإسلام دين إخوته المسلمين فغدا يقرأ ويكتب فأخرج للنور مؤلفين جديرين بالقراءة الأول عنوانه "انتشار الإسلام بحد السيف بين الحقيقة والافتراء" والثانى "الإرهاب لا يمكن أن يكون صناعة إسلامية - وإنما هو ظاهرة عالمية لا صلة لها بالإسلام ولا بأى دين آخر".
 
 وإننى على يقين من أن شركاء الوطن أخوتنا المسيحيين يعون ويعلمون أن الاسلام بريء من الإرهاب والعنف وأن قواعد الإسلام وتعاليمه لم تنص على ذلك حيث أمر الإسلام ببرهم وحماية دور عبادتهم والحفاظ على أموالهم واعراضهم ومن قبلها حياتهم. أن الإسلام دين عالمى يدعو إلى السلام والتعاون وتحقيق الخير للناس كل الناس .. دين واسع الأفق يستوعب الجديد فى سبيل الرقى والتقدم والبناء ويرفض الجمود والتعصب والعنف والهدم.
 
إن الإسلام يسعى إلى تحقيق منهج التعايش فى الحياة وإيجاد التوازن فى حياة الانسان الروحية والمادية وفق فطرة الله التى فطر الناس عليها. وأن أول ما يقدمه الإسلام للبشرية هو الأمن والسلام ومن ثم فإن أى فصيل أو حركة تمارس العنف و الإرهاب أو تسانده فهى مخاصمة ومحاربة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
 
لقد أقر الإسلام وجود الآخر، وأهمية التعامل معه، ووضع القواعد التى تضمن حق المسلمين فى المجتمع، وحق الآخرين الذين يعايشونهم، دائماً أو بصفة مؤقتة، ولم يكن ذلك معهوداً قبل الإسلام. أن القواعد التى وضعها الإسلام لتنظيم العلاقة بين المسلمين وغيرهم فى المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، تتميز بالسماحة والسلام، وحفظ الحقوق، وتجنب الظلم لمجرد الاختلاف فى الدين، يقول الحق جل وعلا: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ أن اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (المائدة: 8) هنا يبين الحق جل وعلا أمره لعباده المؤمنين بأن يكونوا قوامين بالقسط قائمين بالعدل، وأن يكون عدلهم مع جميع الخلق، الموافقين منهم والمخالفين، وأن لا يحملهم بغضهم للمخالفين بأن لا يعدلوا معهم، لأن بالعدل قامت السموات والأرض، و العدل هو أقرب الطرق الموصلة للتقوى. فهناك حد أدنى يجب الحفاظ عليه. ولم يُحَرِّمْ الاسلام المعاملات المالية والتجارية وغيرها مع غير المسلمين، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه اشترى من الكفار واشترى من اليهود، وهذه معاملة، بل أنه توفى عليه الصلاة والسلام ودرعه مرهونة عند يهودى فى طعام لأهله. 
 
ان التسامح والمحبة مع غير المسلمين والإحسان إليهم من الجوانب المضيئة فى حضارتنا الإسلامية ومن الصفحات المشرقة فى سجل تاريخنا الإسلامى الزاخر بالمآثر والمفاخر والتى نعتز بها والتى تشهد بأن الإسلام دين الرحمة والإحسان والعدالة والإنصاف .ومن أعظم صور هذا التسامح دعوته إلى الإيمان بجميع الأنبياء دون تفريق بين نبى ونبى فكلهم جاءوا بدعوة واحدة ورسالة واحدة وهدف واحد . كما دعا الإسلام إلى التعاون بين الناس جميعا، فوجه الدعوة إلى المسلمين الخاصة وإلى سائر الناس عامة قال تعالى {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَان} (المائدة : 2 ) .
 
يقول المستشرق البريطانى لين بول: "جاء الإسلام ليهتف لكم دينكم ولى دين فى الوقت الذى كان التعصب الدينى قد بلغ مداه، وكانت هذه المفاجأة للمجتمع البشرى الذى لم يكن يعرف حرية التدين" . ويقول توماس أرنولد فى كتابه الدعوة الإسلامية : " لقد عامل المسلمون الظافرون العربَ المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الاول للهجرة، وأستمر هذا التسامح فى القرون المتعاقبة، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التى اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة وأن العرب المسيحيين الذين يعيشون فى وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لَشاهد على هذا التسامح ". 
 
وعلى منهج الإسلام الصحيح يسير الأزهر الشريف عبر تاريخيه المجيد ليبادر فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب – شيخ الأزهر - بإنشاء ( بيتُ العائلةِ المصرية ) كدرع واق لحماية الجبهة الداخلية المصرية من محاولات الوقيعة وإثارة الفتن بين مسلمى مصر ومسيحيها. وبيت العائلة ليس مجلس مصالحة بين طرفين بل أنه يستهدف تجديد الخطاب الإسلامى والمسيحى على السواء ومناقشة القيم العليا المشتركة، ومناقشة الأسباب الحقيقية للمشكلات التى تطرأ على المجتمع بواقعية وموضوعية ووضع الحلول الناجعة لها. لأن إلباس المشكلات والقضايا العادية بين المسلمين والمسيحيين بزى الدين من أخطر ما يمكن أن يهدد أمن مصر. وهكذا يظل الازهر بمآذنه والكنيسة بمناراتها حصناً حصيناً لترسيخ المحبة والسلام ليظل المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض المحبة لنعيش فى السلم كافة ولا نتبع خطوات الشيطان لأنه لن ينجح ابدًا فى شق صف المصريين وكل عام وانتم بخير .






مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

أ.د. / فكرى أبوسنه

يسلم قلمك يادكتور / سيد بكرى

نفس الكلام الذى قاله د. / سيد بكرى وأزيد عليه أننا طول عمرنا نعيش مسلمين ومسيحيين بلا أى فروق نتزاور ونتبادل التهانى والهدايا ونسأل على بعض. إلى أن بدأ ذهاب المدرسين إعارات إلى المملكة العربية السعودية وعادوا بالفكر الوهابى المتطرف والذى يختلف تماما عن فكر الأزهر المستنير بدأنا نعانى من قلة العلم والأدب فى نفس الوقت. تحياتى لد. / سيد بكرى واستمر فى التوعية للناس

عدد الردود 0

بواسطة:

د. فتحى الشاعر محمد

لافض فوك استاذنا الغالى

أؤيد كلامك استاذنا الغالى فديننا لايعرف التفرقة بين مسلم ومسيحى . فنحن فى صعيد مصر المسلم بجوار المسيحى نأكل فى بيوتهم ويأكلوا فى بيوتنا . فى المصائب يقفوا بجورانا ونقف بجوارهم كلمة انا مسلم ولا انا مسيحى لاتقال بل لانعرفها وعن تجربة يادكتور سيد انا كنت أذهب الى المدرسة فى المرحلة الابتدائية عن طريق رجل جارى مسيحى ووالله والله لم اعرف انه مسيحى الا فى المرحلة الثانوية . هذا دليل على اننا نسيج واحد . جزاكم الله خيرا استاذنا الغالى واعانكم الله على نشر التوعية بين الناس فنحن فى أشد الحاجة الان الى التماسك كيد واحدة لعبور المرحلة الراهنة ولكى تقف مصر على يد رجال متحابين فيما بينهم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة