إسلام الغزولى

مواجهة الفساد

الجمعة، 13 يناير 2017 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

وجهت الرقابة الإدارية خلال الأشهر الماضية ضربات متتالية موجعة لمنظومة الفساد الإدارى فى مصر، فى صمت ودون جلبة، وتعاقب الإعلان عن مئات الضبطيات بمبالغ ضخمة تجاوز بعضها المائة وخمسون مليون جنيه فى القضية الأبرز فى الأيام الماضية المشهورة بقضية اللبان، وقضية الموظفة بإحدى الإدارات التعليمية التى تقاضت وحدها ما يقارب الـ100 مليون جنيه رشوة، وتنوعت القصص والمتهمون بكل مؤسسات وأجهزة الدولة.

 

ولا شك أن هذا الرقم الكبير قد سبب حالة من الصدمة لدى قطاع كبير من المتابعين، ففى الوقت الذى تعانى فيه ميزانية جمهورية مصر العربية من أزمات متلاحقة وعجز كبير دفع الحكومة إلى الهرولة إلى خطة تقشف اقتصادى تعتصر المواطنون، ظل الفاسدون يسرقون وينهبون ويبتلعون كل محاولات الدولة للإصلاح الاقتصادى وإعادة هيكلة الإقتصاد المصرى لتصحيح مساره.

 

هذا الجهد المحمود من الرقابة الإدارية، وهى أحد أهم أذرع مكافحة الفساد تستحق الثناء عليه بلا شك، لكن تأمل حجم القضايا والضبطيات التى قامت بها، يعيد إحياء فكرة إنشاء مظلة موحدة لجهود مكافحة الفساد، وسن قوانين عاجلة لمعاونة رجال الدولة فى هذه المهمة الصعبة، والتى تحتاج منهجية دقيقة وخطة محكمة لمحاصرة الفساد الذى لا يقف عند حد السرقة من المال العام، والرشوة، لكن يمتد لإهداره وسوء إدارة المال العام وهى جريمة لا تقل فداحة عن الفساد.

 

إن مجرد تأمل هذا القدر من الاعتداء على المال العام يجعل المرء يتساءل عن قدر الاستفادة غير المشروعة التى تحققت للراشين والمحتالين من خلال ضعف قوانين عديدة ومنها على سبيل المثال لا الحصر قانون المناقصات والمزايدات، كم حققوا من مكاسب غير قانونية، بل غير إنسانية فى الوقت الذى يعانى فيه ملايين الفقراء والمواطنون الشرفاء ليجدوا أقوات يومهم ويعيشون فى تقشف خوفا من أن يسقط هذا البلد الكبير فى بئر الإفلاس والانهيار.

 

إن مكافحة السلوكيات والممارسات الموروثة داخل الجهاز الإدارى للدولة تبدو فى ظاهرها قانونية وشرعية مائة بالمائة لكنها فى حقيقية الأمر وليدة خلل جسيم فى اللوائح والقوانين الحاكمة لكل مؤسسة، وأبسطها المتعارف عليه من استخدام فائض الميزانية فى إحلال وتبديل ما لا يستحق التبديل لينفق فى غير المخصص له حتى لا يتم تقليص ميزانية العام المقبل.

 

هنا نحن لا نتحدث عن سرقة أو نهب للمال العام بل عن ممارسات صحيحة وسليمة فكم من الطرق رصفت وأعيد رصفها فى أقل من عام واحد، لأن ميزانية مؤسسة ما بها فائض يجب التخلص منه وصرفه.

 

إن هذا القدر من الإهدار لا يتناسب مع ما تمر به جمهورية مصر العربية من مرحلة حرجة وحاسمة، وهو لا يقل خطورة وتوحشا عن جرائم الفساد والرشوة وسرقة المال العام.

 

ولا شك فى أن محاصرة هؤلاء الجشعين والمغرضين يحتاج إلى التحول إلى آلية ممنهجة وصارمة ولها اليد العليا، نظرا لأن جرائم الفساد والسرقة فى جمهورية مصر العربية وبكل وضوح ودون تجميل للواقع جرائم ممنهجة، وقد إمتد عصبها ليصل إلى جذور غالبية مؤسسات الدولة.

 

إن ما تفعله الرقابة الإدارية دعوة مفتوحة لمجلس النواب وكل الأجهزة المعنية بالتعجيل فى إصدار القوانين الملائمة، وتأسيس بنية تشريعية جديدة راسخة لتستطيع مقاومة ومكافحة فساد بهذا الحجم.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة