د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب: هذا الشبل من ذاك الأسد

الخميس، 12 يناير 2017 04:00 م
د.داليا مجدى عبد الغنى تكتب: هذا الشبل من ذاك الأسد داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"هذا الشبل من ذاك الأسد"، هذه الجملة عادةً ما تُقال على الابن الذى يرث صفات والده، فيقال ذك لأنه يكون قد أخذ سماته وجِيناته الوراثية، لدرجة أن الناس تستشعر بعدم وجود فارق بينهما، سوى فى العُمر والشكل فقط، وأحيانًا يشعرون وكأنهم يتعاملون مع الشخص ذاته، والحقيقة أنه بالرغم من أن أغلب الأبناء يتمنون أن يكون لديهم صفاتهم وشخصياتهم الخاصة بهم، والتى تُميزهم وتخلق الاستقلالية لديهم، إلا أن هذا لا يتعارض على الإطلاق مع توارث الابن للكثير من صفات والديه، سيما لو كانت هذه الصفات إيجابية، فلا غرابة فى أن يكون الأبناء امتدادًا لوالديهم، والامتداد ليس معناه التطابق الكامل، وإنما التشابه الشديد، واستكمال المسيرة بشكل أفضل يُؤكد على وجود صفات خاصة بالابن، ميزته على والديه .
وعمومًا قصة هذه المقولة، هى أنه فى القرن الأول الهجرى، كان هناك شاب يطلب العلم، ولكنه كان فقيرًا، وفى يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع، فانتهى به الطريق إلى أحد البساتين، والتى كانت مملوءة بأشجار التفاح، وحدثته نفسه بأن يأكل تُفاحة يسد بها رمقه، وهذا لن يُنقص هذا البستان، وفعل ذلك، ولمـا عاد إلى بيته، بدأت نفسه تلومه، فذهب إلى صاحب البستان، وحكى له ما حدث، وطلب منه أن يسامحـه، فقال له صاحب البستـان : "واللهِ لا أسامحك، بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله"، فبدأ الشاب يبكى، ويتوسل له ويرجوه، وصاحب البستان يُصر على الرفض، فعرض الشاب عليه العمل فلاحًا فى البستان دون أجر بقية عمره، فقال له صاحب البستان : "يا بُنى، إننى مستعد أن أسامحك الآن، لكن بشرط، هو أن تتزوج ابنتى، ولكن اعلم أن ابنتى عمياء وصماء وبكماء ومُقعدة لا تمشي" . فصدم الشاب، وفكر فى حاله مع هذه الفتاة العليلة، سيما وأنه فى مٌقتبل العمر، ولكنه قبُل، وفى يوم العُرْسِ كان الشاب حزينًا، وعندما ذهب ليرى العروس، وجدها جميلة جدًا وكأنها حورية من الجنة، وكانت تتحدث وتسير وتسمع وترى، فسألها : "لماذا قال عنكِ أبوكِ هذا الكـلام؟!"، فقالت له : "لأننى عمياء عن النظر إلى الحرام، وبكماء عن الكلام فى الحرام، وصماء عن الاستماع إلى الحرام، ولا تخطو قدماى خطوة إلى الحرام، وإننى وحيدة أبى، ومنذ سنوات وهو يبحث لى عن زوج صالح، فلما أتيته وعلم أنك تخاف الله، اختارك لي"، وبعد عام أنجبت هذه الفتاة من هذا الشاب غلامًا من القلائل الذين مروا على هذه الأمة، وهو الإمام "أبو حنيفة"، وبالفعل من يعرف قصة والد الإمام ومسيرة الإمام ذاته لا يندهش من أن يكون "هذا الشبل من ذاك الأسد" . 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة