تستقبل محافظة الإسكندرية، اليوم الخميس، اللواء رضا فرحات محافظ الإسكندرية الجديد بعد حلف اليمين أمام الرئيس عبد الفتاح السيسى أمس، والذى أصدر توجيهات للمحافظين الجدد بمراعاة المواطن البسيط والحرص على توافر السلع الغذائية ومواجهة ارتفاع الأسعار وتحقيق الرضا العام عن الخدمات العامة الموجهة للمواطن.
"اليوم السابع" يطرح أهم التحديات والملفات المطروحة أمام المحافظ الجديد، وتضم تلك الملفات عددا من المشاكل المزمنة بالمحافظة.
ملف العقارات المخالفة: 60 ألف عقار مخالف والأزمة تتفاقم
يعتبر ملف المبانى المخالفة من أهم العقبات التى واجهت المحافظين السابقين وأخرهم المهندس محمد عبد الظاهر أثناء توليه المنصب، والتى حاول كل منهم استيعابها من خلال عدة آليات منها حملات الإزالة والتى لم تمثل 1% من حجم المشكلة المتفاقمة، أو من خلال إصدار قرارات بقطع جميع المرافق من مياه شرب وكهرباء وصرف صحى وغاز عن العقارات المخالفة التى تم إنشاؤها بدون ترخيص أو المخالفة لشروط الترخيص، بالإضافة إلى تعديلات تشريعية، وذلك أملا فى الحد من الظاهرة، إلا أن الظاهرة تفاقمت حتى وصل إجمالى العقارات المخالفة إلى 60 ألف عقار مخالف – وفق تصريحات محافظ الإسكندرية السابق.
لم تستطع المحافظة ملاحقة العدد الكبير للمبانى المخالفة بتنفيذ قرارات الإزالة التى تدخل فيها الجهات الأمنية كجهة رئيسية فى عمليات تنفيذ القرار، بالرغم من استخدام الأجهزة الحديثة فى الهدم، كما لم يستطع تقديم الردع القانونى اللازم للمقاولين المخالفين.
وفى ظل تفاقم الأزمة وعدم إحكام سيطرة الدولة عليها، انتشرت ظاهرة "الكاحول" وهو الشخص الذى يقوم بتحمل عبء العقاب القانونى، وفى أغلب الأحيان هو إما شخصية وهمية أو لم يستدل على عنوانه، وتعتبر تلك هى الثغرة القانونية التى يعتمد عليها غالبية المقاولين للتملص من العقاب القانونى.
كما انتشرت بالإسكندرية ظاهرة العقارات المائلة، نتيجة لغياب الشق الرقابى من الأجهزة التنفيذية وغياب إشراف الإدارات الهندسية على العقارات التى يتم بناؤها بدون ترخيص، فأصبحت تمثل خطرا داهما على السكان والعقارات المجاورة والمارة .
ملف العقارات القديمة والآيلة للسقوط: 5 آلاف عقار يشكل خطورة داهمة
ويعد ملف العقارات الآيلة للسقوط من أهم العقبات التى تواجه الإسكندرية، خاصة فى ظل عدم تنفيذ قرارات الإزالة الصادرة من الأحياء، لعدم وجود بديل تطرحه الدولة لسكان العقارات القديمة وعدم قدرة الدولة على توفير شقق سكنية جديدة لنقل السكان إليها، فيضطر السكان إلى البقاء داخل تلك العقارات الآيلة للسقوط فى انتظار تنفيذ حكم الموت بانهيار العقار عليهم، وأكثر ما يثير فزع هؤلاء السكان هو هطول الأمطار فى فصل الشتاء والذى يعجل بحكم القضاء والقدر فى انهيار العقار على السكان.
ووفق تصريحات الدكتورة سعاد الخولى، نائب محافظ الإسكندرية، فإن عدد العقارات الآيلة للسقوط تقدر بحوالى 5 آلاف عقار آيل للسقوط، يشكل خطورة داهمة على السكان.
وتواجه الإسكندرية هذا الخطر الداهم فى حوالى 10 مناطق تنتشر بأحياء الإسكندرية القديمة والتى تحتوى على منازل يعود عمر البعض منها إلى أكثر من100 عام، مثل منطقة اللبان، وبحرى، والمنشية، وطابية صالح، والقبارى، وكرموز، والعطارين، ومحطة مصر، وكوم الدكة، وأبوقير .
ملف الصرف الصحى: تهالك الشبكة والتى أطاحت بمحافظين سابقين
على الرغم من أن ملف الصرف الصحى ومياه الأمطار ليس الملف الأخطر بالإسكندرية، إلا أنه أطاح بعدد من المحافظين، الأول اللواء طارق مهدى والثانى هانى المسيرى، والذى يعتبر من الملفات الأكثر إلحاحا الآن بالمحافظة، لما سببه من أزمات متتالية خلال فصل الشتاء الماضى، والذى كشف تهالك شبكة الصرف تماما وعدم صيانتها منذ 10 أعوام تقريبا، بالإضافة إلى تورط عدد من المسئولين بالجهاز التنفيذى لمشروعات الصرف الصحى التابع لوزارة الإسكان فى قضية إهدار المال العام، بقيمة 30 مليون جنيه، بتركيب طلمبات غير صالحة للعمل بمحطة رفع مياه الصرف بالسيوف.
ويبقى التحدى أمام المحافظ الجديد، قدرته على السيطرة على هذا الملف الخطير الذى قد يطيح به كسابقيه، خاصة فى ظل عدم تبعية شركة الصرف الصحى بشكل مباشر إلى المحافظة، بالإضافة إلى تنفيذ خطة رفع كفاءة الشبكة والتى شدد عليها الرئيس ولم تبدأ المحافظة فى تنفيذها بعد، وتم الانتهاء من تنفيذ الخطة العاجلة فقط لمعالجة البؤر الساخنة بتكلفة 20 مليون جنيه.
ملف القمامة: تجديد العقد للشركة الحالية بشكل مؤقت وعدم طرح المناقصة الجديدة
تحتل مشكلة القمامة، المرتبة الرابعة فى الملفات المزمنة لمحافظة الإسكندرية، حيث كان الملف مهملا فى عهد محمد عبد الظاهر ورفض التعامل معه بوضعه الحالى، مما أدى إلى تدخل وزارة البيئة بخطة عاجلة لتفريغ المحطات الوسيطة والتجديد بعقد مؤقت لشركة النهضة الحالية لحين الانتهاء من وضع كراسة الشروط وطرح المناقصة لتطبيق منظومة النظافة الجديدة.
ويبقى التحدى الأكبر أمام المحافظ الجديد هو توفير الموارد المالية لسد ديون المحافظة لشركات القمامة والسداد للشركة الجديدة والتى تصل إلى 15 مليون جنيه شهريا.
ملف الباعة الجائلين: إهدار 6 آلاف باكية وعودة الباعة لافتراش الشارع
أما مشكلة الباعة الجائلين، فقد كانت من أكثر المشكلات التى تسببت فى حالة إحباط شديدة، للرأى العام وللمواطن السكندرى، حيث بدأ الباعة الجائلون بالعودة للشوارع مرة أخرى بشكل تدريجى إلى أن عاد الشىء لأصله مرة أخرى، وعادوا لاحتلال الشوارع والأرصفة والتسبب فى حالات الاختناق المرورى بالرغم من حملات الإزالة اليومية المتكررة التى تشنها الأجهزة التنفيذية والأمنية فى كل حى من أحياء الإسكندرية من حين إلى أخر دون جدوى.
وعلى الرغم من مساعى المحافظة فى توفير أماكن بديلة، للباعة الجائلين تنفيذا لقرار رقم 8658 الصادر بتاريخ 16 /4/2014 بشأن زيادة الاهتمام بالمشروع القومى للباعة الجائلين وتطوير العشوائيات والمحافظة على المظهر الحضارى لحل مشكلة الباعة الجائلين، إلا أن كل تلك المساعى باءت بالفشل وعادت المشكلة للتفاقم مرة أخرى، وضاعت أموال الجمعيات المنفذة لمشروع بناء 6 آلاف باكية موزعة على 6 مناطق مختلفة بالإسكندرية فى عهد المحافظ الأسبق اللواء طارق مهدى، وهى منطقة عمود السوارى وسباهى بالعوايد والبطاطين وسوق الثلاثين والموقف الجديد ومول فلورينا بالمنشية، حيث تم تسليم جزء منها بالفعل.
واستكمال ما قرره المحافظ السابق من إعادة تشغيل سوق الـ30 وإعادة طرح باكيات سوق شارع 30 ونقل الباعة من المعهد الدينى إليه، حفاظا على المظهر العام والحضارى لمنطقة المعهد الدينى، خاصة وأن بناء الباكيات فى المعهد الدينى كان فى شكل كتل أسمنتية أعاقت حركة المرور واستخدمها الباعة الجائلون كمخازن فقط وعادوا لافتراش الشارع مرة أخرى.
ملف مقر ديوان عام المحافظة: لا يوجد مقر والمبنى تحت الإنشاء
ومؤخرا أضيف على تلك الملفات المعلقة والمستحيلة الحل، ملف جديد تسبب فى أزمة وهو ملف مقر ديوان عام محافظة الإسكندرية، حيث إنه منذ اندلاع ثورة 25 يناير واحتراق مبنى الديوان فى أحداث جمعة الغضب 2011 وديوان عام محافظة الإسكندرية بلا مقر، مما يؤثر على أداء الجهاز الإدارى والتنفيذى بها بعد أن تشعبت الإدارات فى عدد من الهيئات الحكومية، وأصبح الشغل الشاغل لأى محافظ هو العمل فى ظل تلك الظروف الصعبة.
ومازال المبنى الجديد الذى يتم بناؤه من 3 طوابق على الطريق الزراعى بمنطقة أبيس تحت الإنشاء، ولم يتم افتتاحه إلى الآن، ويتم حاليا استخدام الطابق الأول فقط من مقر مجلس الوزراء بالإسكندرية للجهاز الإدارى فقط.
ملف المبانى الأثرية: 36 مبنى أثريا مهددا بالهدم
بالرغم من العلاقة المعقدة بين محافظ الإسكندرية كمسئول تنفيذى وبين هدم المبانى الأثرية التى قد تتم بشكل قانونى أحيانا، إلا أن ملف هدم المبانى الأثرية أحد أهم الملفات المطروحة أمام المحافظ الجديد، حيث تتعرض هذه المبانى إلى مذبحة بدأت منذ عام 2007، ومستمرة حتى الآن وبمباركة الدولة التى سمحت رسميا برفع 36 مبنى وفيلا أثرية بالإسكندرية من مجلد التراث، بما يعطى لمالك المبنى الأثرى حرية التصرف فيه بالهدم أو بالبيع، والبعض منه يتم هدمه بناء على حكم قضائى.
وتعرضت المبانى الأثرية إلى مذبحة حقيقية خاصة فى فترة الانفلات الأمنى التى أعقبت ثورة 25 يناير، وكانت أخر تلك المحاولات هو ما حدث من محاولات هدم فيلا شيكوريل الأثرية والصادر بشأنها قرار من مجلس الوزراء بمنع هدمها.
ملف المشروعات الاستثمارية وعدم طرح مشروعات وهمية كسابقيه
يعد ملف المشروعات الاستثمارية من أهم الملفات التى تجعل محافظة الإسكندرية واعدة سياحيا وصناعيا، حيث يوجد بها 40% من حجم الصناعات فى مصر.
ويبقى التحدى أمام المحافظ الجديد هو طرح مشروعات استثمارية وسياحية واقعية وليست وهمية كسابقيه، حيث أعلن المحافظ السابق عن مشروعات لم تتحقق مثل مشروع كازينو السرايا والمدينة الطبية وفندق على شكل فنار فى أرض كوتة وبناء مدينة سكنية نموذجية ببرج العرب.
ملف ترعة المحمودية: الإهمال سنوات وعدم تطهير وتعميق المجرى المائى
تمتد المحمودية داخل حدود مدينة الإسكندرية من الكيلو ٥٦ ( مخرج ترعة راكتا) إلى الكيلو٧٧.١ (المصب)، وتعانى ترعة المحمودية من الإهمال مند عدة سنوات من عدم تطهير أو تعميق، وخاصة فى الجزء من كوبرى العوايد الكيلو٦٢ إلى المصب الكيلو ٧٧.١ وتنوعت المشاكل بين وجود ورد النيل وبعض الحشائش ووجود مخلفات مبانى وقمامة وصلت فى بعض الأحيان إلى درجة ردم أجزاء كبيرة من الترعة وتحويلها إلى مواقف ومغاسل للسيارات ومرابط للحيوانات ومجموعة أنشطة مضرة بالبيئة، ولم تفلح أى جهود للحيلولة دون ذلك.
وفى عهد هانى المسيرى المحافظ السابق كان تطوير الترعة من أهم الملفات المشمولة بالاهتمام، خاصة بعد أن أثار ملف تطهير ترعة المحمودية الكثير من استياء المواطنين وتم الاتفاق على تقسيم المشروع إلى ثلاث مراحل، الأولى من كوبرى العوايد إلى كوبرى محرم بك (10 ك) ومن العوايد إلى خورشيد والثالثة من محرم بك إلى كوبرى التاريخ، ثم أهمل الملف تماما فى عهد محمد عبد الظاهر الذى عجز عن توفير التمويل اللازم.
ومازال تطهير ترعة المحمودية واستكمال مراحل المشروع يمثل تحديا أمام المحافظ الجديد، خاصة الضغط على وزارة الرى لاستكمال أعمال تطهير المجرى المائى.
ملف العشوائيات وتنمية القرى المهمشة
يعد ملف العشوائيات من الملفات الشائكة بمحافظة الإسكندرية، حيث كشف تقرير التنمية البشرية المحلية عام 2015 الصادر من مركز التنمية الإقليمية التابع لمعهد التخطيط القومى ووزارة التنمية المحلية، عن وجود 10 مناطق غير آمنة على مستوى أحياء الإسكندرية، وذلك طبقا للخريطة القومية لتطوير المناطق غير الآمنة لعام 2009، بما يمثل تحديا كبيرا أمام المحافظ الجديد، خاصة وأن المشروع الوحيد فى الإسكندرية هو مشروع غيط العنب للتطوير الحضارى، والذى قامت بتنفيذه القوات المسلحة.
من جهة أخرى كشفت أزمة الأمطار الغزيرة على الإسكندرية مؤخرا، وغرق حوالى 10 قرى شرق وغرب المحافظة، عن وجود العديد من القرى المهمشة التى تحتاج إلى تنمية عاجلة وإدخال كافة المرافق لها مثل قرى بنجر السكر بالعامرية وقرى النهضة وقرى ريف المنتزه.
ملف الابتعاد عن أصحاب المصالح ومواجهة ملف مستثمرى الحديقة الدولية
وأخيرا يبقى الابتعاد عن أصحاب المصالح فى الإسكندرية والذين اشتهروا بالالتفاف حول أى محافظ جديد لتحقيق مصالح خاصة، أهم التحديات أمام اللواء رضا فرحات، خاصة وأنهم تسببوا فى ضعف أداء وموقف محافظين سابقين للوقوع تحت سيطرتهم، بالإضافة إلى التعامل بجدية مع ملف مستثمرى الحديقة الدولية بعد أن ظهر المحافظ السابق بالمدافع عن حقوق الدولة المنهوبة ومحاربة الفساد ومحاولة تحصيل أكثر من مليار جنيه مديونية مستحقة بأثر رجعى للمحافظة، وحالت وزارة الاستثمار دون تحقيق ذلك من خلال قرار لجنة فض المنازعات التى لجأ إليها المستثمرون.