جمال رشدى يكتب: حتى تعود للفلاح مكانته المفقودة

الإثنين، 19 سبتمبر 2016 10:07 م
جمال رشدى يكتب: حتى تعود للفلاح مكانته المفقودة ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ فجر التاريخ وكان الفلاح بالنسبة لمصر عامل من عوامل استقرارها وأمنها النيل هو شريان الحياة والفلاح هو نبض الحياة للمصريين فمصر دولة زراعية يقوم أمنها الغذائى على كاهل الفلاح. 
 
وليس كذلك فقط بل هو أيضا مخزون حضارى وأخلاقى ووطنى فعلاقة الفلاح بالأرض جعلته جزء من تلك الأرض فأصبح الانتماء والإخلاص والوطنية هى ثقافة يتوارثها أولاده وأحفاده ويصطبغ بها المجتمع فقامت نهضة محمد على الحديثة على الفلاح وأرضه. وفى 1992 كانت اللطمة الكبرى للفلاح عندما أصدر مجلس الشعب قانون تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر وعرف لدى الفلاح بقانون طرد الفلاح.
 
وكانت الإجراءات التعسفية من إذلال ومهانة لتنفيذ القانون على يد الأمن وعمد وشيوخ القرى هى بداية الانكسار الروحى للفلاحين فحوالى مليون مزارع من الفلاحين الفقراء والمهمشين تم اغتصاب شرفهم أمام عيونهم دون ان يستطيعوا الدفاع أو حتى التعبير عن ظلمهم. لأن الأرض بالنسبة للفلاح هى العرض والشرف والكيان وأيضا الوجود. وكان تأثير ذلك القانون سلبى أيضا على جوانب اخرى على سبيل المثال تم تدمير الثروة الحيوانية فكل بيت من هؤلاء كان لديه عدد من رؤوس المواشى الجاموس والبقر والغنم والماعز وهنا كانت بداية انقراض الثروة الحيوانية فى مصر. وبجانب ذلك امتد أثر القانون إلى أبعد من ذلك المليون فلاح وأسرهم بما يقدرون بخمسة مليون مصرى. بعد ان كانوا مصدر الأمن والغذاء لمصر وأيضا مكون من مكونات الثقافة الوطنية القائمة على الانتماء والإخلاص والتفانى.
 
أصبحوا فى أحضان التيارات المتشددة التى استغلت ما حدث لهم وأيضا حالتهم الاقتصادية والثقافية فحلت تلك التيارات مكان الأرض بالنسبة لهم واستقطبت الكثير منهم مستغلين حالة الوجع والألم التى صنعتها الدولة بداخلهم فانتمى وتعاطف البعض مع تلك التيارات وتطرف البعض أخلاقيا وهاجر الآخر والملاحظ للدارسين والمختصين ان تلك الجماعات المتطرفة قد نمت وتنوعت وانتشرت وتواجدت وكانت البداية منذ منتصف التسعينات وكان قانون المالك والمستأجر أو قانون طرد الفلاح هو أحد الأسباب القوية لهشاشة وفتور العلاقة بين قاع المجتمع ونظام الحكم وظهر ذلك جليا على يد الأجيال التى تواجدت فى تلك المرحلة وأثناء قيام مظاهرات 25 يناير وحالة الغليان التى قادت الشباب فى تلك المظاهرات وما تم خرابه وتدميره من منشآت للدولة ومقرات الحزب الحاكم وخلافه وتعاطف كثير من قاع المجتمع مع التيارات المتطرفة ومساعدتهم للوصول للحكم ورغم ذلك كان لأصالة روح الفلاح دور قوى فى ثورة 30 يونيو بعد ان تكشفت امامه حقيقة تلك التيارات المتطرفة خرجوا من قراهم ونجوعهم ملتحمين مع طوائف الشعب لخلع حكم تلك التيارات وقد كان. لكن ما يثير الانتباه ان الدولة لم تتخذ خطوات جادة للمساهمة فى رجوع الفلاح لمكانته وأرضه فهو ما زال مهمش. فعلى النظام ان يعى ان الفلاح ركن من اركان استقرار الدولة. فاستصلاح الارض هدف اقتصادى جيد ولكن رجوع الفلاح لتلك الأرض هو نتيجة إيجابية لتنفيذ متطلبات الهدف.. الفلاح هو روح مصر المفقودة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة