كشف تحقيق لصحيفة الأوبزرفر البريطانية عن صراع محموم بين ثلاث من القوى فى المنطقة على النفوذ داخل أفريقيا، مشيرة إلى سباق تركى إيرانى إسرائيلى على النفوذ فى أفريقيا.
ورصدت الصحيفة البريطانية، الأحد، أليات وأزرع هذه القوى لتوسيع نفوذها داخل القارة السمراء مع تغيير التحالفات والخصومات والمصالح السياسية فى أفريقيا. حيث دفعت الحرب الأهلية فى سوريا والصراع فى اليمن، دولا عديدة فى الشرق الأوسط للبحث عن تحالفات جديد بعيدة عن دول الجوار.
ويشير جاسون بيرك مراسل الأوبزرفر فى أفريقيا، بحسب موقع هيئة الإذاعة البريطانية، إلى أن العاصمة الكينية نيروبى شهدت خلال شهرى يونيو ويوليو الماضيين، نشاطا دبلوماسيا وسياسيا حافلا تمثل فى زيارات لوزراء إيرانيين، ووفود من دول الخليج، والزعيمين التركى والإسرائيلى. كما شهدت دول أخرى فى شرق أفريقيا اهتماما كبيرا من مسئولين رفيعى المستوى.
يقول الكاتب إن هناك عوامل أخرى لها دور فى بحث هذه الدول عن نفوذ فى أفريقيا، وهى أن الصين أصبحت أكثر حذرا فى أفريقيا كما تراجعت الولايات المتحدة، وأصبحت الأمم المتحدة أكثر انتشارا بدرجة تفوق تحملها بينما يعانى الاتحاد الأوروبى من الضعف.
وينقل عن ألكسندر روندوس الممثل الخاص للاتحاد الأوروبى فى القرن الأفريقى، أن فى مواجهة صراعاتهم الخاصة فإن الدول المسلمة تسعى لتأمين مصالحها فى القرن الأفريقى. وهذه العوامل مجتمعة فتحت المجال للقوى الشرق أوسطية لدخول المنطقة والاستفادة من الفرص التجارية والاقتصادية على كافة المستويات من الزراعة وحتى إقامة الموانئ.
وتعد تركيا لاعبا رئيسيا فى هذا السعى نحو النفوذ فى أفريقيا، ويقود هذا الجهد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بنفسه، إلى درجة أنه زار الصومال التى مزقتها الحرب ثلاث مرات.
وأدت تلك الزيارات إلى حصول الشركات التركية على عقود كبرى، وتوطد العلاقات بين المسئولين والسياسيين فى تركيا والصومال، أسفرت عن خضوع السلطات الصومالية لتركيا عندما طلبت الأخيرة غلق المدارس التابعة للرجل الدين التركى المعارض فتح الله جولن، الذى يتهمه أردوغان بتدبير محاولة الإطاحة به يوليو الماضى.
وينقل الكاتب القول عن سنان أولجن، الباحث التركى لدى مؤسسة كارنيجى، القول إن تركيا تحاول أن تكون زعيمة فى العالم الإسلامى وأن تعزز من قوتها الناعمة. حيث أصبحت واحدة من أكبر مانحى المساعدات الإنسانية فى العالم.
ويشير الكاتب أن دولة الإمارات العربية تحاول أيضا مد نفوذها إلى دول شرق أفريقيا. وبينما تدعم تركيا التحالف الحاكم فى الانتخابات الصومالية المقبلة، تبدو دولة الإمارات داعمة لمرشحى المعارضة.
ويتناول الكاتب التنازع على النفوذ بين السعودية وإيران وكيف سعت السعودية لإقامة تحالف ضد الحوثيين فى اليمن الذين تدعمهم إيران. ويقول الكاتب إن السعودية حصلت على دعم بعض دول شرق أفريقيا وإنها نجحت فى جعل الصومال والسودان يتخلصان من تحالفهما مع إيران وإقامة علاقات أقوى معها.
وحصلت الصومال على دعم سعودى قدره 50 مليون دولار، بينما قد يكون السودان قد حصل على مليارات تمثل شريان الحياة بالنسبة له، على حد قول الكاتب.
ويلعب رجال الأعمال السعوديون دورا مهما فى أثيوبيا، كما زاد عدد الطلاب الوافدون من دول شرق أفريقيا فى السعودية خلال الأعوام الأخيرة.
ويشير التحقيق إلى أن إسرائيل هى أحد أنشط اللاعبين فى شرق أفريقيا. وقاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حملة قوية لتعزيز علاقات إسرائيل بأفريقيا خاصة منطقة شرق أفريقيا حيث عزز علاقات بلاده مع كينيا.
وينقل الكاتب القول عن نمرود جورن من المعهد الإسرائيلى للسياسات الأجنبية الإقليمية، القول " تهدف جهود إسرائيل فى أفريقيا إلى البحث عن حلفاء غير تقليديين. فالدول الأفريقية يمكن أن تصبح حليفه عند التصويت فى الأمم المتحدة، وهو أمر مهم ... ليست ظاهرة جديدة أن تحاول دول شرق أوسطية الإنخراط فى أفريقيا، لكن الظاهرة الجديدة أن تكون إسرائيل قادرة على أن تلعب دورا فى ذلك بالمثل".
وكانت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية، ذكرت الأسبوع الماضى، أن إسرائيل تضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لتحسين علاقاتها بالسودان بعد أن غير موقفه من إيران.
ورغم هذه التغييرات الجديدة فى المنطقة، إلا أن المعلقين والمراقبين السياسيين يحذرون من التقليل من نفوذ اللاعبين الرئيسيين مثل الصين والولايات المتحدة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة