مجدى الزغبى يكتب: هل ضاعت القدوة؟

الأحد، 07 أغسطس 2016 07:37 م
مجدى الزغبى يكتب: هل ضاعت القدوة؟ ورقة وقلم - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان أصعب فى ما أكتبه أنه ليس غريباً عليكم فقد عشناه جميعاً وكان سؤال يراودنى فى كل لحظة وأنا فى منزلى وأنا فى سيارتى وأنا فى منطقة سكنى وأنا فى عملى وأنا فى زيارة صديق وأنا فى فرح وأنا فى عزاء وأنا أمام مدرسة وأنا فى النادى وأنا أشاهد مباراة فى كل مكان أذهب إليه فقد تعودنا أن تتسلم أجيال من أجيال وهذه هى الحياة نتسلم منهم كل شىء أو بالأدق نتوارث منهم كل شىء صفاتهم عاداتهم تصرفاتهم حتى فى طريقة ملابسهم وكانت كل تصرفاتهم دروساً نتعلمها لننقلها لأولادنا وينقلها أولادنا لأحفادنا ونكون فى قمة السعادة عندما نصف أبناؤنا بأنهم يشبهون أجدادهم فى كل تصرفاتهم وحتى فى ذكائهم.

 

وتعالوا معى لنتذكر بعض هذه التصرفات وأنا أعلم أنها ليست غريبة عليكم بل هى فى كل بيت مصرى أصيل سواء فى قراها العظيمة الشامخة أو فى مدنها الحديثة الرائعة اتذكر وتتذكرون معى ما تعلمناه من تصرفات اهالينا مع جيرانهم وكيف كانت العلاقة بينهم وكيف كانت علاقاتهم معاً فى السراء والضراء وكيف كانوا يلتزمون بآداب الحوار بينهم وحتى فى خلافات الأبناء مع بعضهم وفى زيارة المرضى كُل شىء كان يُدرس رغم أنهم فى الغالب لم يكن معظمهم مُتعلم التعليم العالى تعالوا نتذكر معاً كيف كان يتعامل آباؤنا مع أجدادنا وكيف كان شموخ الجدود وهيبتهم يقابلها احترام الابن وتواضعه كيف تعلم والدى من جدى احترام الكبير والخوف على الصغير كيف تعلم منه أن عندما يذهب إلى الفرح يرتدى أشيك شىء عنده وتكون ابتسامته تسبقه وعندما يذهب إلى العزاء يسبقه اجمل الثياب والكرافت السوداء فهو فى مهمة رسمية وواجب رسمى لا يشعل سيجارة ولا يطلب شيئا بالسكر فهى آداب المكان وعاداتنا نختلف عليها أو نتفق ليست هى المشكله كانوا جميعاً يستيقظون قبل الجميع لأن دورهم يبدأ قبل الكل ويعودون فى موعد ثابت هو موعد انتهاء العمل لم يكن هناك مهنة محترمة ومهنة نص ونص وتعالوا نذهب معاً إلى المدرسه ومواعيدها وطابور الصباح ومواعيد بدء الحصص وتواجد الأساتذة كل فى فصله ومرور الناظر فى كل لحظة ومتابعة الوكلاء ولا ننسى الزى الرسمى للمدرسة كان يجعلنا جميعاً سواسية كانت وزارة التربية والتعليم تُبدع فى زيادة الاهتمام بكل شىء من المواعيد وطابور الصباح وجديته حتى تواجد الأساتذة حتى مجموعات التقوية حتى الملاعب الرياضية حتى حصص التربية الزراعية والتربية الفنية كانت أسماء المديرين والوكلاء والمدرسين ترعبنا ليس خوفاً منهم ولكن احتراما لهم كانت أسماؤهم محفورة فى وجدان كل طالب وكل عائلة كانت أشهر من الفنانين ولاعبى الكرة وتعالوا نذهب إلى الأطباء كان الطبيب صديق العائلة كان واحداً منهم يعرف مرضهم وحالتهم بل ويعرف حتى شعورهم بالخوف من عدمه ونفسيتهم كان متواضعاً مهذباً خدوماً لا يستغل حاجة المريض.

 

أما المستشفيات فكانت نظيفة ومنظمة وكل شخص له دوره والأهم أنه راضى بحاله وتعالوا نتذكر صاحب العماره واهتمامه بالسكان وبعمارته ونظافتها فهى جزء منه ويصنع اسمه وتاريخه منها وتعالوا نتذكر سائق العربة الحنطور وهو يجلس لتلميع كل ما هو نيكل فيها ويقوم بتصفيف شعر الحصان وهذا ما يجعله وعربته فى نظر الجميع محترم وكذلك سائق التاكسى ولبسه ومظهره ونظافة سيارته وغير كل هذا كثير من المهن والأشخاص وعندما فكرت فى كتابة هذا المقال لم أكن أسرد تاريخهم لأن الكثير منا عاش كُل هذا ولكن ليتذكر أبناؤنا كيف كان أجدادهم وكيف كان أبى يُقبل يد جدى ونقف جميعاً خلفه لنقبلها الواحد تلو الآخر وكان ذهابنا لبلدنا الريفية يرتدى الجلباب ويترك البدلة للعمل احتراما للعادات الريفية وأن ما يحدث الآن ليس سلوكياتنا وليس كما نتحدث أن الإسلام هو فى الغرب فقط هنا أتوقف كثيراً فقد تعلم منا الغرب الكثير وإلا ما طمعوا فى بلادنا تعلم اجدادنا فى وقت كان التعليم فيه عزيزاً وصعباً ولا يوجد جامعات إلا جامعة القاهره فقط وكانوا يسافرون من الأرياف ليتعلموا ويتفوقوا وينجحوا ولم يكن تعيينهم فى بلدهم بل من كان من طنطا يعينوه فى القاهره ومن كان من الإسكندرية يذهب إلى الصعيد ويبدأ حياته ويتأقلم ويعيش لم يجلس بجوار والديه ولم يساعده احد بل اعتمد على نفسه وعلى إرادته وعلى إمكانياته وهكذا أصبح رجلاً وهكذا علمونا كان دائماً الأب قدوه وزعيم الحزب قدوه ولذلك سموه زعيم والرئيس قدوه والممثل قدوة ولاعب الكره قدوة والطبيب قدوة ولكن اليوم شوهنا وتشوهت كل من نعتبرهم قدوة فالطبيب أصبح مُستغلا والمدرس لا يعمل وحتى الأب لم يعد وجوده مفيداً فهو فى الغالب يعمل 18 ساعة أو فى الغُربة أو قدوة سيئة يشرب المخدرات أمام أولاده أو يكذب أمامهم أما عن الأحزاب فلم يعد زعيماً وأصبح رجل معه بعض النقود ويشترى حزبا يلعب فيه بدلاً من الجلوس على المقاهى وهكذا خسرنا القدوة ونلوم على أولادنا فقد بدأنا نذهب للعزاء باللون الأحمر والتى شيرت الأصفر وندخن السجائر وتكون جلسة سمر ففقد الأبناء احترام الموتى وأصبح صاحب العمارة يبيعها ويختفى وأصبح سائق التاكسى لصاً ومتسولاً وأصبح الناظر فاقد الهيبة وبالتالى كل من يقوده سقط معه وهكذا ضاعت القدوة وضاع معها تاريخ جميل ورائع وأيام كان لها رونقها ابحثوا عن القدوة ليعد لنا التاريخ.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة