شرعيتان وبينهما "داعش" يقودون ليبيا للوقوع فى شباك القوات الأمريكية.. أطماع السلطة وفوضى الميليشيات يدفعان السراج لطلب التدخل.. والانتخابات وخسارة قاعدة أنجرليك" فى تركيا يرغمان "أوباما" على الاستجابة

الأحد، 07 أغسطس 2016 06:13 م
شرعيتان وبينهما "داعش" يقودون ليبيا للوقوع فى شباك القوات الأمريكية.. أطماع السلطة وفوضى الميليشيات يدفعان السراج لطلب التدخل.. والانتخابات وخسارة قاعدة أنجرليك" فى تركيا يرغمان "أوباما" على الاستجابة فايز السراج
تحليل يكتبه : محمود جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أغراه صمود بشار الأسد أمام الربيع العربى، كان يظن أن بإمكانه أن يمنع رياح التغيير من المرور فى ليبيا، وكان أسوأ السيناريوهات التى اختارها لنهايته أن ينال حكمًا بالإعدام على يد الأمريكان، لينقسم الناس حتى من بعد موته بين مؤيد ومعارض لطريقة إدارته للبلاد على غرار صدام حسين.. إلا أن القدر اختار له ما هو أكثر بشاعة، لتكون نهايته مسحولاً على يد مسلحين فى شوارع طرابلس، بينهم من نشأ وتربى أسفل صورته فى المدارس ودواوين الحكم.. سطر العقيد معمر القذافى يومها بدمائه آخر صفحات تاريخه.. وبالدماء ذاتها فتحت ليبيا صفحة جديدة قادتها فى نهاية المطاف للوقوع تحت غارات طائرات الإدارة الأمريكية.
 

السراج وأوهام "الشرعية الكاملة"

بعد أربع سنوات من مقتل القذافى، لم يكن وقوع طرابلس فى شباك باراك أوباما الذى يستعد لمغادرة البيت الأبيض مصادفة، ولم تحمل المقاتلات الأمريكية فى سماء ليبيا أى مفاجآت. رسمت إدارة أوباما طريقها جيدًا بعدما تلاقت مصالحها مع أهداف أطراف فى النخبة الليبية لم تنشغل بأكثر من نصيبها فى السلطة، ولم تلتفت كثيرًا لإرادة الليبيين أو مصالحهم.
 
انقسامات السلطة تظل أحد أهم الأسباب التى فتحت سماوات ليبيا أمام طائرات الأمريكان، فلم يكن غريبًا أن يضع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسى الذى تشكلت حكومته بموجب اتفاق الصخيرات، يده فى يد الإدارة الأمريكية، ويطالب باراك أوباما بالتدخل فى المشهد تحت ذريعة الحرب ضد تنظيم داعش.. فلا يزال السراج يخشى نتائج استفتاء البرلمان على حكومته، مفضلاً الاكتقاء باعتراف المجتمع الدولى دون الخضوع للتصويت من قبل مجلس نواب. 
 
لم يلتفت السراج الذى يتخذ من طرابلس مقرًا لحكومته إلى موازين القوى، وحاجة ليبيا إلى أن تقف على مسافة واحدة من مراكز القوى الدولية والإقليمية.. راهن مرارًا على قوات حلف الناتو وفشل، وقرر أن يكون رهانه التالى على إدارة أوباما على أمل أن يحتل مكانًا متقدمًا فى رحلة اكتساب شرعية المجتمع الدولى، معتبرًا فى انضمام ليبيا ـ التى يمثلها ـ إلى قائمة الدول المحاربة لتنظيم داعش ما هو أقوى من نيل حكومته ثقة برلمان يشكل رئيسه حكومة موازية.
 

عقيلة صالح.. الوجه الآخر للسلطة

 
للسلطة فى ليبيا وجه آخر، يمثله عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، ورئيس الحكومة الليبية المؤقتة، والذى يرفض الاعتراف بشرعية السراج، ما لم يقدم الأخير فروض الولاء للبرلمان، وينال ثقة المجلس النيابى عبر عملية تصويت. يجاهر "صالح" برفضه استقواء "السراج" بالقوات الأمريكية.. لكنه لا يستطيع أن ينكر التقارير التى تحدثت عن استعانته بالقوات الفرنسية لأغراض مماثلة.
 
يمتلك السراج شرعية المجتمع الدولى، فيما يتحصن صالح بشرعية البرلمان.. يحتاج الأول إلى أن ينال ثقة الصناديق، ويحتاج الثانى إلى الاعتراف به متحدثًا باسم الليبيين فى المحافل الدولية، امتلكا الكثير من الاختلاف والخلاف، ولم يجمع بينهما قاسم مشترك سوى الفشل بعدما عجزا عن أن يعبرا حقيقة عن آمال وطموحات الشعب الليبى، وأن يملآ الفراغ الذى نشأ فيه تنظيم داعش وحقق المزيد من التقدم والانتشار.
 

الغارات الأمريكية.. الأسباب والدوافع

على الجانب الآخر من المشهد، يظل قبول الإدارة الأمريكية للدعوة التى وجهها فايز السراج لا يحتمل الكثير من المفاجآت.. تلاقت أهداف باراك أوباما مع أطماع النخبة الليبية على أرض مشتركة. فلا يزال الحزب الديمقراطى الذى يمثله أوباما فى البيت الأبيض يخشى أن يتم وصمه بـ"المتخاذل مع الإرهاب"، يستعد أوباما للخروج من البيت الأبيض، ويرغب في أن يسلمه عبر الانتخاب إلى هيلارى كلينتون، وزيرة خارجيته السابقة التى وصفها بالمرأة القوية القادرة على مواجهة التحديات، بعدما واصل المرشح الجمهورى دونالد ترامب اتهاماته للإدارة الحالية بالتهاون مع الإرهاب والإسلام المتطرف.
 
عسكريًا.. تدرك دوائر الأمن والاستخبارات فى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، أن استضافة تركيا لقاعدة "أنجرليك" العسكرية لن يدوم طويلاً بعدما اتهم رجب طيب أردوغان، الإدارة الأمريكية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الأخيرة على نظام حكمه، واستخدام تلك القاعدة فى تدبير المؤامرة على حكومته وحزبه الحاكم، الأمر الذى دفع أوباما لدخول المشهد الليبى، والحصول على موطئ قدم جديد للإدارة الأمريكية فى المنطقة، وبالفعل عرضت الحكومة الإيطالية على الجانب الأمريكى استضافة المقاتلات الأمريكية المشاركة فى الحرب ضد "داعش ليبيا" وإقامة قواعد لها على أراضيها.
 
وبرغم المكاسب التى حققها أوباما بالفعل بدخول المشهد الليبى، إلا أنه سيعجز عن تحقيق أى انتصار على الأرض، وربما تكون ليبيا مستنقع جديد تتورط فيه الإدارة الأمريكية مثلما كان الوضع فى أفغانستان وعراق ما بعد صدام، فلم تنجح الإدارة الأمريكية فى حسم حربها ضد تنظيم "داعش" على امتداد الحدود السورية العراقية.
 
أما السلطة الليبية برأسيها فقد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أنها لا تستطيع حقًا التحدث باسم الشعب الليبى، دخلت اختبارات فى ميادين الأمن والاقتصاد والعمل العام وفشلت. وسيظل الفشل حليفًا منطقيًا لها بعدما أصبح أوباما أقرب إلى فايز السراج من "نواب طبرق"، وبعد أن غدت الاستخبارات الفرنسية أحب إلى عقيلة صالح من حكومة المجلس الرئاسى.
 
 


موضوعات متعلقة :

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة