إن الشباب هم الدعامة الأساسية للرقى والتقدم، وثروة الحاضر التى تستثمر للمستقبل، وإذا كان لأمتنا العربية من ثروة، فهى ثروتها البشرية الهائلة التى تقترب من حوالى 300 مليون نسمة، والتى يمثل الشباب العربى قرابة ثلثها وهذا بدون شك يوفر لأمتنا العربية مخزونا بشريا وطاقة هائلة للمستقبل تمثل العمود الفقرى للتنمية فى وطننا العربى الكبير.
فنجد إن الحضارة البشرية منذ بزوغ شعاعها الحضارى قامت على طاقات الشباب المتفجرة وإبداعاتهم المتوهجة والتاريخ ملئ جدا بأمثلة من هؤلاء الشباب الذين سطروا لشعوبهم وأممهم فى سجلات من نور... ومع تقدم التاريخ والبشرية يتعاظم دور الشباب ويتضاءل فى الوقت نفسه، بحيث يستطيعون أن يوجدوا لأنفسهم وأمتهم موطئ قدم وسط هذا الزخم العالمى وأن يصبحوا رقما مهما بين الأمم والمجتمعات الأخرى، وأن يعملوا على مواكبة التطورات والمستجدات العالمية ومفاهيم العولمة والعصرنة والحداثة.
وتبرز اليوم أهمية الوطنية والمواطنة من اجل الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع فى ظل ما يتهددها من أخطار العولمة ومؤسساتها، وهذا لا يعنى أن الحل يكمن فى الانكفاء على الذات والابتعاد عن العالم الذى أصبح قرية صغيرة، وإنما فى إكساب المناعة لكل فرد من خلال تربيته تربية وطنية تركز على تزويده بالمعارف والقيم والمبادئ والمهارات التى يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر دون أن يؤثر ذلك على شخصيته الوطنية.
تتعدد قضايا الشباب وتتنوع ولعل أولى هذه القضايا التى أود تأكيدها هى إن مسالة الاهتمام بالشباب لم تعد ظاهرة محلية أو إقليمية، بل أصبحت ظاهرة عالمية ,لما للشباب من دور بارز ومميز فى دعم المسيرة التنموية الشاملة لما يملكه من طاقة وقوة وحيوية ودينامية. لذا يجب بذل المزيد من العناية والجهد والالتزام لإعداد الشباب ورعايتهم بشكل يضمن صحة الشباب كونها ثروة وطنية وقومية وإنسانية، فبقدر ما نعطى الشباب ونعدهم الإعداد السليم بقدر ما نحصل على خبرات وكوادر بشرية قادرة على مجابهة التحديات الداخلية والخارجية فى عالم سريع التغير.
وفى تراثنا العربى والإسلامى تعتبر التنمية البشرية هى الأساس الذى ترتكز عليه التنمية الشاملة والمستدامة. وهذه الحقيقية كانت ولازالت المبدأ الرئيسى فى أى مشروع نهضة فى العالم. ويقول الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق والملقب بأبو النهضة "أفضل ثروة فى أى دولة هى شعبها". والعنصر البشرى عموما وخصوصاً الشباب يمثل قوة حاسمة فى تحديد شكل التنمية الوطنية المستدامة. فهو كنز الأمة وثروتها ورأس مالها وأهم أصولها.
والعنصر البشرى فى أى مجتمع هو المرآة الصادقة التى تعكس مدى الجهود التى تُبذل فى هذا المجتمع ومدى تقدمه. وكذلك فإن مستوى الوعى عند الشباب والمكانة التى يشغلها فى كافة المجالات، هى المعيار الحقيقى الذى يقيس الجهود التى تُبذل فى المجتمع نحو النهضة.وبالنظر إلى واقع حال الشباب فى بلادنا يمكننا أن نرى حجم الإهمال والتجاهل بشأن تنمية وتمكين الشباب طوال العصور السابقة. وإذا كان الاعتراف بالمرض هو أول طريق العلاج منه، فإن الاعتراف بالفشل فى إدارة الأزمات الاقتصادية وفى إدارة وتنمية الموارد البشرية هو أول طريق المبادرة نحو النهضة المنشودة. لأن التحدى ليـس فقط فى حماية السـكان المعرضين للانـزلاق من جديد فى دوامة الضيـق والحرمان، بل فى إيجـاد بيئة مؤازرة لهم لمواصلة التقدم فـى التنمية البشـرية فى العقود المقبلة.
وبإدراكنا لمدى التأخر فى مسيرة التنمية فى عصر العولمة والتنافسية والتغيرات المتسارعة، فإننا سندرك أن الطرق التقليدية لن تجدى نفعاً فى تحقيق ما نتطلع إليه من تنمية، وأننا إذا لم نبتكر خطط إبداعية غير الخطط التقليدية سنكون مثل الفارس الذى يحارب بالسيف فى زمن المدافع الرشاشة. وللشباب فى الدولِ النامية كى يصبحون عاملين منتجين وأرباب اسر مهتمين ومواطنين صالحين وقادة للمجتمعات المحلية هذه التحولات هى كالأتى :
1. توسيع فرص سوق العمل.
2. الإعداد التربوى للشباب.
3. توفير الفرص للشباب كى يتم إعدادهم لتكوين الأسر.
4. تعزيز الجانب الصحى لدى الشباب.
5. ممارسة المواطنة.
6. تمكين الشباب قانونيا أى تسليحهم بالمعرفة القانونية وتدريبهم على مداخل القانون ومخارجه.
بل سوف يظل الشباب غائبا عن ساحة الفعل الاجتماعى وتحديد ملامح مستقبله إذا لم تتح له الفرصة للمشاركة الفعالة.
وخلاصة القول لكى نحسن استثمار الطاقات الشبابية ,يتعين علينا أن نؤمن لشبابنا العربى بيئة فكرية وثقافية حافزة توازن بين الأصالة والحداثة ,تأخذ من الأولى قيمها ومن الثانية انفتاحها على العلم والعالم لأن الشباب العربى يواجه صعوبات وتحديات كبيرة تزداد تداعياتها فى ظل العولمة واشتداد التنافسية واتساعها فى اطار اتفاقيات التجارة العالمية وسرعة التقدم العلمى والمعرفى والتقنى وعولمة الأسواق بما فيها سوق العمل.
ولا بد من إعطاء بعد عربى إقليمى للأنشطة الشبابية وعلى المنظمات مثل جامعة الدول العربية والاسكوا (لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية غرب أسيا) العمل على إيجاد اطار جديد للتعاون الإقليمى يرتكز على جانبين أساسيين: التنسيق فى المجالات الشبابية والنظر إلى أهمية البعد الشبابى فى مجال المبادرات السياسية الأخرى والتصدى للقضايا التى تؤثر على الشباب بشكل مباشر أو غير مباشر: التمييز، المواطنة، إيجاد فرص عمل، الإقصاء الاجتماعى، التعليم، التدريب الوظيفى، الثقافة الصحية، حماية المستهلك، حماية البيئة، حرية الحركة، التنقل بالنسبة إلى الباحثين الشباب، الفقر، التعاون الدولى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة