قبل البت فى (الكلام)، لابد أن أشير إلى أحدهم الذى سألنى منذ وقت قريب أنك دائماً تكتب عن الوطن والأمة ومشاكلها وقضاياها، رغم أسلوبك الرائع وقلمك وكلماتك الغريبة والقريبة تستطيع أن تخوض فى كل المجالات التى تتيح لك الكتابة ولديك الكثير على ذلك. بكل تأكيد ونية خالصة (احترمت رأيه)، لكنى خاطبته بأنى أخاطب أصحاب الرأى لا أرباب المصالح وربما، وأنصار المبدأ، وحسبى إيمانى بما أكتب وبضرورة أن أكتب ما أكتب، لكنى عاهدت السائل (المتحدث) بأنى سأظل مرتبطا بما يحدث فى الوطن والأمة وقضاياها، وإننى سوف أكتب بما يروق لكل قارئ كريم.. والله والوطن من وراء القصد.
إن الله قد تكفل بأن يمنح هذا الوطن، بل هذه الأمة التى قضى ببقائها وخلودها رجالاً أحياء أقوياء فى كل زمان ومكان وعصر. ينقلون تعاليم الحياة، ويعيدون إلى هذه الأمة الشباب الذى ضاعت وغابت عروبته ووطنيته، يقاومون الأخلاق المنحلة والأوضاع الفاسدة، والترف المسرف، وبيع الضمائر، لقد ساد اليوم مفهوم خاطئ لدى البعض عن حقوق الأوطان، فترى كثيراً من المخالفات فى حق الوطن وأهله، سواء كانت هذه المخالفة ظاهرة، كالاستخدام السىء لثرواته، ويرهبون الناس بالقنابل والمفرقعات فى الطرق والأكمنة على الطرقات، ويسعون للإفساد فى الوطن بالطرق الملتوية التى تثير الرعب وتروع الآمنين، لذلك قد خاب ضميرهم تجاه وطنهم، وإنهم مهما فعلوا فالوطن باقٍ، لكنهم سوف يموتون يوماً ما مهما طال بهم العمر.
نقول لهـؤلاء أصحاب العقول المخربة فى الوطن، إن الوطن ليس لفرد وحده أو جماعة أو حزب، بل لكل مواطن ومقيم وللأجيال القادمة، وإن معرفة حق الوطن توفر أرضية قوية للتعايش وليس للتخريب.. للتعايش بين أفراد المجتمع على مختلف مشاربهم وتنوع أفكارهم وتعدد لهجاتهم، وإن حسن الفهم لحق الوطن والمواطن أن يعطى الإنسان وضوحاً فى كيفية التعامل والتعايش مع الآخرين وكيف يساهموا على ذلك فى خدمة منهم لأن الذى يبيت ويسهر على حراسة الوطن هو أشرف بكثير ممن يخرب ويزعزع وسوف يعوضه الله سبحانه وتعالى الكثير.
فالعجيب والأعجب أترى بعض الناس ينشغلون ويشغلون أنفسهم بالصراع السياسى والدنيوى على الدنيا، من أجل مَن ولمن؟ بدلاً من أن يقوموا بمهمة الإصلاح والعمارة فى الأرض، فلقد انشغل هؤلاء بالتدمير والتخريب، والفساد، فلقد اختاروا لأنفسهم طريق الشقاء بدلاً من طرق الصلاح والخير، ولقد اهدروا فكرهم وانتمائهم لوطنهم وعروبتهم وأفسدوا ولم يصلحوا.. بعضهم يفكر أن تغيير نظام الكون والعيش بهدف الإصلاح.. فماذا فعلوا ؟ بدأوا بحرق الأشجار وقتل الجنود فى الكمائن وعلى الطرقات ومراوغة النظام.. فأصبحوا لايرون إلا مشاكل الحاضر، ويغيب عنهم المستقبل الحاضر القريب.
نقول لهؤلاء المخربين، الإرهابيين، المنحرفين فى الفكر والأداء والفعل وإلى أصحاب الرأى المغلوط، إن البشر يألفون وينتمون إلى أرضهم على حالها وما بها، حتى لو كانت قفراً مستوحشاً، ولذلك فإن حب الوطن هو غريزة متأصلة فى النفوس تجعل الناس يستريحون إلى البقاء فيه وعلى أرضه، ويحن إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا أراد أحد أن يضره، ويغضب لوطنه إذا انتقص ويفرح لوطنه إذا زاد، ولذلك فهذا غير مستغرب، فالسعادة بالعيش فى الوطن، والكآبة لتركه، فهذه كلها مشاعر الاعتبار عليها ولا اعتراض.
نقول لهؤلاء إن حب الوطن هو شيوع الضوء والحرارة فى قرص الشمس، وهو الركائز المعنوية لكل نهضة يرتقب لها النجاح، فنحن ليس فى حاجة لاستيراد مبدأ أجنبى أو فكر أجنبى نكمل به نقصاً عندنا. إن هذا الاستيراد لا يفكر فيه إلا قصار الباع أولئك الذين ليس لهم أصل ولا عروبة إلا الزعم الفارغ، والانتساب اللصيق.
إن سندنا الأساسى الروحى للوطن هو أن نكون أناسا مفعمين باليقين، فنحن إذا بنينا أوطاننا على حب العروبة، فالطريقة المثلى لجنى غراسنا أن نلتزم بالأساليب الشريفة ذات الضمير فى عملنا، مهما لقينا من متاعب ومضايقات، والابتعاد عن الفساد والمفسدين فى الأرض، لذلك يجب على المواطن أن يفهم أن حق الوطنية مصون بالنظام الملزم لكل من يعيش تحت ظل هذا الوطن من خلال ما يأمر به أنظمته وقوانينه وحكامه، ربما بعض البلاد الأخرى تعانى من الأنظمة. لكن علينا الحوار اللين والتهدئة حتى لا يضيع الأبرياء فى الوطن.
إن حق الحياة حق مدروس ومكفول ومقدس منذ الأزل، وهو حق لا يحتاج إلى أى تشريع لحمايته وحفظه فى إطار الوجود البشرى، وإنما فقط إلى تنظيم لكيفية حمايته. وقد جاءت كل الأديان والشرائع الإنسانية لتنظيم هذا الحق وكيفية حمايته، ومعاقبة من يعتدى على هذا الحق الإلهى.
هؤلاء الفسدة فى الأرض نقول لكم لا شىء سوف يرضى ما لم تكونوا مقتنعين وراضين فسوف ترحلوا ويبقى الوطن!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة