د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: شَعْرَة معاوية

الجمعة، 19 أغسطس 2016 06:00 م
د. داليا مجدى عبد الغنى تكتب: شَعْرَة معاوية داليا مجدى عبد الغنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شىء رائع أن يكـون للإنسان نهج معين فى حياته، لا يخرج عنه وأن ينتمى إلى مدرسة حياتية محددة، وأن يكون ذو مبادئ واضحة وأفكار ناطقة لما هو مدون بداخله، ولكن كل هذا لا يتنافى مع المرونة والدبلوماسية، فيجب على الإنسان أن يتفاعل مع الحياة ومع الناس، بحيث يستطيع أن يتفهم مواقفهم ويلتمس لهم الأعذار، ويتخيل ردود أفعالهم، ويضع نفسه فى أماكنهم ؛ حتى يتمكن من لمس أحاسيسهم، وألا يخلق فجوة بينه وبينهم، وهذا لابد أن ينطبق على الأب والأم والمعلمين والرؤساء والقياديين، وعلى كل البشر بدون وجه استثناء، فهذا هو ما يطلق عليه "الذكاء"، سواء كان اجتماعيًا أو سياسيًا أو تربويًا أو غيره من أنواع الذكاء، فالشخص "الجامد" لا يجد صدى فى تعامله مع الآخرين، وغالبًا ما يخلق مشاكل مع الآخرين، وتصبح الفجوة عميقة بينه وبين الناس ؛ لعدم قدرته على التكيف معهم، وعلينا أن ندرك أن التكيف لا يعنى مسايرة الأمور والخروج عن القيم والمبادئ، وإنما يعنى القدرة على تقبل الآخرين ومحاولة مشاركته نفسيا ووجدانيا، فهذه هى منتهى الإيجابية والمثالية.
 
فقد قال "معاوية بن أبى سفيان" عندما سأله أحد الأعراب: " كيف حكمت أربعين عامًا، ولم تحدث فتنة واحدة بالشام، بينما الدنيا تغلي؟" فأجابه: "إن بينى وبين الناس شَعْرة، إذا أرخوا شددت، وإذا شدوا أرخيت ". فأصبحت مثلاً تقال باختصار "شَعْرة معاوية"، فبالفعل نحن نحتاج المحافظة على الشعرة التى تربطنا بالآخرين، فهى ضعيفة جدًا، وسهل قطعها، ولكننا لو حافظنا عليها بالتعامل والتفهم والحكمة والإدراك، فبلا شك سوف نحميها من الهلاك ؛ لأن أى فتنة تظهر بين الناس سواء فى العلاقات الشخصية البحتة أو العلاقات الدولية والأهلية، يكون سببها فتنة خلفتها إساءة المعاملة والغرور الذى يكون مصدره تجاهل فهم الآخر، وإدراك أحاسيسه ولمس مشاعره، فهنا تتفكك الروابط وتموت المشاعر، ولكى نتجنب كل هذا علينا أن نحافظ على " شَعْرة معاوية".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة