الكل يترقب من مؤسسة الأزهر تقديم الجديد فى أكاديمية تدريب وتأهيل الأئمة والخطباء المزمع عقدها، والبعض يتساءل ماذا يحتاج الإمام ليكون مؤهلا؟، هل يحتاج تعلم اللغات الأجنبية؟ أم يحتاج بعض المحاضرات النظرية فى التنمية البشرية، أم يحتاج ليتعلم الفقه والتفسير وغيرها من العلوم الشرعية من جديد.
فى الحقيقة كل الأئمة لا تحتاج إلى كل هذا، ومن خبرتى كمدرب تنمية بشرية فى مجال تجديد الخطاب الدينى يمكننى تقديم هذه الروشتة والتى يمكن أن يسترشد بها صُناع القرار فى مؤسسة الأزهر وهى:
1 - لا يحتاج كل الأئمة تعلم اللغات الأجنبية إلا الأئمة الذين يقدمون خطبا ودروسا فى مناطق تواجد السياح الأجانب، فيجب توزيع أئمة يجيدون اللغات الأجنبية على المناطق السياحية كالهرم والحسين وجنوب سيناء وغيرها ليسهل التواصل مع السياح ( مسلمين وغير مسلمين )، ويجب تقديم هذا المعيار على أى معايير أخرى لاختيار الخطيب فى هذه الأماكن.
2- الأئمة لا تحتاج إلى تعلم الفقه والتفسير والبلاغة والخطابة من جديد، بل يحتاجون إلى التخلص من اعتقاد كونهم موظفين، بل لابد من اقتناعهم بأنهم يؤدون رسالة ليست مفادها تعليم الناس الدين فحسب، بل نشر التعايش والسلام بين البشر.
3- لابد من إقناعهم أن تجديد الخطاب الدينى هو تقديم نظرة وصورة جديدة للدين تتعايش مع الواقع بتقديم الأولويات التى تشغل المسلم وغير المسلم وترك الكلام فيما لا نحتاجه، فيجب التركيز على رسالة الإسلام فى حُسن التعامل مع الآخر (بالضوابط الشرعية)، والتركيز على الرأى الصحيح للإسلام فيما يثيره تنظيم داعش وغيرهم من غير المسلمين.
4- يجب البُعد عن المحاضرات النظرية للتنمية البشرية، بل يجب ربطها بشكل عملى كتقديم طرق واقعية للتواصل الفعّال مع صاحب الفكر الداعشى بتقديم ردود مقنعة له على فكره، وكيفية التحاور معه والرد على أفكاره.
5 - يجب استبعاد الأئمة أصحاب الأفكار الرجعية والمتشددة بعد فشل تقويمهم أو تأهيلهم، ويمكن نقلهم لأعمال إدارية مثلاً.
6- يجب تقديم كتيب صغير يحتوى على ردود مختصرة على كل شبهات داعش والملحدين ويوزع على الأئمة.
7- الاستفادة من تجارب دار الإفتاء المصرية فى تدريب وتأهيل الأئمة وآخرها قيام "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم" والتى ترأسها دار الإفتاء بمصر بتدريب 100 إمام من تايلاند على الفتوى، وغيرها من التجارب الناجحة والمفيدة، ومنها الاستفادة من مؤتمرها العالمى والذى ستستضيفه دار الإفتاء المصرية فى أكتوبر القادم بعنوان " التكوين العلمى والتأهيل الإفتائى لأئمة المساجد للجاليات المسلمة " فهى خطوات عملية وواقعية تقدمها دار الإفتاء المصرية رائدة تجديد الخطاب الدينى فى مصر والعالم الإسلامى.
8- الاستفادة من تجربة "مؤسسة اليوم السابع" فى تناول مسألة تجديد الخطاب الدينى فهى من رواد المؤسسات الإعلامية التى تناولت ذلك، ككشفها المستمر للفتاوى التكفيرية والمرفوضة والمخالفة لصحيح الدين والرجوع إلى العلماء المتخصصين فى الرد عليها، وكذلك تناولها الجيد لعلاقة المسلم بغيره والعكس، وغيرها من الخطوات الفعّالة والتى جعلتها فى طليعة المؤسسات الإعلامية مصرياً وعالمياً.