كما نعلم جميعا أن مصطلح انقلاب معناه: إطاحة مفاجئة للنظام القائم من قبل مجموعة قليلة عادة تنتمى إلى الجيش بحكم انه الاقوى والمسيطر دائما، ويعد الانقلاب ناجحا وأهدافه مكتملة اذا تمكن الانقلابيون من فرض هيمنتهم وسلطتهم تجاه نظام رأس الدولة، والعكس صحيح يفشل اذا لم يتمكنوا من السيطرة وبالتالى ستحدث حرب أهلية ربما تكون واردة وممكنة وفقا للصراعات والأجواء السياسية فى البلاد.
فى مقابل ذلك نجد أن مفهوم ثورة يعنى حراك شعبى ضخم يعبر اغلبيته عن طوائف هذا المجتمع الذى انتفض من اجل دحر والقضاء على هذه الأنظمة الديكتاتورية التى عانت منها الشعوب لفترات زمنية كبيرة بسبب الاوضاع المتدنية هناك من فساد وقمع للحريات والإضرار بالأمن القومى وغيرها من المشاكل التى تمكن الشعوب من اسقاط هذه الانظمة علما بأن موجة الثورات تكون غالبا فى حماية الجيش الذى يحمى الإرادة الشعبية ومقدرات الوطن من اى عمليات ارهابية ربما تحدث فى المستقبل.
وفى ظل ثورات الربيع العربى فى منطقة الشرق الاوسط فأن كافة انظمة الدول تتغير وتتبدل معها خريطة الاحداث المتسارعة وربما المعقدة فى التاريخ الحديث,اذ قامت مصر بإنتفاضة شعبية كبرى نجحت بامتياز يوم 30 يونيو لعام2013 مدعومة بحماية من الجيش والشرطة وذلك عندما سيطرت جماعة الاخوان الارهابية على مقاليد الحكم بقيادة المعزول مرسى واعوانه الذين ارادوا تفكيك الدولة المصرية والإضرار بالأمن القومى ومصالح البلاد من اجل الشرعية الوهمية التى كانوا يتبنوها من خلال افعالهم وعملياتهم الارهابية ضد ابناء الوطن الواحد ولذا كان السبب الرئيسى فى إنجاح الثورة الشعبية فى مصر هو تكاتف وتوحد المصريين جميعا وبالتعاون مع الأجهزة السيادية من اجل الحفاظ على الهوية المصرية وعلى مقدرات الوطن.
فى مقابل ذلك شهدت تركيا مؤخرا محاولة انقلاب عسكرى هزلى (لا يعبر عن الاتراك) بالتوازى مع ثورات الربيع العربى عندما قام مجموعة قليلة من افراد القوات المسلحة (لا تعبر عن طوائف المجتمع التركي) بإجراء انقلابا غير مدروس ضد النظام القائم المتمثل فى أردوغان، الأمر الذى انتهى بفشله فشلا ذريعا بسبب توجيه رئيس الدولة لشعبه رسالة عبر شاشات التلفاز بالنزول للشوارع والميادين من اجل حماية الديمقراطية والشرعية حيث سرعان ما استجابوا له من اجل القضاء على هذا الانقلاب الذى لم ولن يستغرق سوى بضع ساعات نتج عنه احداث عنف وقتل وربما ضعف وانهيار المؤسسة العسكرية التركية التى استسلمت بسرعة فى محاولة بائسة منها لإنجاح المخطط الذى اسقط هيبتهم امام العالم اجمع وذلك عندما قامت قوات الشرطة باعتقالهم وإهانتهم وتجريدهم من ملابسهم بسبب ما فعلوه من خيانة عظمى ضد البلاد الامر الذى اسفر عنه معرفة لطبيعة الجيش التركى الذى بات موقفه ضعيفا للغاية ومنقسما ولا يستطيع حماية نفسه ولا الحفاظ على مقدرات البلاد!
وأخيرا ما توابع هذا الانقلاب فى تركيا؟ وهل سيتأثر نفسيا باقى افراد الجيش عندما يشاهدون اقرانهم بهذه الحالة المتدنية وهم عراة لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم وهل ربما تحدث حرب اهلية الفترة المقبلة خصوصا ان اكبر المؤسسات السيادية منقسمة انقساما كبيرا الامر الذى لم ولن ينجح مخططهم ضد أردوغان؟!
وهل يستطيع الجيش الان القيام بمهامه على أكمل وجه للدفاع عن الأراضى التركية من اى عمليات ارهابية ربما تحدث فى المستقبل خصوصا أنهم لا يستطيعون حماية انفسهم؟!
الملف التركى بات معقدا وربما من الممكن ان تكون هذه المشاهد كانت مسلسلا دراميا من قبل النظام التركى من اجل ان يقنع العالم بأنه البطل الذى تحالفت ضده قوى الشر المتمثلة فى المعارضة ومن اجل أن يمهد لنفسه الطريق للقضاء عليهم للبقاء فى السلطة لفترات قادمة.
محمد عادل يكتب: عاصفة أردوغانية تسقط هيبة الجيش التركى أمام العالم !!
الأحد، 24 يوليو 2016 12:00 ص