أكرم القصاص - علا الشافعي

تركيا مهددة بالتفكك.. الأكراد وإيران وداعش يتأهبون لاقتسام تركة "سلطان أوروبا المريض".. الحرب الأهلية تدق أبواب أنقرة.. وأردوغان يعلن الطوارئ لتطهير الجيش.. واعتقال وفصل 19 ألف ضابط وموظف فى الداخلية

الخميس، 21 يوليو 2016 04:32 م
تركيا مهددة بالتفكك.. الأكراد وإيران وداعش يتأهبون لاقتسام تركة "سلطان أوروبا المريض".. الحرب الأهلية تدق أبواب أنقرة.. وأردوغان يعلن الطوارئ لتطهير الجيش.. واعتقال وفصل 19 ألف ضابط وموظف فى الداخلية أردوغان
تحليل يكتبه: محمود جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
175

يتأمل ملامحه الحادة ويخشى أن يغادر صورته المعلقة على الجدار.. تتردد فى آذانه عباراته حين قال فى عموم الأتراك "شعبى سيتعلم مبادئ الديمقراطية والخرافات يجب أن تختفى".. يعلم أردوغان وهو يطالع صورة ومسيرة مصطفى كمال أتاتورك زعيم تركيا الراحل أن التاريخ لا ينحاز دوماً للطغاة، وأن القدر الذى أرسل أتاتورك قبل قرابة 90 عاماً، لن يبخل على الأتراك بمن يستكمل المسيرة، يعيدهم إلى الطريق السليم.

يخشى الطغاة دوماً الزعماء التاريخين، وكذلك الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى تربكه سيرة "أتاتورك" وصورته أكثر من محاولة الانقلاب الأخيرة التى هددت نظام حكمه، والتى رد عليها بحملة اعتقالات شملت ما يقرب من 3 آلاف عسكرياً، بينهم 103 جنرالاً، فضلاً عن إقالة 8 آلاف ضابط شرطة، وما يقرب من 9 آلاف موظف مدنى بوزارة الداخلية.

مدفوعاً بجنون العظمة، واصل أردوغان حربه ضد مؤسسات الدولة والشعب على حد سواء، لم يدرك أن الأتراك قطعوا طريقاً طويلاً وخرجوا من النفق المظلم لدول العالم الثالث منذ زمن بفضل إصلاحات "أتاتورك"، وأن عدم انحيازهم لانقلاب "مجهول" بلا زعيم لا يعنى بالضرورة الرضا عن سياساته وإدارته للبلاد.

ينزلق السلطان العثمانى فى دوامة الشك، ويفتح سجلاً لاعتقال المدنين لا يعرف نهاية، أصبح المواطن جاسوساً لا تسقط عنه التهمة ما لم يسبح بحمد أردوغان وإنجازات حزب "العدالة والتنمية" لتصل حصيلة المعتقلين فى الأيام الست الأولى للانقلاب 8000 مدنياً، فضلاً عن إقالة 30 محافظاً وأكثر من 50 موظفاً برتبة عالية، بجانب إقالة 492 موظفاً فى إدارة الشئون الدينية.

صورة "أتاتورك" تلاحق أردوغان المرتبك على الجدران والشاشات. يتملك الخوف من السلطان العثمانى، فيدفع دون أن يدرى عقارب الساعة نحو نهاية نظامه، ويعتقل 114 قاضياً ومحققاً قضائياً، ويطالب 1577 عميد كلية بتقديم استقالته، وتصدر وزارة التعليم فى حكومته قراراً بوقف 399 موظف عن العمل، فضلاً عن عزل 257 موظف من ديوان رئيس الوزراء للاشتباه فى ضلوعهم بالانقلاب، بجانب سحب اعتماد 34 صحفياً بزعم ارتباطهم بالمعارض التركى فتح الله جولن، المقيم بالولايات المتحدة الأمريكية.

ساعة تلو الآخرى، يبدد أردوغان القيم التى أرساها الزعيم التاريخى أتاتورك، ليعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، ويحول بلاده إلى سجن كبير ينافس بممارساته القمعية أعتى الدكتاتوريات. لم يعد فى تركيا مكاناً لحقوق الإنسان حياً أو ميتاً بعدما أصدرت هيئة الشئون الدينية التركية فتوى بعدم الصلاة على قتلى الانقلاب العسكرى، قائلة فى بيان لها: "لن يكون هناك مأتم للعناصر الذين قتلوا فى صفوف الانقلابيين، وهم لا يستحقون الصلوات".

يحاول السلطان الفرار من صورة الجنرال الصامدة على الجدار، فتصدمه رائحة البارود والغاز المسيل للدموع عندما يطل من شرفة مكتبه داخل قصره "الأبيض" الذى بلغت تكلفة بنائه 600 مليون دولار.. لن تحجب شاشات الجزيرة القطرية، أو منابر إعلام الإخوان التى يأويها فى بلاده الحقيقة الكاملة، فأمام مئات أو ربما آلاف المحتفلين بنجاة النظام، حرباً أهلية كانت فى الأمس على الحدود الشرقية بمدينة ديار بكر، وانتقلت إلى قلب أنقرة واسطنبول فى يوم تم فيه اقتياد جنود الجيش وضباطه عرايا إلى مراكز الاعتقال.


يغفل أردوغان قسوة الجغرافيا وينسى أنها لم تمنح بلاده القدر البسيط من الانسجام مع الآخر، لن تبخل إيران الشيعية على تركيا السنية بالمؤامرات، عندما ينفلت الزمام من يديه. ولن يتردد الحرس الثورى الإيرانى، فى توجيه ضربة قاضية للسلطان داخل حدوده وعلى الملعب السورى الذى يتنافسان فيه على بقاء نظام بشار الأسد من عدمه.

كحبات عقد منفرط، يتساقط نظام السلطان وتسقط معه تركيا. تحول السلطان مجدداً إلى رجل أوروبا المريض، والكل يتأهب لانتزاع جزءً من ممتلكاته.. سيجد الأكراد قريباً على التراب التركى حدوداً ودولة واضحة تعرف مكانها تحت الشمس، ولن تبخل حينها الأمم المتحدة وأمريكا وروسيا بالاعتراف، وستتنافس أوروبا قبل العرب على استضافة مقار دبلوماسية لها.. سيتحول ما بقى من تركيا يوماً إلى مخيماً واسعاً للاجئين السوريين، ومركزاً لمقاتلى "داعش" يعوض ما يخسره التنظيم فى سوريا والعراق.

سيعود أردوغان إلى ما تبقى من قصره، ليتأمل صورة الجنرال الصامد، سيكتشف ـ ولو ومتأخراً ـ أن بلاده انزلقت فى حرب أهليه وأقليمية، لا يملك فيها جيشاً يحمى أو شرطة تصون، بعدما أرغم الطرفان على مواجهة الآخر فقط لحماية نظامه الحاكم.. سيعلم أنه أخطأ حين روج للخرافة التى حاربها "أتاتورك"، سيعلم أن النهاية بدأت حينما قرر مواجهة الجنرال.


موضوعات متعلقة..



فرنسا والاتحاد الأوروبى يطالبون تركيا باحترام دولة القانون والحريات



تركيا فى مأزق "الطوارئ".. أردوغان يسعى للهروب وتصدير أزماته للخارج بمهاجمة مصر حكومة وشعبا.. الخارجية: تطاوله خلط أوراق وفقدان لـبوصلة التقدير السليم ويعكس الظروف الصعبة التى يمر بها



إيران تقول إنها تأمل أن تحترم تركيا حكومة سوريا المنتخبة









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر

ايه الاوهام دى !!

عبقريه التحليل .... وخيالات الاوهام

عدد الردود 0

بواسطة:

ابراهيم المصرى

يروح اردوغان فى داهية ، بس حد يلحق الدولار ابو 12 جنية

فوق!!

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

تركيا بلا جيش يحميها

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر بدري

ممتاز

تحليل ممتاز ورائع وجميل

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري ملوش في الاوهام

ابحث عن الاقتصاد

عدد الردود 0

بواسطة:

الكابتن

تعليق رقم 2

عدد الردود 0

بواسطة:

طه فتحى

والله لووصل ل100 جنيه انا صابر مع بلدى

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد علي

التعليق رقم 2 من عينة تعليقات أي حاجة في رغيف

عدد الردود 0

بواسطة:

صلاح

هل يفعل عكس أتاتورك

عدد الردود 0

بواسطة:

علاء

المبالغة في رد الفعل أثرها كارثي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة