لا قيمة لأردوغان فى أوربا وأمريكا، سوى أنه يقوم بدور ما يمكن تسميته أو وصفه ( بالمشهلاتى ) تخليص المعاملات يعنى، وهمزة الوصل بين كل المتناقضات، سواء مع داعش والقضية السورية، أو بين السنة والشيعة، أو بين العرب أو إسرائيل ! نعم فلا شيء أكثر من ذلك ولا قيمة لأردوغان عند أمريكا وأوربا سوى لعب هذا الدور (المشهلاتى) وإلا بالله عليكم، كم دولة أوروبية ارتعدت وخافت، وسارعت واتصلت، وأعلنت دعمها لأدوغان ؟ لا أحد ! قد يحدث لاحقاً، بعد أن يستتب الأمر والهدوء فوق الرماد، وإن بقيت النار مشتعلة تحت الرماد التركى، وبتلك السنة السيئة التى استنها أردوغان، تقوية الشرطة على حساب الجيش أو تكون نداً له، وجاهزة ليوم كهذا، الواضح أنه استعد له، واستفاد من درس خلع رفيقه وشبيهه وأخوه فى الطائفة مرسى ! خاصة وأن كل المؤشرات، كانت تؤكد أن هناك انقلاباً وشيكاً، سيحدث فى تركيا لا محالة، قالوا له ذلك فى أمريكا، عندما ذهب لتأدية العزاء فى محمد على كلاى، وعاد أردوغان مهرولاً لترتيب البيت من الداخل، ويقوى إلى جانب الشرطة أيضاً ميلشيا اخوانية خاصة من طائفته، على غرار كتائب القسام فى غزة، وحزب الله فى الضاحية الجنوبية لبيروت، وفيلق بدر فى العراق.
حتى الشيخ راشد الغنوشى الزعيم التونسى، وهو يعلق على إزاحة مرسى، وكما الشعرة من العجين قال: إنه موقف طفولى من الأخوان، يقصد أنهم وبما أشيع عنهم من أنهم جماعة منظمة، ولديها كوادر بشرية، ومجاذيب كثر، كان يفترض ( بحسب تصور راشد الغنوشى ) أن لا تضيع السلطة وتتسربل هكذا بسهولة من بين يدى مرسى وجماعته، وأنه لو كان للجماعة ميليشيا جاهزة، لكان هناك كلام أخر، ويبدو أن ذلك ما أسدى به الغنوشى لأخوه أردوغان فى لقاءاتهم الكثيرة، إذ نصحه أن لا يعتمد على الجيش، ويحذر منه كل الحذر، ويتخذ من أهله وعشيرته ميلشيا جاهزة، تنقض وقت اللزوم، ولعل ذلك يفسر طبيعة ووظيفة تلك الوجوه التى رأيناها، من أنقرة واسطنبول على الشاشات، أثناء وبعد إخماد الانقلاب، بواسطة الأهل والعشيرة وليس الشعب ( كلهم ملتحون، وفى عمر معين ما بين الخامسة والعشرون والخامسة والثلاثون ) منظمون، ومرتبون، ومدربون وجاهزون، ويعملون كخلية نحل، كنت تراهم مثل فريق الإسعاف أو المطافى، وملامحهم تشى أنهم لا شعب ولا حكومة حتى، بل أهل وعشيرة من حزب العدالة والتنمية أخوان تركيا.
لذلك فلا أحد يقول لى أن الشعب هب لنجدة أردوغان ( كلام فاضى ) ففى مصر كمثال عندما طلب السيسى تفويضاً من الشعب فى 30 / 2013 م خرج أربعون مليون سدوا شوارع المحروسة، ولم تراق نقطة دم واحدة، مع الفارق، أن السيسى لم يكن يطلب غوث أو نجدة شخصية من أهله وعشيرته كما فعل أردوغان ! لا بل يرسى قواعد وأسس، ويشرك الشعب وليس الطائفة أو الأهل والعـشـيرة.
وحتى فى دول العالم الثالث رغم ما تتسم به نظمها من دكتاتوريات أو حكم عسكر كما يقولون، كثيراً ما شاهدنا، ورأينا أمم وشعوب، تخرج عن بكرة أبيها لنجدة القائد الرمز، بالملايين.. إلا فى حالة أردوغان فلم يغثه أحد سوى الأهل والعشيرة رغم كل ما قيل عن خروج الشعب، وتحدث من هاتف عادى من مخبئه تم توجيهه ليرسل كيوتيوب، رغم القنوات التى تتعدى المائة فى حوزة الدولة وغيرها، ولكنه لم يجروء أن يذهب لقناة واحدة يبث منها، بشحمه ولحمه ويذيع على الملأ مباشرة بدل من رسالته المسجلة على غرار رسائل بن لادن والظواهرى والدواعش، كل هذا وهو رئيس ! وبعد ذلك يقول لك المغيبون: أن الشعب أعاد أردوغان ! أى شعب ؟ والطائرات حلقت وقصفت، وظل هو ورموز نظامه فى المخبأ، حتى شمس اليوم التالى لليوم، ثم يأتى من يقول لك: أن الشعب خرج للساحات والمدن.
ناهيك عن أن الانقلاب الفاشل، لم يعد له بطريقة جيدة، برغم العولمة والميديا، والقنوات والموبايلات، وتركيا ليست دولة مجهولة، أو فى غابات الأمازون، أو مجاهل أفريقيا، بل دولة يقول مجاذيب أردوغان: أنها وحدها على الخريطة وووو إلى أخر اسطوانات التغييب، ولكن بالله عليكم هل يليق هذا بدولة كبيرة فى أوربا كتركيا / وجزء من أسيا، وعلى المتوسط ؟ أهى بهذا التأخر والتخلف حقيقة ؟ كى نرى ونشاهد وفى العام 2016 انقلاب دراماتيكى كهذا فى أوروبا ؟.
أعود لحكاية وزعم أن الشعب خرج، أى شعب وكم مليون خرجوا بل نسأل كم ألفاً ؟ لا شيء، هل أذكركم بواقعة ومثال ؟ الرئيس السودانى جعفر النميرى، حدث له انقلاب شيوعى أطاح به فى عام 1971 م وتم حبسه فى السجن المركزى لثلاثة أيام، أتدرون ماذا حدث ؟ خرج السودانيون عن بكرة أبيهم، وحطموا السجن والأغلال وأنقذوا النميرى، أما عمنا أردوغان فلم نعرف أين مكانه الأمين الذى اختبأ فيه، سوى من صورته الباهتة ع وكأنه خارج من القبر ! عندما أتصل قال إيه يطمئن قال إيه أنصاره من مخبئه، يحثهم ويستجديهم على الخروج للساحات، فلم نجد سوى جماعته من أهله وعشيرته، قبضوا على المئات من الضباط والجنود يعنى لا ملايين ولا بطيخ.
ولأننا ذكرنا النميرى الذى أعاده شعبه للسلطة عام 1971 م بعيد انقلاب أطاح به، يجدر أن نذكر أيضاً هوجو تشافيز الرئيس الفنزويلى، الذى تعرض هو الأخر لانقلاب من قوى رجعية دعمتها أمريكا فى عام 2002 م ونجح الانقلاب لبعض الوقت، إذ لم يدم ذلك سوى يومين أو ثلاث والسبب شعبه الذى التف حول السجن، وأعاد شافيز بقوة الإرادة والعشق والحب لملايين خرجت ولم يكن حشد طائفة أو جماعة وميلشيا، أو من خلال موبايل تعيس كما فعل أردوغان.
هذان مثالان ليس أكثر ومن دول العالم الثالث، السودان وفنزويلا، وليس أوربا، خرج الشعب بالملايين، وأعادهما للسلطة وبالإرادة، وليس بميليشيا أو طائفة الأهل والعشيرة، كما فعل أردوغان الذى نقل رسالته من خلال موبايل تعيس.
أعود للتجاهل الأوروبى والأمريكى لأردوغان، والتحقير من شأن حكايته، وما تعرض له ولدرجة ( الطناش التام ) فلا مغيث ولا منقذ، ولا تصريح حتى يندد ويشجب ويرفض الإنقلاب، بل تركوه ربما عملاً بالمثل القائل: ( جحا أولى بلحم ثوره ) خليهم يصطفوا مع بعض ! فإن فتك الشعب والإنقلابيون بأردوغان فتلك حرية وإرادة الشعوب ! وإن نجح أردوغان وكتب له عمر جديد فهو أيضاً حر لأن أوربا وأمريكا لا يعنيهما فى نهاية الأمر سوى قيام بدور المشهلاتى كما أسلفت، تماماً كما حدث مع صدام أبان غزو الكويت عندما أمدت له أمريكا البساط وأرخت الحبل قائلة: ما يعنينا هو النفط، ولذلك فقد بدا الكل غارق فى النوم أو يدعى النوم ! مثل ميركل مثلاً ! حتى أمريكا التى لا تنام إلا بعدما يطل الصباح عندنا فى الشرق، أدعى أوباما أو إدارته أنه نام مبكراً ! نعم هكذا وصلت الرسالة، المغلفة بالتجاهل والصمت التام بأى شيء يصدر عن أمريكا، حتى مجرد تصريح يشجب ويندد ذراً الرماد فى العيون ولكن لا شيء.
والسؤال فيما يتعلق بأوربا، الجارة لتركيا، والتى حفيت أقدام أردوغان على أبوابها مستجدياً ومتوسلاً، أن يقبلوه عضواً ويحتفظ لهم بأى دور يطلب منه بجانب كونه مشهلاتياً، ولكن لا دائماً ما يقابل صياحه وتوسله وضجيجه بأذن من طين وأخرى من عجين كما يقول عم عوضى بالتطنيش حتى فى عز محنته وسيطرة العسكر على مفاصل الدولة لساعات كل هذا على مرمى حجر من أوربا فلو ون، رغم أنك لألقيت طوبة من مضيق البسفور، صوب أوربا لا شك ستصيب أحد المارة على الجانب الأوربى الأخر، فما بالكم بالرصاص، والدبابات، بل وقصف الطائرات من أعلى للبرلمان ومقرات، وكأننا فى أحد معارك الحرب العالمية الثانية، وأردوغان فى مخبئه ينتظر الغوث من اليورو ،ولكن هو عشم إبليس فى الجنة كما يقولون.
لذلك فالسؤال الأخير لمحدثكم الذى أود طرحه: خاصة وأن اليورو على مرمى حجر أو الضفة الأخرى البسفور، ولكن ضفة اليورو تبدو بعيدة، وصعبة المنال على أردوغان، سؤالى: بالله عليكم ماذا لو كان الانقلاب فى أرمينيا مثلاً ؟ أو ابخازيا، أو استونيا ولاتفيا أو جورجيا ؟ وكلها دول ( هفق ) يعنى لا تُقارن بتركيا، ولكن الواحدة أى من تلك الدول، أهم عشرون لدى أوربا مرة من تركيا ( فلتخبط دماغها فى الحيط ) كما يقول عم عوضين، ولذلك كان من الطبيعى أن لا يصدر تصريحاً ما، ولا بطيخ يندد ويشجب، ربما يصدر لاحقاً حيث كلام فض المجالس، وتطييب الخواطر، والضحك على الذقون ومجاملة أردوغان بإبداء الارتياح لما أل إليه وضعه والسبب عطلة نهاية الأسبوع.
سالم المراغى يكتب: أكثر من قراءة وعنوان فى محاولة خلع أردوغان
الأحد، 17 يوليو 2016 04:00 م
أردوغان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة