صابر حسين خليل يكتب: شهادة ميلاد لطارق لطفى

هل أنت جاهز لترتدى ثوب البطولة ؟ هذا هو السؤال الذى ينبغى أن يفكر فيه كل ممثل أراد البطولة والنجومية.

ابحث فى مقومات شخصيتك ومميزاتك كفنان وخبراتك. هناك الكثير ممن ارتدى ثوب البطولة فظهر أنه غير ملائم له.

فنزعه سريعاً، أو نزعه عنه الجمهور والمنتجون. وهناك فئة من الممثلين بحثوا عن أول السلم وصعدوا خطوة خطوة حتى وصلوا للقمة وعندما وصلوا لم يستطع أحد زحزحتهم عنها.

ومن أمثلة هؤلاء فريد شوقى ورشدى أباظة وعادل إمام وهند رستم وخالد صالح وغيرهم. كل هؤلاء وصلوا لقمة النجومية عن نضج فنى كامل وليس عن طريق الفرقعة أو المجاملات.

ونجمنا اليوم هو طارق لطفى، كانت بداياته مع جيل الشباب هنيدى وأحمد السقا وغيرهم، لكنه لم يتقدم الصفوف إلا مؤخراً وكأنه أراد لموهبته أن تصقلها التجارب الفنية والاختيارات الصائبة عملاً وراء عمل، حتى قرر أن يصعد للقمة، ولم تكن قمة منحنى بل خط صاعد باستمرار. إنه طارق لطفى فنان بدرجة قدير، وعمله الدرامى هذا العام شهادة ميلاد بمثابة شهادة ميلاد حقيقية لنجم يملك كل أدوات التحليق بعيداً عن السرب.

الهدوء سمة من سماته، الصمت أهم ما يميزه، اختياراته بلا ضجة.

شهادة ميلاد مسلسل من تأليف المبتكر عمرو سمير عاطف وإخراج أحمد مدحت وإنتاج تامر مرسى. عمل فنى يستحق المشاهدة يعرض لنا ويصور الفساد وتشعبه وصعوبة استئصاله. يعرض لنا كيف يكون الفساد فى رجال الداخلية وفى رجال الأعمال وفى رجال القانون، ورجال الصحافة.

شهادة ميلاد صدمة حقيقية عندما يكتشف البطل زيف حياته وزيف ما كان يحارب من أجله. والمسلسل لم يحظى بضجة إعلامية كبيرة وكأنه اختار الهدوء كبطله، تابعته فئة كبيرة من المشاهدين ممن ينحازون إلى التركيز فى التفاصيل والتشعبات الكثيرة.

وعندما نتحدث عن بطل العمل تجد جرعة فنية كبيرة قدمها لنا طارق لطفى من خلال مشاهد الأكشن ومشاهد مرضه وكيف اقنع المشاهد بتدهور حالته الصحية من خلال النقص الكبير فى وزنه، ومشاهد الحلقة الأخيرة كنتَ ترى مريضاً يعيش لحظاته الأخيرة.

أما صلاح عبد الله فكعادته أبهرنا بشخصية الفاسد الشرير المتنكر فى زى الطيب، والقديرة سميرة عبد العزيز كانت الأم كما ينبغى أن تكون، أما إنجى المقدم فهذا الدور يُعد أهم أدوراها واكتشاف جديد لموهبة التمثيل لديها.

والنص مكتوب بعناية فائقة ويراعى أدق تفاصيل العمل، وهذا العمل يثبت أن عمرو سمير عاطف هو صاحب بصمة ظاهرة فى مسلسلات الإثارة والأكشن.

وقد استطاع المخرج أن ينسج لنا عملاً جديراً بالمشاهد المحترم.

واختيار مواقع التصوير وزوايا الكاميرا كان أكثر من رائع.

وكانت مشاهد العنف رغم قسوتها تتم بانسيابية دون أن تؤذى المشاهد.

وقد قدم تامر مرسى كعادته كل ما يحتاجه المسلسل حتى يخرج فى صورة مبهرة.

مسلسل شهادة ميلاد عمل هادئ وسط صخب دراما رمضان.

عمل استحق المشاهدة، وكتب شهادة ميلاد لكل من عمل فيه.