أحدها هو تلك النظرية التى تحمل الأنثى مسؤولية اجتذاب الرجل أولا، وحيازته بطريق التملك ثم المحافظة عليه، والاستماتة فى الإبقاء عليه مهما كانت الظروف. فالأمر مسؤوليتها الأسمى والأهم وحدها ولا أحد غيرها. !!
يعرف معظمنا تلك الاغنية الشهيرة للمطربة إيمان الطوخى التى يقول مطلعا:
يا بنت ياللى حمامك طار
قومى اعملى له بنية
عملتها له سبع تدوار
شبابيكها كلها بحرية
رفرف ولا حط عليه!!
الأغنية فى حد ذاتها وبشكل مجرد تعجبنى وتدخلنى فى حالة من المتعة والبهجة حقيقة، لكنى حين سمعتها منذ أيام لفتت نظرى كلمات مقطعها الأول ففكرت للمرة الأولى فى مضمونه ومغزاه وذهبت بعيدا عن الأغنية وحالة البهجة التى كانت تنتابنى حين كنت أسمعها وأدندن معها.
ببساطة شديدة ودون مقدمات شعرت بمدى جور تلك النظرة المتشبثة بالضغط على الأنثى حتى آخر مدى وتحميلها عواقب كل تصرفات الرجل ومواقفة بغض النظر عن مدى مسؤوليتها عن تصرفاته ومدى ما تشعر به من ألم نتيجة هجره لها وابتعاده عنها بحثا عن عش جديد وصيد جديد ونصر جديد حسب اعتقاده.
فالمرأة مطالبة بتهيئة الظروف لذلك الشريك الذى هجر عشها لإعادته مرة أخرى وكأنه لا يكفيها صدمة هجره لها بل عليها ابتلاع مرارة ألمها ولملمة نفسها سريعا ومعاملته كطائر هاجر عن موطنه فلزاما عليها أن تهيئ له عشا "بنية" بنكهة جديدة!!. قاسية حقا تلك المفاهيم التى نتربى عليها ونتشكل على مقاسها ومضمونها مهما كانت ظالمة ومنحازة. فالأنثى مطالبة بالاستماتة فى الحفاظ على الرجل مهما كان جوره عليها وظلمه لها وعدم تقديره لتضحياتها وصنيعها معه.
أعرف سيدة كان زوجها فى بداية حياتهما معا معدما بكل معنى الكلمة حتى أنها كانت تخرج للعمل بأجر فى حقول البلدة ولدى أهلها فى أعمال البناء والتشييد وغيرها حتى منّ الله على الرجل فافتتح بمساعدتها دكانا صغيرا للبقالة بدأه ببضاعة لا تغنى ولا تنفع، ومع الوقت تطورت أحواله ببطء ولكن بانتظام أيضا، ثم ساندته وساعدته حين قرر السفر للخارج للعمل فكانت تقتصد وتدخر وتعمل فى دكانهما وترعى أولادهما حتى تمكنت فى غيابه سنة تلو الأخرى أن تبنى منزلهما بارتفاع ثلاثة طوابق وعاد الرجل وقام بتوسعة دكانه حتى صار بلغة العصر سوبر ماركت حديث وكافئ زوجته كعادة كثير من أهل الشرق أصحاب تلك النظرية المنحازة فتزوج عليها امرأة أخرى وأسكن الجديدة فى الطابق الثالث بناء على رغبتها وكيدا فى الأولى التى وحسب الأغنية بنت برجا للحمام وليس بنية واحدة فما كان من طائرها الشريد والغادر إلا أن أسكن وليفته الجديدة فى بنية من تلك التى قامت الأولى ببنائها. !! الأمر الذى ينطبق عليه مقطعا آخر من أغنيتنا التراثية الذى تقول كلماته:
عملت له قصر بعمدان
عمود دهب وعمود مرجان
وحنانى كان جنة وبستان
واهو راح وفاتنى لوحديه!!!
باختصار شديد حين يبحث شريكك ورفيق دربك عن عش جديد ويطير بعيدا عنك لا ترهق نفسك ببناء عش جديد له علّه يعجبه فيعيده مرة أخرى ولا تحاول إعادة صياغة حياتك وأفكارك لأجله إلا إن كان العيب فيك والخطأ منك فقط وف تلك الحالة ليس غيرها، فمن فاتك وبحث عن بديل لك ليس جديرا بك ولا يستحق عناء تعبك لأجله فبعضهم لا يكفيه برجا عاليا ولا حتى قصرا بأعمدة ذهبية!!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة