فى مجتمعاتنا الشرقية يرى الناس الأشخاص الناجحين أنهم الأشخاص الذين لديهم "حظ "، أما الأشخاص التى قد تفشل بعض تجاربهم يروون أنهم قليلو "الحظ ".
وللأسف الشديد هناك مغالطة كبيرة فى الربط بين الحظ والنجاح وهذه المغالطة تأتى من الجهل بمعرفة معنى " الحظ " أو الإنسان المحظوظ.
الحظ ما هو إلا "قانون الاحتمالات" الذى يتحرك من خلال درجة سيطرتك على الظروف والمتغيرات والأحداث والأشخاص من حولك، فكيفما تحركه لصالحك أو لطالحك، فهذا من شأنه أن يرفع أو يخفض من احتمالية الوصول للنتائج المرغوبة.
ففى الحقيقة ليس هناك شخص محظوظ وشخص أقل حظا، بل هناك إنسان عمل بجد واستطاع التحكم والسيطرة على مجريات حياته واستطاع تحويل العقبات إلى سلم يصعد به للقمة، وانسان آخر استسلم لتقلبات الحياة وبرر ذلك بأن "حظه قليل ". أما ما يطلق عليه البعض حظاً كمثال: ( الفوز بجائزة كبيرة، أو وفاة أحد الأقارب الموثرين ووراثة ثروة كبيرة، أو الرهان فى سباق خيل وكسب حصانك ) فهذا ليس حظاً حيث يطلق عليه حظاً بالخطأ.. فهو نوع من المصادفة أو الفرصة أو المقامرة حيث تكون النتائج خارج سيطرتك، أو لك تأثير ضئيل جداً عليها، ان وجد هذا التأثير أصلاً، حيث المجازفة كبيرة وفرص فوزك على المدى البعيد تكاد تكون معدومة، أما الحظ فهو يعتمد على ( مدخلاتك) ويخضع لسيطرتك بشكل كبير.
وفى الحقيقة قسم الناس الحظ كما يبدو إلى نوعين: حظ داخلى والذى يشمل الجمال الجسدى والذى يعد طريقا هاما للنجاح اليوم، القوة، الحيوية، الذكاء، القوى العقلية المختلفة وحظ خارجى كالمستوى الاجتماعى والثقافى للأسرة، الظروف المحيطة، وكل الأمور الخارجية فى حياة الانسان. ولكن ان تمعنا قليلا فى مضمون هذه التصنيفات من الحظ، سنرى ان كل هذه الامور أتت بمحض الصدفة، وانت المتحكم الوحيد فى حياتك، فالله سبحانه وتعالى هو عالم الغيب والمتطلع
الوحيد على القدر، ولكنه وهب الانسان نعمة العقل لكى يفكر ويحاول وينجح
إن تمعنا فى النقاط السابقة سنتأكد من أن كلمة "حظ" هى أكذوبة اخترعها البشر منذ قديم الزمان. فمثلا، الحظ المتمثل فى الجمال الخارجى والتناسق الجسدى ليس حظا، لأن هناك العديد من المشاهيرحققوا نجاحا باهرا دونما جمال خارجى ومظهر، بل استفادوا من تميزهم للوصول إلى مبتغاهم.
ألم ترى من قبل شخصاً فقيراً وينجح فى دراسته ويتقدم فى عمله؟! ألم ترى من قبل شخصاً غنياً فاشل فى دراسته وفى عمله بالرغم من توفر كل شئ له بخلاف الفقير؟! لابد ان تكون قد رأيت ذلك من قبل، لذا فأنا لا أحتاج الحديث هنا لأقول: لا حظ مرة أخرى.. بل هو عمل وعمل يرفع من احتمالية وصولك للنتيجة المرغوبة. وقس على ذلك كل أنواع الحظوظ المذكورة وستجد أنك
تفند كل عامل بنفسك.. فقط تذكر أن حظك هو نصيبك من عملك، وبقدر ما تزرع تحصد، فأزرع الورود والزهور حتى تحصد جمال الحياة وجودتها. عليك ان تعرف كيف تجعل قانون الاحتمالات فى صفك، وكيف ان تتحكم فى حياتك لتتبلور بالشكل الذى طالما أردته.واليك عزيزى القارئ بعض النصائح لتساعدك فى التحكم فى حياتك. أولا: عليك وضع استراتيجية لحياتك، أو بمعنى آخر خطة وتضع لها بدائل لتكون جاهزا دائما لأى تغيرات.
ثانيا: سر على نفس النهج الذى سار عليه الناجحون أو "المحظوظون" كما يطلق عليهم الناس، وحاول الاستفادة من تجاربهم، فالناجحين فى هذه الحياة من وصلوا للقمة بعد مئات من المحاولات البائسة. ثالثا: حاول ان تعرف قدراتك جيدا وتعمل ماتحبه وتتمناه وليس ما يتمناه الآخرون لك، دوماً أجعل (مدخلاتك صحيحة) لتحصل على النتائج المرغوبة أو (المخرجات الصحيحة). وزد دوماً من تحسين مقدار إنجازك فيما تريد النجاح فيه من اعمال فتصبح المحصلة النهائية نتيجة لعملك وليس نتيجة ضربة حظ. فإذا كنت مثلا من محبى المواد الرياضية فلا تترد فى دخول القسم العلمى، فستكون مخرجاتك بعد دخول القسم المتلائم مع قدراتك أفضل كثيرا من انضمامك لقسم لست بارعا فيه أو لست من محبيه.
رابعا: كن على يقين دائما ان كل الحقائق كانت أحلاما يوما ما، لا تيأس وتأكد بأن ما أردته يمكن ان يتحقق ليس بضربة حظ، ولكن ببعض الجد والمثابرة والصبر. افعل كل ما تستطيع لتحقيق حلمك مهما كان الامر بسيطا، فقد يكون ما تظنه بسيطا ذلك يعد فارقا فى المستقبل لنجاحك أو إخفاقك فى الحصول على ما تريد. فإن أردت ان تكون خبيرا فى اللغة الانجليزية فى المستقبل، ابدأ من اليوم بحفظ كلمات فى مختلف المجالات، رغم صغر ما تفعله الا ان حفظ هذه الكلمات سيكون امر فى غاية الأهمية فى طريق تحقيق حلمك.
خامسا :حاول تنظيم شئون حياتك، لا تتركها عرضة للعشوائية أو ما يسمونه الحظ، لا تسمح لشيئ أو لأحد أن يتحكم فى حياتك سواك انت، فهى اما ان تكون من صنع يديك انت فقط اما فلا. يقول تعالى فى محكم كتابه: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) فصلت. فهناك سبب إلا وهو الصبر، وهناك النتيجة إلا وهى الحظ العظيم (آى النصيب العظيم من الثواب والأجر)، وعلاقة السبب بالنتيجة هى ما هى ما تصنع الحظ ,فالحظ فى اللغة هو ( النصيب) أو النتيجة المترتبة على العمل.
وأخيرا عزيزى القارئ، حاول أن تكون قوى الإرادة، وكن على يقين دائما أنك المسئول عن حياتك وعن تحويل الصعاب إلى نجاحات أو العكس. قل دائما داخلك بأنها حياتك ولن تسمح لأحد بالتحكم فيها وفى مجرياتها، سأصبح ما أريد، وسأحقق أحلامى مهما كلفنى الأمر من عناء.
أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة