سعيد الشحات

سباحة ضد التيار «8»

الإثنين، 27 يونيو 2016 07:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل اهتز الأستاذ على عبدالرازق من الضجة الكبيرة التى أثارها كتابه «الإسلام وأصول الحكم»؟ الأزمة شهدت طرده من «هيئة كبار العلماء» لأنها رأت فى كتابه «ضلالا»، واستقال أربعة وزراء من الحكومة احتجاجا على موافقة رئيسها بالنيابة يحيى باشا إبراهيم على القرار، وكان الملك فؤاد يحرك الأزمة من خلف الستار ضد الرجل لأن الكتاب يقضى على طموح الملك فى أن يكون خليفة للمسلمين بعد أن ألغاها مصطفى كمال أتاتورك فى تركيا.
القصة دارت فى عام 1925 ومازلنا نعيشها بطرق أخرى، فى حالة سد الباب أمام الاجتهاد، وحالة وضع البعض للدين فى مواجهة السياسة، والتمسك الأعمى بالماضى ورفض الحاضر.
فى الآراء التى ذكرها «عبدالرازق» للصحف أثناء الأزمة سنجده متمسكا بفكرته إلى النهاية رغم كل العواصف التى ألمت به، قال لجريدة «البورص اجيبسيان»: «الحكم الذى أصدرته هيئة كبار العلماء باطل مخالف للدستور لأن الدستور كفل حرية الرأى لكل مصرى، وأظن أنه لن يخرق فيما يتعلق بكتابى، ولا أعتقد أيضا أن الحكم ينتقص من كتابى فى الرأى العام الإسلامى»، ولما سئل: «هل يخرجك هذا الحكم من زمرة الإسلام»، أجاب بحدة: «لقد أخرجنى الحكم من هيئة علماء الأزهر وهى هيئة علمية أكثر منها دينية ولم ينشئها الدين الإسلامى، ولكن أنشأها مشرع مدنى لم تكن له أى صفة دينية ولا أغراض إدارية، وعلى هذا فإنى لن أكون فى حسن الإيمان والإخلاص للإسلام أقل من أولئك العلماء الذين قضوا بإخراجى «وسألته الجريدة» : «هل يمكن أن نعتبرك زعيم مدرسة ؟ أجاب: «لست أعرف ماذا تعنى بزعيم مدرسة، فإن كنت تريد بهذا أن لى أنصارا يسرنى أن أصرح لك أن الكثيرين يرون رأيى لا فى مصر وحدها بل فى العالم الإسلامى بأسره». فى كتابه «أفكار ضد الرصاص»، يذكر مؤلفه محمود عوض: «لو لم يكن عبدالرازق من أسرة غنية لمات جوعا وفقرا وحرمانا»، ويذكر «عوض»، أنه عندما بدأ بعض الأشخاص يفكرون فى إعادة طبع الكتاب تقديرا لمؤلفه وردا لاعتباره، فإن الفكرة لم تراودهم إلا بعد مرور 41 سنة على صدور الكتاب، يقول عوض: «كان لابد من الانتظار، انتظار سقوط الملك فؤاد، ثم سقوط الملك فاروق، ثم قيام ثورة 23 يوليو 1952، ثم طرد الإنجليز، حتى لا يعاقب المؤلف على كتابه مرتين».
فى عام 1966 ذهب إليه الكاتب والمفكر محمود أمين العالم يطلب منه الموافقة على طبع الكتاب من جديد، وينقل «عوض» جانبا مما دار بين الاثنين:
هل تسمح لنا بإعادة طبع كتابك العظيم «الإسلام وأصول الحكم».
لا، لا، ياسيدى.
- لماذا؟ هل أنت تتخلى عن كتابك ورأيك؟
لا، لست أتخلى عنه أبدا، ولكنى لست مستعدا لأن ألاقى بسببه أى أذى جديد، إنى ماعدت أستطيع ذلك، كفانى مالقيته، هل تعرف أنهم كادوا يطلقونى من زوجتى؟
لهذا الحد؟.
نعم، على أنى لحسن الحظ لم أكن متزوجا حينذاك، فضاعت عليهم الفرصة.
لقد انتهى ذلك العهد البغيض، ولن تلقى اليوم «1966» ولن يلقى كتابك غير التكريم والتقدير والإشادة من المفكرين والدولة على السواء.
من يدرينى؟ من يدرينى، أريد تأكيدا من الدولة، أريد ضمانا.
إن واقعنا الفكرى والاجتماعى الجديد هو خير ضمان.
هز الشيخ على عبدالرازق رأسه قائلا فى مرارة، لم أعد أحتمل أى مغامرة جديدة، من يدرى؟، «اطبعوا الكتاب على مسؤوليتكم، لا تطلبوا منى إذنا بغير ضمان أكيد أطمئن إليه».
انتهى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة