حـــســـن زايــد يكتب: ترسيم الحدود بين القانون والسياسة

الإثنين، 27 يونيو 2016 04:07 م
حـــســـن زايــد يكتب: ترسيم الحدود بين القانون والسياسة حـــســـن زايــد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتصور أن أسوأ أداء لمعارضة سياسية، هو أداء المعارضة المصرية. وهذا التصور تولد بداخلى نتيجة المُشاهد من تصرفاتها وسلوكها من الأحداث التى تمر بمصر.

فهو أداء ينطوى على نوع من المكايدة السياسية، كأنها تقوم بدور الضرة من النظام القائم، والضرة إحدى زوجات الرجل، والجمع ضرائر. وداء الضرائر: الحسد والمكايدة. المهم هو تنغيص عيشه عليه، وتنكيد حياته، بأى صورة من الصور. والتنغيص والتنكيد ليسا هدفاً مرحلياً ـ تكتيكياً ـ وإنما هدفاً دائماً ـ استراتيجياً ـ بغض النظر عن مصر الغائبة دائماً عن الرؤية.

وقد كنت أتصور أن المعارضة السياسية قائمة على رؤية سياسية، تختلف عن رؤية النظام القائم فيما يتعلق بمصلحة مصر. قد تتفق أو تختلف فى بعض التفاصيل والجزئيات كطبائع الأشياء والأمور، فلا تطابق مطلق، ولا اختلاف مطلق. ومن ثم يصبح من المنطقى ألا محل للمعارضة فيما هو متفق عليه، ولا مهادنة فيما هو مختلف عليه. تلك هى المعارضة الناضجة التى تعتبر جزء من النظام وليست خارجة عنه. أما المعارضة المصرية فهى مراهقة سياسية تتسم بالطيش والنزق، لا تحمل فى جعبتها رؤية سياسية معتبرة، وغاية غاياتها أن تعارض للمعارضة، أو لإثبات الوجود، حتى ولو أضرت هذه المعارضة بالمصلحة العليا للبلاد.

وقد خلطت هذه المعارضة خلطاً فاضحاً بين القانون والسياسة فيما يتعلق بقضية ترسيم الحدود المصرية السعودية. وسبب هذا الخلط يرجع إلى نظرتهم للنظام السياسى القائم فى البلاد باعتباره الضرة التى ينبغى تنغيص عيشها، وتنكيد حياتها، حتى يجرى تطفيشها ـ طفَش الرجلُ: خرج هائمًا على وجهه ـ من السلطة. وقد قامت هذه النظرة الخائبة على افتراض متوهم وهو أن النظام السياسى فى مصر يتنازل ـ بيعاً أو هبة ـ عن أراضى مصرية متمثلة فى جزيرتى تيران وصنافير. وهى نظرة خائبة متوهمة لأن الأصل أن هذا النظام قد جاء رأسه باختيار حر من الشعب، وحاز ثقة ما تحصل عليها رئيس من قبل، فضلاً عن قدومه من مؤسسة تمثل مدرسة الوطنية المصرية. ومن ثم فإن المزايدة بهذا الأمر مجرد مكايدة سياسية. لأن اتفاقية الترسيم لا تعتمد كاتفاقية إلا بتصديق البرلمان عليها.

وحسناً فعلت القيادة السياسية أن تركت حسم مسألة تبعية الجزيرتين لمؤسسات أخرى فى الدولة، فى ظل العلاقات السياسية بين البلدين، وفى تلك الظروف التى تمر بها المنطقة العربية. ويوم تقضى هذه المؤسسات بتبعية الجزيرتين للدولة المصرية، فلا غضاضة لدى القيادة المصرية من ذلك، ولا غضاضة لديها إذا ما لجأت المملكة السعودية للتحكيم الدولى. وذلك حفاظاً على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين. ويومئذ ستدرك المعارضة ـ تجاوزا ـ السياسية أنها كانت تحارب طواحين الهواء. ومن باب المرهقة السياسية، تصور أن البرلمان المصرى سيبيع القضية والملف لمصلحة السعودية، فلابد من استباقه بتحريك دعوى قضائية، على أساس أن ممثلى تلك المعارضة هم فقط الوطنيون دون غيرهم من بقية خلق الله فى الوطن. ورب ضرة نافعة، فإصدار محكمة القضاء الإدارى حكمها ببطلان توقيع رئيس الوزراء على اتفاقية ترسيم الحدود قد كشف عدة أمور من بينها: استقلال القضاء المصري، وأن مصر دولة مؤسسات، وأن المعارضة تعانى من الشيزوفرينيا ـ الفصام ـ السياسية، لأن القضاء المصرى يصبح مسيسا عندما يصدر أحكاما ليست على هواهم، وهو القضاء الشامخ حين يصدر أحكاماً تتوافق مع ما يدعون. وربما من حسن الطالع أن هيئة قضايا الدولة ـ محامى الدولة ـ قد أساءت تقدير الدفع بعدم الاختصاص، فى مسألة متعلقة بقرار إدارى. وحسن الطالع فى ذلك كما قلت يتمثل فى الكشف عن حقيقة وضع القضاء المصرى، وعلى لسان الخصوم السياسيين.

ولعل الحكم فى ذاته قد كشف مدى ما تعانيه المعارضة من أعراض المراهقة، لأن الحكم صادر ببطلان التوقيع وليس ببطلان الاتفاقية، وأنه حكم ابتدائى يجرى الطعن عليه أمام الإدارية العليا، وعملية التهليل والتطبيل غير مبررة. أما الذين ينتقدون موقف الحكومة المصرية من الطعن على الحكم باعتباره موقف منتقد ومستهجن، لا يكادون يفقهون حديثا؛ لأن الطعن على الحكم يعطى انطباعات جيدة لدى الإخوة فى السعودية، فلو قضت المحكمة الإدارية العليا بتأييد الحكم، فإن المملكة ستلجأ للتحكيم الدولى. وإن قضت ببطلان الحكم فإن الحق يعود إلى أصحابه دون مماطلة طالما ارتضينا القضاء حكماً، أم تُراهم حينئذ سيتهمون القضاء بأنه قضاء مسيس؟!.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة