إن من أهم الأعمال التى توصل إلى الحصول على الأجر كاملاً هو أن يخلص الإنسان لله عزوجل فى صومه، فيكون صياما خالصا لله عز وجل وهو كذلك.
والصوم هو أكثر الأعمال التى يمكن أن يتحقق فيها الإخلاص، لأنه سرّ بين العبد وخالقه لا يطلع عليه إلا رب العالمين، ولذلك أخفى رب العالمين أجره.
وماذا يريد الإنسان بعد أن يصل بصومه إلى تقوى الله عزوجل، أن يكون تقياً فى سلوكه فى اعتقاده فى تعامله مع الناس فى خوفه من الله عزوجل فى إخلاصه لله عز وجل، يتحلى بالتقوى سلوكا ومنهجا واعتقادا يألف أعماله ظاهرا وباطنًا يتقى الله عزوجل، يعبد الله عزوجل كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله عز وجل يراه، إذا أخلص لله وإذا اتقى الله عز وجل، وكان من عباده المخلصين، وكان من عباده الناجين.
ويكون الإنسان تقياً إذا ابتعد عما حرمه الله عزوجل، وإذا لازم ما أمره رب العالمين بفعله انتهى عما نهى عنه، وأطاع فيما أمر به وتعامل من أجل آخرته لا من أجل دنياه تهون عليه الدنيا بما فيها من أجل مرضات الله عزوجل فى الآخرة فهو المقصد وهو المغنم الذى يسعى إليه وهو النجاة فى الآخرة.
وسلامة الموقف بين يد الله عز وجل هو ما يقصده المرء من أعماله كلها، ومنها الصوم الذى يصوم فيه لله رب العالمين تصوم فيه الجوارح ويصوم فيه القلب، فالصيام على مراتب وعلى درجات كثيرة أعلاها ما يوصل إلى تقوى الله عز وجل، وهو أن تصوم الجوارح ويصوم القلب عما حرم الله عزوجل، ولا يفطر إلا على ما أحله رب العالمين له.
هذا هو الصوم وهذه هى تقوى الله عز وجل لمن أرادها ولمن أراد أن يخرج من صومه تقياً ورعا تعلم فى مدرسة الصوم، وهذب من سلوكه وأخلاقه وأعماله، وتخلص من تسلط الدنيا وغلبت النفس والشيطان عليه.
ومن أدرك شهر رمضان عُدَّ من المحظوظين السعداء الذين دخلوا فى موسم الخير بإدراك عليهم ألا يفوتوا لحظة واحدة تقرب بينهم وبين طاعة الله عز وجل، ويضاف إلى ميزان حسناتهم الكثيرة، مما لا يعرفه إلا الله عز وجل.
فإن الله عز وجل قد قال فى الحديث القدسى الذى نقله لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لى وأنا أجزى به»، ومعنى هذا أن الأعمال كلها تعرف قاعدة الإثابة عليها إلا الصوم فإن الله عز وجل اختص نفسه بعلم أجره، فإذا كانت الحسنة فى الأعمال بعشر أمثالها ثم تُضاعف إلى سبعين ضعف ثم إلى أضعاف كثيرة، فإن العمل فى شهر الصيام ليس على هذه القاعدة، وإنما أخفاه رب العالمين عن العالمين حتى عن رسولنا صلى الله عليه وسلم، وإذا أخفى الكريم شيئاً توقع الناس أنه شىء عظيم، ورب العالمين كريم.
فإذا أخفى رب العالمين أجره على صومه فلاشك أن الأجر عظيم، ولذلك فإنه ليس من الفطنة أن يضحى الإنسان بهذا الأجر الذى أخفاه رب العالمين عن الصائمين أجمعين، بل وعن رسولنا صلى الله عليه وسلم، ولن تحصل على هذا الأجر ولن تكون من أصحابه إلا إذا صمت صوما صحيحا، وهذا يقتضى أول ما يقتضى أن يكون الصوم خالصا لله عز وجل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة