وأخيرا قررت الحكومة تعديل قانون التظاهر، ومع أخبار التعديل يرتفع سقف التوقعات، وهناك حديث عن إلغاء عقوبة الحبس فى حال التظاهر بدون تصريح، والاكتفاء بعقوبات مخففة، إذا لم تنطو المظاهرات على أعمال شغب أو عنف.
اللافت فى هذه المسألة هو أن التعديلات التى يدور الحديث بشأنها الآن بشكل مفاجئ ودون مقدمات، بح صوت الكثير من المطالبة بها منذ أن كان الحديث مجرد مشروع يتم النقاش بشأنه، قبل أن تقره الحكومة والرئيس المؤقت عدلى منصور، وحين تصور البعض أن مجلس النواب بعد تشكيله، أمامه فرصة لإصلاح ما أقدمت عليه الحكومة، وذلك بعدم الموافقة عليه وقت تقديمه ضمن حزمة القوانين التى صدرت من الرئيسين منصور والسيسى فى غياب المجلس، غير أن الموافقة تمت عليه، كما أن الحكومة قطعت الطريق وقتها أمام الجميع بالقول، إنه لن يتم أى تعديل على القانون وستتم الموافقة عليه كما هو.
القصة على هذا النحو، تعنى أننا كنا أمام طرفين، واحد يطالب بالتعديل، والثانى يرفض بإصرار، فماذا حدث أدى إلى هذا التغير، وجعل الحكومة ومعارضى القانون فى خندق واحد؟
فى متن القصة هناك تداول بأن للعامل الخارجى دورا لا يستهان به، حيث أوصت دول غربية صديقة بضرورة تعزيز حقوق الإنسان، وأن الاقتصاد لم يعد ينفصل عن السياسية فى هذا المجال، وأن الكثير من المسؤولين الغربيين الذين زاروا مصر فى الفترات الأخيرة أكدوا على هذه المعانى، (راجع جريدة الشروق فى عددها الصادر أمس السبت)، ومن اللافت فى ذلك، قول إن مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية توسعت الآن فى المعايير التى يتم على أساسها التصنيف الائتمانى للدول لتشمل أوضاع حقوق الإنسان.
لم تعلن الحكومة الأسباب التى أدت إلى إقدامها المفاجئ على هذه الخطوة، وبالتالى سنجد الفرصة مواتية للحديث عن العامل الخارجى بتأثيره القوى، وبين حديث الداخل وحديث الخارج فى القضية، نجد أنفسنا أمام حالة تفرض نفسها منذ سنوات طويلة، وهى «تجاهل الداخل فى مقابل الاستماع إلى الخارج»، صحيح أنه لا أحد فى هذا العالم يعيش فى جزيرة منعزلة، وأن العلاقات بين الدول يحكمها معايير أصبح من الخطر الكبير فيها تجاهل حالة حقوق الإنسان، غير أن الالتفات إلى الأصوات الوطنية فى الداخل والاهتمام بما تذكره من وجهات نظر معارضة يقوى صورتنا وموقفنا الخارجى، ويعزز من مكانتنا أمام العالم.
ولو أخذنا قضية تعديل قانون التظاهر التى نحن بصددها، سنجد فيها أن الأحزاب الرئيسية لم توافق عليه منذ البداية، وتقدمت بمقترحات لتعديله، كما أن المجلس القومى لحقوق الإنسان وضع ملاحظات عليه، ووضع صيغا محددة لتعديله ورأت الأحزاب أنها جيدة وتعبر عن طموحها، لكن الحكومة تعاملت مع كل هذه التطورات بـ«ودن من طيب وودن من عجين» فلم تأخذ بأى مقترحات، لا من المجلس القومى لحقوق الإنسان، ولا من الأحزاب.
ولم يقتصر الأمر من الحكومة على الرفض، بل تم تصوير الذين يلحون على تعديل القانون، ويحذرون من مخاطر الإبقاء عليه، وكأنهم شياطين لا يريدون الخير لمصر، ويقدمون أعظم خدمة لجماعة الإخوان وكل قوى الإرهاب، وبالتالى فهم خارج الصف الوطنى، ومضى ذلك ضمن خطاب «التخوين» الذى لجأ إليه البعض، ظنا أنه يقدم خدمة للمرحلة، غير أن هذه الأحداث تثبت فساد هذا الخطاب، والدليل ما يحدث الآن من كلام حول تعديل قانون التظاهر.
فى تقديرى أن أهم قيمة فى مسألة تعديل القانون، أنه ينصف الذين طالبوا بتعديله من قبل، ويؤكد أنهم يبتغون المصلحة الوطنية، والمؤكد أن الحكومة كانت ستربح الكثير لو أخذت بوجهة نظرهم.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
على
الى الامام
عدد الردود 0
بواسطة:
ألشعب الاصيل
المطلوب التوازن وتطبيق المعايير الدوليه لحقوق الانسان
بدون
عدد الردود 0
بواسطة:
رأفت
إضافات لتعديل قانون التظاهر