محمد حسن الشيخ يكتب: حلب تحترق.. وحزنُ أمةٍ مزيف

الجمعة، 06 مايو 2016 10:01 م
محمد حسن الشيخ يكتب: حلب تحترق.. وحزنُ أمةٍ مزيف أحداث حلب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قصفٌ عشوائى وأشلاءٌ ممزقةٌ وصرخاتٌ مدويةٌ وجرح عميق وحالة من الفزع تشهدها حلب الجريحة فى هذه الأيام ؛ أثارت تفاعل الكثير وغضبه، لكننى لم أتفاعل هذه المرة كما يحدث مع الجميع فى كل حادث مؤلم ومدمى للقلب ومتكرر فى نفس الوقت ؛ لأننى لم أجد قيمة لهذا التفاعل الغاضب وتلك الكلمات المؤثرة والأحزان التى أظنها زائفة أو مستعارة لوقت قليل، سئمت ذلك الشجب والاستنكار اللحظى الذى سرعان ما ينتهى مثلما حدث من قبل فى الأزمات السابقة.

لم أتفاعل لأننى حقيقة أشعر بالخجل من هذا التفاعل المزيف ؛ ولم أجد فى الأمر نصرة حقيقية لهم وأنا أنشر صور الموت والدمار ثم أتابع يومى بشكل عادى، أكل واشرب وأضحك أيضا.

أخجل من نظرات تلك الطفلة التى خرجت من تحت ركام بيتها تاركة أبويها تحت الأنقاض ومعهم كل الأمن والحنان الذى كانت تملكه لتفتح عينها على واقع بشع؛ فما ينفعها حزننا ومشاركتنا لصورة وجهها المشرق المشعُ من خلف ستار الدم المسدل عليه، إن نظراتها إلينا مليئة بخيبة الأمل فينا فهى تعلم أن تفعلنا ينتهى سريعًا؛ والتاريخ يسطر عنا هذه الخصال المشينة لم يتجاهلها يومًا.

هل انتهت مجاعة مضايا؟! ثار الجميع وتفاعل واستنكر نفس الاستنكار العقيم الذى لم يخرج من إطار صفحات التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا؛ هل جهزت القوافل من المتعاطفين وأصحاب الكلمات الرنانة، أم اكتفينا بهشتاج #مضايا_تموت جوعا.

سبقها بوقت قليل مأساة ريف دمشق ومعاناة حمص وجراحات الشام التى يتبع بعضها بعض، وتفاعل الجميع تفاعل وقتى ثم عاد إلى ما كان عليه، هل نتذكر صرخات المرأة المدوية التى خرجت من ضواحى الفلوجة وهى تستنجد بالمسلمين والعرب والعالم أجمع قائلة: "نحن بنموت من الجوع ما فى خبز ولا علاج أين أنتم يا أخوتنا". هل اشتعلت النار فى بيتها لتطعم طفلها الذى لم يلحق بأخواته الذين ماتوا جوعا.

لم أتفاعل لأننى أصبحت استحى من هذا الانفعال المزيف الذى عشت مثله فى مأساة بورما وتمزيق أوصال مئات الآلاف من المسلمين وتهجيرهم وحرق أطفالهم وهم أحياء، إلى الآن نشجب ونستنكر على الصهاينة ونتفاعل نفس التفاعل المزيف مع معاناة الفلسطينيين المستمرة منذ نصف القرن المنصرم!.

بالتأكيد نسينا أفريقيا والوسطى وما مر بها من أحداث عنصرية أليمة تحت مسمى "التطهير الدينى" ضد المسلمين على أيدى ميليشيات مسيحية، أدت إلى مقتل المئات ونزوح الآلاف خوفا من عمليات القتل العشوائية، وقبلها بأعوام حدث نفس الشىء فى تركستان الشرقية وعمل مذابح جماعية ومنع إظهار الشعائر التعبدية، ومحاولة تصفية المؤسسات والمظاهر الإسلامية، والعمل على تذويب هوية المسلمين؛ أذكر جيدًا أننا ثرنا وحزنا وشجبنا مثلما نفعل اليوم فى مأساة حلب.

لم أتفاعل ولكننى حزين على أمة تأتيها النكبات بين الحين والآخر ولا تزال تغط فى سبات عميق ولا ندرى متى تفق من غفوتها التى طالت، ولا تزال تنتظر النصرة من منظمات كاذبة فى إدعائها بأنها حقوقية تحفظ كرامة الإنسان دون النظر لى جنسه أو دينه، شعارات زائفة ومشاعر كاذبة بلا قيمة أمام ما يحدث لرجال ونساء وأطفال حلب وباقى بلدان الشرق الأوسط اليوم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة