مع قرب انتهاء الولاية الثانية والأخيرة للرئيس الأمريكى أوباما نهاية هذا العام 2016 أود أن نلقى نظرة على منطقة الشرق الأوسط فى عهد أوباما ومن هم الرابحون ومن هم الخاسرون فيها وهل استفادت المنطقة من الرئيس الأمريكى أم على العكس الرئيس الأمريكى أضرها؟! ولكنننا سوف نركز فى هذا المقال على الفترة الثانية من حكم أوباما وما بها من أحداث عاصفة بمنطقتنا من ربيع عربى إلى الحرب فى سوريا إلى ظهور داعش إلى ارتفاع وانخفاض أسعار النفط، فقد كانت سياسة الإدارة الأمريكية عدم التدخل عسكريا فى منطقة الشرق الأوسط أو فى أى منطقة أخرى بالعالم بل إننا وجدنا أن الإدارة الأمريكية تركت السياسة الخارجية لجون كيرى فى السنوات الثلاث الأخيرة، هو من يحدد طريقة إدارة كل منطقة فى العالم، وكذلك طريقة حل هذه الأزمات فى عالمنا العربى وبنظرة سريعة على منطقتنا العربية والشرق أوسطية نجد أن أولا إيران: كانت سياسة الإدارة الأمريكية هو الانفتاح على إيران ودعم ما يسمى تيار الانفتاح فى إيران، وكانت الإدارة الأمريكية تدفع فى اتجاه إبرام اتفاق مع إيران برفع العقوبات فى مقابل عدم امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية، وقد تم هذا الاتفاق سرا ثم أصبح علانية وتم الإفراج عن أجزاء من الأموال الإيرانية كجزء من الاتفاق وأصبحت إيران خارج معسكر الشر الأمريكى إلى حين، وأرى أن ما تم مع إيران يعد نجاحا للإدارة الإيرانية فهى الرابحة من هذا الاتفاق، فسوف تستعيد أموالها المجمدة ولن تتعرض لعقوبات أو التهديد باستخدام القوة العسكرية ضدها وأيضا تبدأ المشاريع والاستثمارات الغربية فى المجىء إلى إيران وتستطيع إيران أن تبدأ فى بيع نفطها فى الأسواق العالمية من دون أى حظر عليها فى التعامل وبهذا الاتفاق تستطيع إيران مساندة حلفائها الشيعة فى المنطقة بالمال وأيضا العتاد العسكرى سرا وأيضا سياسيا، فبهذا تكون إيران أول الرابحين فى المنطقة فى عهد أوباما.
ثانيا: الخليج العربى، اتسمت العلاقة بين دول الخليج العربى وأمريكا بالتوتر وخاصة العلاقة بين السعودية أكبر الدول الخليجية وأمريكا وكان هذا واضحا فى التصريحات المتبادلة بين كلاالبلدين، خاصة بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق مع إيران الخاص برفع العقوبات فمنذ هذا الوقت أحست السعودية بمدى الخداع الذى تعرضت له من قبل الدولة التى يفترض أنها حليفتها الأهم وهى أمريكا، ونجد أن تصريحات أوباما نفسه تطالب السعودية بالانفتاح على إيران وأن تقبل إيران كقوة إقليمية فى المنطقة تتشارك معها إيجاد الحلول لمشاكل المنطقة، ثم جاء الحدث الثانى الأهم الذى لا يقل عن الاتفاق النووى مع إيران ألا وهو القانون الذى أقره الكونجرس الأمريكى الذى يستطيع الأفراد بمقتضاه إقامة قضايا تعويضات خاصة على الحكومة السعودية، إلا أن السياسة السعودية اختلفت اختلافا جذريا فبدأت المملكة سياسة الاعتماد على الذات، وعلى دول مجلس التعاون الخليجى، وكان هذا واضحا فى حرب اليمن التى أخذت السعودية زمام المبادرة فى حربها على الحوثيين، وتسعى المملكة إلى تكوين حلف إسلامى تعتمد عليه السعودية وتكون هى رأس الحربة والمسيطرة عليه فى مقابل إيران التى تسعى إلى السيطرة على المنطقة وفرض نفوذها، وأرى أن السعودية وعلاقة دول الخليج تأثرت سلبا مع أمريكا أوباما إلا أنه نستطيع القول، إن السعودية من الرابحين أيضا من عهد أوباما حيث استطاعت أن تدرك أنه لا يجب الاعتماد على الأمريكان طول الوقت وكذلك بدأت السعودية تأخذ سياسة خارجية جديدة تتوافق مع مصالحها فى المنطقة وبدأت الانفتاح على دول الكبرى الأخرى كالصين وروسيا رغم الاختلاف فى موضوع سوريا إلا أنه يوجد علاقة أفضل من ذى قبل وأيضا بعد القانون الأمريكى الجديد الخاص بالتعويضات ضحايا أحداث 11 من سبتمبر أدركت السعودية أنها لابد أن تتحرك بعيدا عن أمريكا سريعا وأنا أرى أن كل هذا بفضل أوباما وتصريحاته الصريحة التى كان لابد للمملكة أن تفهم منها طبيعة العلاقة بينهما فى الفترة المقبلة حتى بعد أن تنتهى ولاية أوباما.
ثالثا: تركيا: نجد أن العلاقة بين تركيا وأمريكا أوباما اتسمت بالتناقض الشديد فنجد أن أمريكا ساندت تركيا فى موقفها مع روسيا ودعمتها جيدا عندما أسقطت تركيا الطائرة الروسية، لكن نجد على النقيض أن أمريكا كانت ترسل تصريحات توحى بأنها تساند الأكراد فى سوريا وكذلك الأكراد فى تركيا وهى لا تمانع فى مناقشة موضوع أن يكون للأكراد وطن أو ما يشابه حكم ذاتى وهذا طبعا ضد مصلحة تركيا التى ترفض مثل هذا التفكير أو التصريح حتى بشأن أى حقوق للأكراد لهم أو حتى أكراد سوريا ولهذا أجد أن تركيا تكون خاسرة فى علاقتها مع أمريكا أوباما.
رابعا: دول الربيع العربى: مصر تونس ليبيا سوريا اليمن، نجد أن علاقة أمريكا بهذه الدول إبان الربيع العربى كانت جيدة حيث أمريكا أوباما كانت تدعم الثورات العربية وتؤيدها تحت شعار الديمقراطية والتغير ومحاربة الفساد ونجد أن الدول الرابحة فى عهد أوباما هى مصر وتونس حيث استطاعت مصر أن تخرج من تحت الهيمنة الأمريكية، واستطاعت أن تعيد بناء علاقتها الخارجية بشكل جيد وأن تنوع من مصادر شراء السلاح وأن تعيد بناء علاقة جيدة مع روسيا خاصة وكذلك علاقة جيدة مع الصين وأصبح هناك تفاهم جيد مع فرنسا وشبه شراكة فى العلاقة المصرية الفرنسية وفى الداخل ربحت مصر أيضا فى موضوع المجتمع المدنى وحقوق الإنسان فقد استطاعت مصر التخلص من الضغط الأمريكى داخليا وبدت مصر أكثر قوة من ذى قبل نتيجة الاسقلالية فى اتخاذ القرارات عن ذى قبل.
أما بالنسبة لتونس فهى تعتبر من الدول الرابحة فى عهد أوباما، حيث ساندت أمريكا تونس الثورة حتى تقف على قدميها فأمريكا تنظر إلى تونس باعتبارها النموذج الذى يجب أن يحتذى به فى المنطقة فلهذا نجد أن تونس من الرابحين فى عهد أوباما.
سوريا واليمن: لم تتدخل أمريكا أوباما فى الثورات التى حدثت فى المنطقة خاصة فى سوريا واليمن فقد تركت اليمن للخليج لكى يعالج هو هذه الثورة وأيضا نأت بنفسها عن الثورة السورية لأنها تشجع المعارضة وتتبنى المعارضة وتطالب برحيل بشار الأسد لأنها لم تتدخل عسكريا إلى الآن فى سوريا وهذا يتماشى مع سياسة أوباما فى عدم استعمال القوة العسكرية فنجد أن اليمن وسوريا من الدول الخاسرة فى عهد أوباما، حيث إن عدم التدخل الأمريكى المباشر إلى الآن أدى إلى هذه الحروب التى تعيشها هذه الدول إلى الآن والتى يلوح فى الآفق شبح التقسيم لهذه الدول.
خامسا إسرائيل: نجد أن علاقة إسرائيل مع أوباما لم تكن جيدة أو أقل ما توصف به أنها غير حميمية والدليل على ذلك رفض نتنياهو الدعوة الأخيرة لزيارة البيت الأبيض وقبوله الدعوة من مجلس النواب الأمريكى لإلقاء خطاب هناك وأيضا لم تستفد كثيرا إسرائيل من حالة الضعف التى تعيشها دول المنطقة، وكذلك عدم رضى إسرائيل عن مساندة أمريكا الثورات العربية، وخاصة فى مصر التى أطاحت بنظام مبارك الصديق، والذى كان يعتبر كنزا للإسرائيلين ولهذا تعتبر إسرائيل من الدول الخاسرة فى عهد أوباما.
سادسا العراق: تعتبر العراق من الدول الخاسرة فى جميع الأحوال سواء فى عهد أوباما أو فى فترة جورج بوش، حيث فى عهد أوباما ازداد التعمق الطائفى بين الشيعة والسنة وازداد النفوذ الإيرانى وصاحب هذا ظهور ما يعرف بداعش الذى أصبح يسيطر على مناطق كثيرة فى العراق ويتحكم بها، ومنها انطلق إلى باقى الدول العربية وأيضا بعض الدول الأوربية، وهذا نتيجة سياسة عدم التدخل التى يتبعها أوباما فى المنطقة.
خالد فؤاد يكتب: الرابحون والخاسرون فى عهد أوباما
الخميس، 26 مايو 2016 02:00 م
الرئيس الأمريكى باراك أوباما
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يونس
عجبا
لم يتحدث المقال عن ماليك إيفونا