سيدى الرئيس.. يحل علينا فى الثامن عشر من مايو من كل عام الاحتفال باليوم العالمى للمتاحف والذى يهدف إلى إتاحة الفرصة للمختصين بالمتاحف من التواصل مع العامة وتنبههم للتحديات التى تواجه المتاحف إذا ما أصبحت حسب تعريف المجلس الدولى للمتاحف مؤسسات فى خدمة المجتمع وتطوره، خاصة فى الآونة الأخيرة مع حدوث طفرات كبيرة فى المتاحف العالمية ومحاولات مجتهدة فى المتاحف المصرية .
سيدى الرئيس.. إن المتاحف أماكن ليست لعرض الآثار التى ترجع إلى العصور المختلفة فقط أو التى تعبر عن إرهاصات تاريخية أو لإبهار السائحين، ولكن المتاحف هى عنوان بلادها وحضارتها، فالمتحف مكان له قدسيته فنرى الزائرين فى البلاد التى لدى شعوبها قدر وفير من الوعى يقفون فى حالة سكون وسلام وتقديس للقطع الأثرية، ففى حضرة الأثر تتجلى ثقافة الدول وحضارة الشعوب التى تعبر عن تطور مهم فى تاريخ الإنسانية جمعاء .
سيدى الرئيس.. إن كنا نريد أن نحارب الإرهاب حقًا ونقول فى رسالة قوية للعالم إن الإرهاب مكانه ليس الشرق ولا علاقة للإسلام به فعلينا أن تكون رسالتنا من خلال الآثار، فالمسلمون الأوائل لم يهدموا أثرًا ولم يكسروا تمثالاً ولم يضروا بكنيسة أو بمعبد، بل حرصوا على إيجاد فن من نوع خاص وتطوير كبير لفنون العصر وامتزاجها مع فنون الحضارات السابقة ليخرجوا علينا بمجموعة فنون منها التصوير الإسلامى والعمارة الإسلامية وفنون الخزف والفخار وروعة استخدام الفسيفساء بطراز خاص وغيرها، فكل هذا إن دل فإنه يدل على عظمة وروعة حضارتنا وتاريخنا العريق، بل يبرهن على أن الإرهاب الحقيقى والذى ينبع منه السرقات التى هى فى الأصل إحدى أشكال الإرهاب الفكرى والثقافى ممثلاً بقوة فى متاحف الغرب، فهناك متاحف كاملة تقوم بعرض الآثار المصرية المسروقة من مصر قديمًا وحديثًا.
سيدى الرئيس.. إن مصر ليست هبة النيل كما قال هيرودوت، وليست هبة المصريين كما قال جمال حمدان، ولكن مصر هبة تاريخها ذو سلسلة الحضارات المتعاقبة التى لا انفصال فيها، فمصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى توجد آثارًا لديها تعبر عن كل مرحلة تاريخية مرت عليها، فلا مرحلة تاريخية قد مرت ببلدنا الغالية إلا ووجدت لها آثارًا نباهى بها العالم ونتيه بها عجبًا.
سيدى الرئيس.. إن الآثار المصرية هى قاطرة التنمية الحقيقية لمصر على الناحية الاقتصادية، فإنى أعلم تمامًا ما تقومون به من جهد رائع فى مجالات الزراعة والبناء والتشييد والطاقة والمحاولات الجادة فى إطار تطوير الصناعة المصرية وجذب الاستثمارات، لكن إذا ما كان هناك مشروع قومي للآثار المصرية فسوف يكون هناك عائد يغنينا عن غيره من المصادر التى تدر دخلاً قوميًا، وليس من السياحة فحسب، بل من الاستثمار فيها وهناك دولاً كثيرة على مستوى العالم تحقق أرباحًا اقتصادية طائلة من التراث الثقافى دون وجود سياحى
سيدى الرئيس.. لقد وهبنا الله ما لم يهبه إلى غيرنا من آثار، فمصر تمتلك كنزًا كبيرًا يفوق كنوز الشرق الأوسط مجتمعة، فالنفط ينفذ والأرض تبور والاستثمارات الأجنبية تقف إذا ما كان هناك خلاف سياسي، لكن الآثار المصرية باقية بقاء الإنسانية وشهدت على التاريخ وكانت حاضنة للأنبياء والصحابة والأولين.
سيدى الرئيس.. أدعوك إلى زيارة الآثار المصرية سواء المتاحف أو المواقع الأثرية لإرسال رسالة واضحة للعالم بأسرة أن مصر تهتم بتراثها الثقافى وتاريخها الحضارى، كما أن زيارة فخامتك ستثير انتباه العالم ما سيعود بفوائد عظيمة على قطاع الآثار، كما أننى أدعوك إلى عمل حوار مع خبراء الآثار من "الشباب" –كوننا فى عام الشباب- لسماع أفكارهم والوصول إلى آلية عمل جديدة بفكر الشباب الطامح المتعلم ولا نتركهم إلى "مفرمة" الجهاز الإدارى التى تعرقل كل ما فيه أمل لصالح الوطن
سيدى الرئيس.. إنى أعلم تمامًا اهتماماتكم بفتح أحاديث مباشرة مع أصحاب الفكر والإبداع، فقد جلست مع الفنانين والمثقفين ورجال الأعمال وكل من لديه مشروع اقتصادي أو سياسى أو ثقافي يفيد الوطن.. فألا تستحق آثارنا التى هى سجلات تاريخنا الصامتة الجلوس مع شبابها وخبرائها ومبدعيه..
سيدى الرئيس.. شباب الأثريين ومن يريدون خيرًا للوطن ولا يريدون مكسبًا أو وظيفة أو منفعة شخصية فى انتظار دعوة من سيادتك.. فآثارنا تستحق منا الكثير فهيا بنا نبدأ فى مشروع نسميه "عام الآثار" ويكون مشروعًا قوميًا لتفيق الآثار من كبوتها وتقوم كما تقوم العنقاء من رمادها بعد إن ظلت قرونًا تلوح فى وجدان الإنسانية كما يلوح الوشم فى ظاهر اليد .
اثار
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
Yasmin Ahmed Shelbaya
مشروع قومى للآثار يا ريس