لم أكن اصدق نفسى عندما كان يختارنى معلم (التربية الرياضية) المنوط به إدارة (طابور الصباح) بأن أتقدم زملائى لتحية العلم فقد كانت تجربة صعبة وفريدة فى نفس الوقت، فصعبة لأنها تختلط بالرهبة والخجل وأحياناً الخوف من الخطأ أمام الزملاء فتصبح حديث الجميع لأنك تقف على رؤوس الأشهاد.
أما الفريد فى الأمر هو ذلك الإحساس الجميل والذى لازمنى طوال حياتى، فبرغم أنه كان موقف جلل بالنسبة لى إلا أنه لم يمح من ذاكرتى، فقد تقدمت الصفوف متناسياً من خلفى تماما ووجدت نفسى أضع يدى اليمنى عند جبهتى محاولاً أن تطول قامتى أكثر وأكثر حتى تصل إلى عنان السماء متجها بنظرى إلى أعلى مستجمعاً كل ما أوتيت من قوة فى صوتى لأنادى (تحيا جمهورية مصر العربية) وكأننى لا أريد أن أسمع زملائى فقط بل أريد لصوتى الصغير أن يُسمعها للعالم أجمع.
صدقنى يا عزيزى القارئ وأنت مثلى وهذا شىء مؤكد أننى مازلت أقف عندما أستمع للسلام الوطنى أو عندما ينادى المنادى (تحيا جمهورية مصر العربية) ليس ذلك وحسب بل أحس بقشعريرة فى (بُصيلات) شعرى وكأن شيئاً ما يدفعنى للزهو بمصريتى وبعروبتى، بل كنت أحس فى صغرى هدير صوت زملائى يكاد يدفعنى إلى التحليق فى السماء.
(تحيا جمهورية مصر العربية) كلمات بسيطة لكنها تعمل مفعول السحر لكل من قدر معناها وقيمتها بل هى دافع للجميع ليس لحب مصر فقط بل والتضحية من أجلها فهى تجعلك تعمل كل ما فى استطاعتك لتظل تلك الكلمات تحلق فى عنان السماء داعية الجميع للتوحد تحت هذا الشعار المبهر الذى يزلزل الأرض عند ترديده لأن كلماته تخرج من أعماق القلب وليس من اللسان فقط.
(تحيا جمهورية مصر العربية) رغم كل حاسد أو حاقد يريد الإضرار بمصر من خارجها، فقد تناسى هؤلاء أن مصر هى (المحروسة) بحول الله وقوته، فهى كنانة الله فى أرضه ومن أرادها بسوء (قصمه الله تعالى)، فهى حاضنة الأنبياء بل وملاذ بيت النبوة ومحل إقامتهم حتى وفاتهم
( تحيا جمهورية مصر العربية) رغم الصراع على المناصب الزائلة، فقد تناسى هؤلاء أنهم إلى زوال وستبقى مصر أبد الدهر مرفوعة الرأس، ولكنها تسجل فى كتاب حياتها من أراد لها الرفعة من أبنائها ومن أراد الإضرار بها فذاكرتها لا تنسى هذا ولا ذاك فمن خاف عليها وأراد تقدمها ورقيها فسوف تكتب حروف اسمه من نور لتستضىء به الأجيال القادمة ليكون دافع لهم ليكملوا مسيرتها، أما من أراد لها الخنوع وأعان عليها الأعداء فسوف يذهب إلى (مزبلة التاريخ) غير مأسوف عليه.
(تحيا جمهورية مصر العربية) يجب أن يبقى شعار نستمد منه قوتنا بعد الله (عز وجل)، فهو منمى لروح الوطنية عند المصرى الذى يقدر هذا الشعار الهام وكأنه يردد له كلمات الفنان الراحل (سيد درويش) التى تبث روح الوطنية فى جسد الأمة وهو يقول (قوم يا مصرى مصر دايماً بتناديك *** خد بنصرى نصرى دين واجب عليك).
عزيزى القارئ المحترم والغيور على هذا الوطن الغالى يجب أن تضع شعار (تحيا جمهورية مصر العربية) فى مستقر قلبك ليعطيك الدافع دائماً بضرورة البحث عن رفعة هذا الوطن أياً كان عملك، فهذا الأمر يسرى فى الدم ولا يحتاج لمناصب عليا، فلو أدى كل منا ما عليه لأجبرنا المتخاذل بأن يلحق بمسيرة الوطن لأن الأصوات المنادية (بتحيا جمهورية مصر العربية) سوف تصم آذان كل متخاذل عن نصرة هذا الوطن العظيم.
طابور تحية العلم فى مدرسة - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة