ولكن مفاجآت علم الجينات التى أصبحت متداولة فى الآونة الاخيرة تستحق بجدارة ان نطلق عليها " ثورة "
بالفعل هى اكتشافات ثورية تقودنا إلى مزيد من التقدم، ولكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحا ًهو إلى أين تقودنا تلك الثورة.
ثورة الجينات
يكمن مسار الجدل الأساسى فى الاكتشافات الحاصلة موخرا ً فقد طالعتنا ديلى ميل البريطانية أنه تمكن فريق من الباحثين بجامعة ييل الأمريكية من اكتشاف 3 جينات تتسبب فى إدمان الشخص لتدخين مخدرى الحشيش والبانجو وتجعل هذه الجينات الإنسان يجد صعوبة شديدة فى الإقلاع عن تعاطيهما.
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل طالعتنا من قبلها الصحيفة البريطانية الإندبندنت ان علماء من معهد "كارولينسكا" السويدى اكتشفوا مجموعة من الجينات التى تتواجد أكثر بين المجرمين أصحاب الجنايات العنيفة كالقتل واطلقوا علية " جين المحاربين ".
بالطبع فإن عظمة هذا الاكتشاف تكمن فى ان قريبا سيصبح من السهل التحكم فى هذه الامراض الاجتماعية عن طريق عزل تلك الجينات ولكن يبقى السؤال الاقوى، هل نعُد هؤلاء الاشخاص مرضى ام مجرمين ؟
الأزمة الجينية
لقد اصبحت تلك القضية مثار أزمة فمن ناحية فهم مضطرون لذلك بحكم الجينات ومن ناحية اخرى يعارض الكثير من العلماء الأمر ويوضحون أن هناك الكثير من العوامل المتداخلة التى تقود إلى الاجرام والادمان ولا يقف الأمر عند الجينات وبالتالى فهم مسئولين عن افعالهم وتصرفاتهم.
بالطبع تبقى الأزمة أخلاقية بالدرجة الأولى ولكن قد يحتج البعض باعتبار أن تلك الجينات على غرار غيرها من الجينات على سبيل المثال جين سرطان الثدى فحين تظهر اعراض السرطان على الفرد لا نستطيع ان نلومه بل على العكس فإننا نبادر ونسرع بعلاجه، وبالقياس تتلافى مسئولية الشخص حامل جين المحاربين مثلا عن اعمالة. ولكننا نستطيع ان نحتج بالرأى الاخر القائل بان وجود جين سرطان الثدى ليس بالضرورة ان يتبعه إصابة الشخص بالسرطان ولكنه مُعرض بنسبة اكبر وبالتالى يمكن اعتبار حاملى جين المحاربين مسئولين عن افعالهم.
وهنا يكمن الجدل، فيجوز الرد باعتبار ان مسار اى شخص حامل لجينات الادمان أو جينات المحاربين يمكن اعتباره كمسار حامل جين سرطان الثدى وان لحظة التحول إلى مجرم يمكن اعتبارها كنقطة ولحظة إكتشاف اول بؤرة سرطانية وبالتالى كلاهما برى من الذنب، اذا ً يبقى الصراع بين المؤيدين والمعارضين قائما ً إلى الان.
من الملوم
بالطبع لا يمكننا ان نلوم الجينات على كل شى وإلا فلماذا يحاسبنا الله اذا كنا اساسا ً مُجرمين بالوراثة - وهنا تظهر الأزمة الأخلاقية الدينية - ولكن يبقى الواضح والجلى فى الأمر أن التربية والتنشئة والظروف الاجتماعية هى المحرك الأول والاساسى لتلك الجينات، ومن ثم فإن الملام الاول والاخير هو المجتمع.
فعلى المجتمع ان يعبأ بدورة فى تحسين البيئة والظروف الاجتماعية لمحو تلك الاثار - الجينية - والعمل على ضبطها والسيطرة عليها لنحيا فى عالم خالى من الإجرام والانحرافات السلوكية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة